نشأة القانون
القانون00 هو مجموعة القواعد العامة المجردة الملزمة التي تسنها الدول أو تأمر بتطبيقها والمصحوبة بجزاء حال ومادي توقعه السلطة العامة عند مخالفة هذه القو
الأول : المرحلة الأولى لنظام التجريم والعقاب مجتمعات القنص والالتقاط :-
أولا العلاقات داخل الجماعة فكرة التابو أو التحريم الغيبي :-
كان الإنسان الأول يعتقد أن العالم المحيط به خاضع في حركته لإرادة الأرواح ومشئيتها ، فالأرواح هي التي تدفع الإنسان إلى النوم وهي التي تبعثه إلى اليقظة ، وهي التي بين هذا وذاك تأتية بالأحلام وهي ايضا التي تأتي بالموت للإنسان ، وهي كذلك التي تسيطر على ظواهر الطبيعة كالأمطار والعواصف والشروق والغروب والقيظ والصقيع .
وقد درج العلماء على استخدام كلمة التابو للدلالة على معايير التجريم في المجتمعات البدائية أي ما يعتقد أن الأرواح قد قامت بتجريمه وكلمة تابو هي كلمة بولينيزية من جنوب شرق أسيا تعني التجريم القطعي .
ويعد التابو على هذا النحو أقدم الأشكال البدائية التي اتخذها معايير السلوك الاجتماعي في المجتمعات البدائية . وقد استقر في الأذهان أن التابو أي ماتنهى عنه الأرواح وهو أمر ملوث أن أنه يلوث من يرتكبه
والمخالفة الجسيمة للتابو لا تعرض الجاني وحده للأذى ولا تصيبه وحده بالنجاسة إذ أن هذا الأذى وتلك النجاسة كانا يلحقان بالجامعة كلها .
ثانيا : الاعتداء على اعضاء جماعة أخرى ( مبدأ التضامن ) :-
ساد مبدا التضامن بين اعضاء الجماعة الواحدة في مواجهة الجماعات الأخرى ذلك أن الحاق أذن بعضو من الجماعة بواسطة عضو جماعة أخرى أمر يتهدد الجماعة الأولى في قوتها البشرية مما يجعل جميع اعضائها متضامنين في الثار لعضو جماعتهم لدفع الخطر الذي احدق بهم .
كان مبدا الثأر والتضامن فيه هو الذي يحكم إذن العلاقة بين الجماعات المختلفة فلم يكن التابو ليحكم هذا النوع من العلاقات الخارجية إذ أن النهي الذي يأتي به التابو ذو أثر محلي فقط لا يمتد خارج الجماعة
وكان تحديد ما يعد اعتداء 00 وتحديد رد الفعل في حالة الاعتداء ( أي مدى الثار ومضمونه ) من الأمور المتروكة لمطلق تقدير جماعة المجني عليه . ولقد تمثل رد الفعل في ذلك الوقت في الثأر الذي ينصب على أعضاء جماعة الجاني ، وهو اثر غير محدد المقدار .
على أن الأمر لم يستمر على هذا الحال 00 إذ نظرا لما كان يؤدي اليه الافراط فى تناوب الآخذ بالثأر من مساس باحتمال بقاء الجماعة ذاتها فقد ظهرت بوادر نوع من التهذيب العقابي ، وساعد على ظهور وتقدم بوادر التهذيب العقابي ، التقدم الاقتصادي نحو مجتمعات الصيد ثم مجتمعات الرعي ومجتمعات الزراعة .
الثاني : التطور الاجتماعي وصور التصالح :-
أولا : خلع الجاني أو التخلي عنه :
إذ كانت الجماعة تعمد لتجنب انتقام جماعة المجني عليه إلى خلع الجاني منها والتخلي عنه وطرده خارجا عنها ، ومن هنا تضمن الجماعة إلى حد ما أن جماعة المجني عليه ستجد باحثه عن الجاني للنيل منه وحدهن ولا تتصدى جماعة الجاني عندئذ للدفاع عنه أو لحمايته .
إلا إن الجاني الذي تخلعه جماعته أو تتخلى عنه قد ينجح في الهروب من جماعة المجني عليه ، وهنا تعود جماعة المجني عليه إلى الكر على جماعة الجاني طلبا للثار .
ثالثا : القصاص :-
القصاص هو نوع من التهذيب للثار يظهر فيه مبدأ شخصية العقوبة ويراعى فيه ايضا بقدر ما التعادل بين الجريمة والعقوبة أي أن رد الفعل تجاه الجريمة لا ينال إلا الجاني وحده ومن ناحية ثانية فإن رد الفعل هذا لا يكون مطلق الحدود بل يكون مقيدا بدرجة جسامة الجرم الذي اتاه الجاني وقد أخذت الشرائع السماوية بنظام القصاص .
رابعا الدية :-
الدية هي مال يدفعه الجاني أو جماعته إلى المجني عليه أو جماعته يفتدى به الجاني نفسه عما ارتكبه من جرم . وبديهي أن المجتمعات الإنسانية لم تتوصل إلى مفهوم الدية إلا بعدما بزغت فكرة المال ، وأصبح هذا المال قابلا لأن يجبر الإضرار التي تقع على النفس ولأن المال في هذه المجتمعات كان قليلا قد لا يعوض جماعة المجني عليه عما لحق بها من خسارة فقد كانت الدية في ذلك الوقت اختيارية لجماعة المجني عليه أن تقبلها فتحسم النزاع ، ولها أن ترفضها فتعود إلى طريق الثار وكان جماعة الجاني تتضامن في دفع الدية .
وبانتقال المجتمع إلى مرحلة الرعي ازدادت الثروة وتكاثرت في قطعان الماشية ، وتحولت الدية من مجرد دية اختيارية أهل إلى دية الاجبارية يرغمون على قبولها ويمتنع عليهم بذلك الأخذ بالثأر .
والدية الإجبارية على عكس الدية الاختيارية لا يترك تقديرها لمحض اختيار طرفى النزاع ، بل إنه قد نشأ نوع من العرف على تقنينها وتحديدها .
الثالث : نظام التجريم والعقاب مع نشأة الملكية الخاصة والطبقات الاجتماعية :-
أدى التوصل للملكية الخاصة للمنقول ابتداء من مجتمعات الرعي ورسوخ مفهموم هذه الملكية فى مجتمعات الزراعة المتقدمة 000 إلا أن جرائم الأموال أخذت تحتل مكانها البارز في التجريم والعقاب وفي مجتمعات الرعى00 لم تكن ثمة عقوبة على السرقات البسيطة ولكن العقوبة كانت تفرض إذا انصبت السرقة على قطعان الماشية .
أما في مجتمعات الزراعة الراقية فالأمر جد مختلف إذ تكاثرت الأموال لدى طبقة الأغنياء وتعيين حماية الثروة من أن تلتهمها أفواه الجائعين .
ويقد لنا قانون حمورابي مثالا واضحا00 على ارتفاع مكانة جرائم الأموال ومدى الخطورة الى اصبحت تكتسبها في مجتمعات الزراعة إذا أفردت المجموعة نصوصا عديدة لجرائم الأموال ولا تأتي جرائم الأشخاص إلا في نهايتها .
وتعاقب شريعة بني أسرائيل00 على سرقة الماشية بالدية من اربعة إلى خمسة امثال ما سرق ويجوز قتل اللص .
وتعاقب قواين صولون على السرقة البسيطة بغرامة عشرة الأمثال . ويعاقب السارق في الهند بالاعدام أو الانتحار ، وقد احتفظ قانون مانو بالعقوبة القاسية على سرقة الاشياء الثمينة فجعل هذه العقوبة تتراوح بين قطع اليد والموت .