نطاق تطبيق اتفاقية وارسو

النقل الخاضع للاتفاقية :-
تنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من اتفاقية وارسو على أن تسري الاتفاقية الحالية على كل نقل دولي للأشخاص أو الأمتعة أو البضائع على متن طائرة بمقابل وتسري على النقل المجاني على متن طائرة متى قامت به منشأة نقل جوي .
المطلب الأول : النقل بواسطة طائرة :-
أهمية تعريف الطائرة :-
اشترطت اتفاقية وارسو لانطباق احكامها أن يتم النقل بواسطة طائرة وهذا امر منطقي بل وبدهي لأن الاتفاقية مرصودة للنقل الجوي فلا تمتد احكامها لتغطية انواع النقل الأخرى حتى ولو اتفق في عقد النقل على ذلك بل أكثر من ذلك يؤدي تخلف هذا الشرط إلى الخروج كلية من مجال القانون الجوي والدخول في نطاق فرع أخر من فروع القانون
ولكن ما المقصود بالطائرة ؟ الإجابة على هذا التساؤل على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لأطراف عقد النقل من ناحية وفيما يتعلق بتحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق من ناحية أخرى فقد يكون لأطراف عقد النقل مصلحة أكيدة في التمسك باضفاء وصف الطائرة على أداء النقل أو في نفيه عنها فبرغم الناقل مثلا أن أداء النقل طائرة حتى يستفيد من قواعد درء المسئولية وتحديد التعويض المنصوص عليها في الاتفاقية بينما يدعي المسافر انتفاء هذا الوصف عن تلك الأداة ليخرج النقل من نطاق الاتفاقية بهدف تطبيق قانون وطني يمنع شروط تحديد التعويض .
كما تظهر كذلك من حيث تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق الأهمية القصوى لبيان المقصود بالطائرة بالنظر للمستحدثات التكنولوجية التي تفنقت عنها عبقرية العقل البشري والمتمثلة في تلك الآداء الجديد المستعملة في النقل والتي يطلق عليها المركبة الزاحفة . وهي تشبه الطائرة من بعض الوجوه والسفينة من بعض وجوه اخرى وينمو استخدامها يوما بعد يوم لدرجة يتوقع معها ان تكون منافسا قويا للطائرات والسفن في مجال نقل الركاب والبضائع .
ولقد تأثر المشرع المصري في قانون الطيران المدني رقم 28 لسنة 1981 بالتعديل الذي أدخلته منظمة الطيران المدني الدولي على الملحق رقم 7 من تفاقية شيكاغو الخاص بتعريف الطائرة فقضي في الفقرة السابعة من المادة الأولى من القانون المشار اليه بأن الطائرة هي00 أي آلة في استطاعتها أن تستمد بقاءها في الجو من ردود فعل الهواء غير المنعكسة من سطح الأرض وتشمل كافة المركبات الهوائية مثل المناطيد والبالونات والطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمتحركة وما إلى ذلك .
ويبن من هذا التعريف أن هناك شرطين ينبغي توفرهما لاعتبار المركبة طائرة :-
الأول:- أن يكون رد فعل الهواء هو العامل الرئيسي لبقاء الآلة في الجو فينتفي عن الآلة وصف الطائرة إذا كان رد فعل الهواء عاملا ثانوينا لبقائها في الجو كما هو الشأن بالنسبة للصورايخ ومركبات الفضاء
والثاني ألا يكون رد فعل الهواء منعكسا من سطح الأرض بمعناها الواسع الذي يشمل اليابسة والماء ومن ثم تخرج المركبة الزاحفة أو ذات الوسادة الهوائية من عداد الطائرات لأن ارتفاعها أثناء سيرها سببه رد فعل الهواء تدفعه من محركاتها رأسيا على سطح الأرض .
وبناء على ما تقدم لا يخضع لاتفاقية وارسو إذا ما عرض النزاع على القاضي المصري النقل الذي سيتم بواسطة مركبات الفضاء والمركبات الزاحفة أو ذات الوسادة الهوائية لأنه ليس نقل جويا لانتفاء وصف الطائرة عن الوسيلة المستعملة في تنفيذه .
المطلب الثاني : وجود عقد نقل :-
التغير المكاني الغرض الأساسي للعقد :-
لا يكفي لتطبيق اتفاقية وارسو أن يكون النقل على متن طائرة بل ينبغي أن يكون الغرض الأساسي من الاتفاق المبرم بين الناقل وذوي الشأن هو التغيير المكاني للأشخاص أو الامتعة أو البضائع أي أن يوجد عقد نقل ولم تنص الاتفاقية على هذا الشرط صراحة ولكنه يستفاد من مصطلح بمقابل ومن عبارة بحسب اتفاق الطرفين الورادتين في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الاولى من الاتفاقية .
ويتحمل هذا الشرط إلى عنصرين الاول :- وهو وجود عقد أي اتفاق مبرم بين الطراف الناقل من جهة والراكب أو الشاحن من جهة أخرى ومن ثم لا تنطبق أحكام الاتفاقية لغياب العقد على النقل الذي يتم في غفلة من الناقل كما لو تسلل أحد الأشخاص إلى داخل الطائرة وأقلت وهو على متنها بل يخضع للقانون الوطني الواجب التطبيق والثاني هو ضرورة أن يكون العقد عقد نقل بمعنى أن الغرض الرئيسي منه وهو التغير المكاني أي الانتقال من نقطة إلى أخرى فإذا كان محل العقد شيئا آخر وكان التغيير المكاني عملية عرضية او ثانوية يقتضيها تنفيذ العقد فلا يعتبر العقد عقد نقل ولا يخضع بالتالي للاتفاقية ومثال ذلك عقد التدريب على نقل ولا يخضع بالتالي للاتفاقية ومثال ذلك عقد التدريب على فن قيادة الطائرات المبرم بين نوادي الطيران وطالبي التدريب وعقد العمل المبرم بين الناقل الجوي وطاقم القيادة والخدمة الذي يقوم بعملية الطيران ويسهر على راحة المسافرين.
المطلب الثالث:- محل العقد نقل الأشخاص والأمتعة والبضائع
نقل جثث الموتى :-
لا يكفي فقط لتطبيق الاتفاقية أن يكون هناك عقد نقل بواسطة الطائرة بل يجب كذلك أن يرد محل العقد على نقل الأشخاص والأمتعة والبضائع وهذا الشرط نصت عليه الاتفاقية صراحة في الفقرة الأولى من مادتها الأولى بقولها كل نقل دولي للأشخاص إمكان ادخال الجثة في عداد الركاب أو الأمتعة أو البضاعة . ويثير هذا الشرط مشكلة جثث الموتى وهل يخضع نقلها لاحكام اتفاقية وارسو من عدمه ؟
يرى العلامة روديير ان جثث الموتى تعتبر من قبيل البضاعه ويسوق تبريرا لراية الحجج التالية اولا ان اجره نقلها تحدد بنفس الطريقة التى تقدر بها اجرة نقل البضاعة ثانيا اذا كان المؤلم تسوية الجثة بالبضاعة فليس اقل ايلام كذلك من تسوية الحيوانات بالبضاعة . ثالثا ان الشروط العامة للنقل بالسكة الحديدية تضع جثث الموتى تحت مسى " البضاعة " .
ولقد اعتنق وجهة النظر هذه التشريع السويسري الخاص بالنقل الجوي والصادر في الثالث من اكتوبر عام 1952 حيث تنص المادة الأولى منه في فقرتها الأخيرة على أن البضاعة تشمل كذلك الحيوانات الحية وجثث الموتى .
أما القضاء ففي القضايا التي عرضت عليه ذهبت المحاكم الأمريكية إلى مساواة رفات الموتى بالبضاعة ومعاملتها على هذا الأساس وقامت باخضاع نقلها إلى أحكام اتفاق4ية وارسو المتعلقة بنقل البضائع لكن القضاء الفرنسي يميل إلى غير ذلك بالنظر إلى خروج جسد الإنسان ورفاته لاعتبارات تتعلق بالنظام العام عن دائرة التعامل .
وفي اعتقادنا أن السبب الكامن وراء التباين في تكييف تصنيف جثة الميت وهو الاختلاف في المعنى بين لفظ الوارد في النص الرسمي الفرنسي وبين لفظ الوارد بالترجمة الإنجليزية غير الرسمية للفظ الفرنسي
نحن نميل إلى ما ذهب اليه القضاء الفرنسي من عدم تشبيه نقل جثث لموتى بنقل البضاعة لأنه الأكثر اتساقا مع المعنى المقصود من كلمة الواردة بالنص الرسمي الفرنسي للاتفاقية والبيروتوكول المعدل لها فمن المعروف أه إذا ما ثار الخلاف واحتدم الحل حول تحديد مدلول عبارات اتفاقية وارسو أو أي من البروتوكولات المعدلة لها في أي من اللغات المترجمة اليها بل حتى في ظل وجود نصوص رسمية أخرى لها باللغة الإنجليزية والأسبانية يكون النص الفرنسي لاتفاقية وارسو وحدة حجة بما ورد فيه .
المطلب الرابع : الصفة الدولية للنقل :-
مفهوم النقل الجوي الدولي طبقا للاتفاقية :-
رغم اصطباغ النقل الجوي الذي يتجاوز تنفيذه الحدود الإقليمية للدولة بالصبغة الدولية إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة خضوعه لأحكام اتفاقية وارسو أنما ينبغي لصيرورته كذلك أن يكون النقل دوليا بالمعنى الذي حددته الاتفاقية إذا حرصت هذه الأخيرة على بيان المقصود بالصفة الدولية على نحو منضبط حتى لا يكون تحديد هذه الصفة محلا لتفسيرات قضائية متضاربة أو لاجتهادات فقهية مختلفة كما حدث في شأن تفسير نطاق تطبيق معاهدة سندات الشحن لعام 1924 في مجال نقل البضائع بحرا
ويخضع النقل للصفة الدولية لاحكام الاتفاقية فى حالتين :-
الحالة الأولى : وقوع النقل بين طرفين ساميين متعاقدين في الاتفاقية :-
يجب لكي يعتبر النقل دوليا في هذه الحالة أن يتم بين دولتين كل منهما طرف سام متعاقد بمعى أن تكون نقطتا القيام والوصول في إقليم دولتين اطراف في الاتفاقية فإن كانت احداهما في دولة طرف في الاتفاقية دون الأخرى يفقد النقل طابعه الدولي كما حددته الاتفاقية ويخرج من نطاق تطبيقها غير أنه يظل دوليا بالمعنى الجغرافي ويختص به حينئذ القانون الذي نشير اليه قاعدة الإسناد في قانون المحكمة المختصة بالفصل في النزاع
الحالة الثانية النقل بين نقطتين واقعتين في اقليم احد الأطراف السامية المتعاقدة :-
يعد كذلك دوليا في عرف الاتفاقية النقل الذي يتم بين نقطتين في إقليم خاضع لدولة طرف سام متعاقد شريطة أن ينص على رسو جوي في اقليم دولة أخرى حتى لم تكن طرفا في الاتفاقية والحكمة من تقرير خضوع النقل في هذه الحالة للاتفاقية ترجع إلى ما قد يثره تنفيذه الذي يشترط فيه تخطي الطائرة للحدود الإقليمية للدولة من تنازع بين القوانين التي قد تحكم ما ينشا عنه من علاقات قانونية وذلك التنازع الذي ما وضعت الاتفاقية إلا للقضاء عليه تحقيقا لاستقرار المراكز القانونية .
وجدير بالذكر ان المقصود بالرسو المنصوص عليه هو المحطة التي يكون من حق الناقل الهبوط فيها في المرحلة ما بين نقطتي القيام والوصول ولا يهيم ما إذا كان الرسو لأسباب فنية كالتزويد بالوقود مثلا أو لأسباب تجارية كأخذ او انزال ركاب او شحن أو تفريغ بضائع أو بريد كما لا يشترط أن يكون الرسو على إقليم دولة أخرى .
وبناء على ما تقدم لا يعد دوليا بمفهوم الاتفاقية وبالتالي لا نحلقه احكامها النقل الذي يتم بين نقطتين تقعان داخل إقليم دولة متعاقدة دون النص على رسو جوي في إقليم دولة أخرى حتى ولو عبرت الطائرة في رحلتها بين نقطتي القيام والوصول أجواء دولة أجنبية أو حلقت فوق أعالي البحار .
والحكمة من الخضوع للقانون الوطني مفهومه إذا يعتبر النقل في هذه الحالة نقلا داخليا لا يثير أي مشكلة تنازع القوانين ومن ثم فلا حاجة إلى مد نطاق تطبيق الاتفاقية عليه
توقف الصفة الدولية للنقل على اتفاق طرفى العقد :-
يجب لتحديد نقطتي القيام والوصول وبالتالي الصفة الدولية للنقل بالمفهوم الذي قصدته الاتفاقية الرجوع إلى عقد النقل نفسه إذا العبرة بما اتفق عليه اطراف العقد بغض النظر عما تم تنفيذه فعلا فإذا وقعت نقطتا القيام والوصول المتفق عليهما في اقليم دولتين طرفين في الاتفاقية اعتبر النقل دوليا في عرفها وخضع لأحكامها حتى ولو توقفت الرحلة لسبب أو لآخر قبل أن تغادر الطائرة إقليم دولة القيام كوقوع حادث لها قبل تخطيها لحدود هذه الدولة مثلا وإذا كانت نقطتا القيام والوصول المتفق عليهما واقعتين في اقليم دولة واحدو ولم يتفق المتعاقدان على حصول رسو جوي في اقليم خاضع لسيادة دولة اخرى خرج هذا النقل من نطاق اتفاقية وارسو لعدم توفر شروط تطبيقها ولا يتغير هذا الحكم حتى ولو طرأت ظروف من شأنها لو أنها كانت موجودة من قبل أن تخلع على هذا النقل الصفة الدولية بالمفهوم الذي حددته الاتفاقية وتخضعه بالتالي لاحكامها .
توقف الصفة الدولية على وحدة عملية النقل :-
وإذا كانت الصفة الدولية للنقل بمفهوم الاتفاقية تتوقف على إرادة اطراف عقد النقل فإنها تتوقف كذلك على ما إذا كان الأطراف ينظرون إلى النقل بين نقطتي القيام والوصول المتفق عليهما على أنه عملية واحدة أم عمليات متعددة ويثير هذا المبدأ مشكلة مدى خضوع النقل ذهابا وايابا أو ما درج العمل على تسمينه بالرحلة الدائرية وكذلك النقل المتتابع أو المتعاق5ب لأحكام الاتفاقية .
أ - النقل ذهابا وايابا أو الرحلة الدائرية :-
قد يتفق أطراف عقد النقل الجوي على رحلة ذهابا وايابا من دولة طرف في الاتفاقية إلى دولة أخرى ليست طرفا فيها فما حكم هذا النقل وهل يخضع لأحكام الاتفاقية من عدمه . ؟
لا شك أن إجابة هذا التساؤل تتوقف عما إذا كانت إرادة أطراف العقد قد انصرفت إلى اعتبار هذا النقل بمثابة عملية واحدة أو عمليتين منفصليتين فإن كانت الاولى يخضع النقل للاتفاقية وإن كانت الثانية يخرج من نطاق تطبيقها ويحكمه القانون الوطن الذي نشير إليه قاعدة الاسناد في قانون المحكمة المختصة بنظر النزاع .
ولقد عرضت هذه المشكلة لأول مرة على حد علمنا على القضاء الإنجليزي في قضية جرين ضد شركة الخطوط الجوية الإمبراطورية وتتلخص الوقائع في قيام جرين برحلة على متن إحدى طائرات الشركة المدعي عليها ذهابا وايابا من لندن إلى بروكسل وفي رحلة الإياب لقي حتفه بسب كارثة حدثت للطائرة المقلة له ورغم أن المملكة البلجيكية لم تكن وقت رفع دعوى المسئولية على الشركة الناقلة طرفا ساميا في الاتفاقية قضت محكمة الاستئناف الإنجليزية بتطبيق اتفاقية وارسو على موضوع النزاع لكون النقل يتمتع بالصفة الدولة في مفهومها .
ولقي هذا الحكم معارضة من جانب بعض الفقهاء00 لعدم تمشية على حد تعبير الفقه مع قصد واضعي الاتفاقية ولمخالفته طبائع الأشياء إذ ليس من المعقول القول بأن النقل ذهابا وايابا بين باريس وانقرة وقضاء المسافر في هذه المدينة الاخيرة ما يربو على العام قبل رحلة العودة يعتبر بمثابة رحلة وااحدة بل إن هذا النقل يتضمن عملتين منفصلتين يغطيهما عقد نقل واحد عملية الذهاب من ناحية وعملية الاياب من ناحية اخرى
والنقد السالف رغم وجاهته لم يلتفت اليه القضاء في الدول المختلفة بل جرت احكام المحاكم فيها على الأخذ بما ذهبت اليه محكمة الاستئناف الإنجليزية من أن العبرة في كون النقل ذهابا وايابا رحلة واحدة من عدمه هو بما اتجهت اليه نية المتعاقدين وهذا النهج جدير في نظرنا لأنه يتفق والهدف من الاتفاقية أي مد نطاق تطبيق قواعدها الموجوندة بقدر المستطاع لتفادي مشاكل تنازع القوانين لو اعتبرنا النقل ذهابا وأيابا رحلتين او عمليتين منفصلتين يخضعا لقوانين الوطنية واجبة التطبيق .
ب – النقل المتتابع :-
ولإرادة اطراف عقد النقل دور مهم كذلك في معرفة ما إذا كان النقل المتتابع أي الذي يتولاء عدة ناقلين بالتناوب يخضع لأحكام اتفاقية وارسو من عدمه ولقد ابرزت الاتفاقية هذا الدور بنصها في الفقرة الثالثة من مادتها الأولى على أن النقل الذي يتولى تنفيذه عدة ناقلين جويين متتابعين يعتبر ف خصوص تطبيق هذه الاتفاقية نقلا واحدا إذا كانت ارادة المتعاقدين قد اتجهت إلى اعتباره عملية واحدة سواء أبرم الاتفاق بشأنه في عقد واحدة او في مجموعة من العقود ولا يفقد هذا النقل صفته الدولية لأن أحد العقود أو بعضا منها يتعين تنفيذه كاملا في اقليم خاضع لسيادة أو لإمارة أو لانتداب أو لسلطة طرف واحد من الأطراف السامية المتعاقدة .
ويتضح من ذلك النص أن خضوع النقل المتتابع لأحكام الاتفاقية مرهون بإجتماع عنصرين وتلازمهما في النقل ويتوقف وجودهما في نهاية المطاف وبصفة رئيسية على إرادة اطراف عقد النقل العنصر الأول ويتحصل في كون نقطتا القيام والوصول المتفق عليهما واقعين داخل اقليم دولتين طرفين في الاتفاقية أو داخل اقليم طرف واحد مع النص على رسو جوي أو اكثر في اقليم دولة أخرى ولا يهم شكل الاتفاق المحدد لهاتين النقطتين فيستوي أن يكون في صورة عقد احد أو عقود متعددة .
مفهوم الطرف السامي المتعاقد :-
لقد استقر فقه القانون الدولي العام منذ " بنكرشوك ، وميلي" على انه يقصد بالطرف السامي المتعاقد الدولة التي قامت بالتصديق على المعاهدة أو الانضمام اليها بل ولقد اصبح ذلك قاعدة من قواعد القانون الوضعي منذ أن رفض انقضاء الانجليزية في قضية الشهيرة تطبيق معاهدة اراجوان الموقعة في الثامن عشر من يوليو عام 1812 على النزاع الذي كان قائما بين السويد وبريطانيا العظمى بحجة أن هاتين الدولتين لم تكنا قد صدقتا على هذه المعاهدة وقت وقوع الحادث الذى أدى إلى قيام النزاع بينهما .
ولم يشذ قضاء معظم الدول في مجال النقل الجوي عن هذه القاعدة فاستوجب لاعتبار الدولة طرفا ساميا متعاقدا في اتفاقية وارسو تصديقها عليها أو انضمامها اليها غير أن مجلس اللوردات باعتباره أعلى درجات التقاضي في انجلترا رفض تطبيق هذا المبدأ في قضية فيليسون ضد شركة الخطوط الإمبراطورية وقضي بسريان احكام الاتفاقية على نقل جوي تم بين مدينتي لند وبروكسل على الرغم من عدم تصديق المملكة البلجيكية آنذاك على هذه الاتفاقية .
المطلب الخامس : الصفة المأجورة للنقل :-
تعريف المقابل :-
لا تنطبق الاتفاقية على كل أنواع النقل الذي يتمتع بالصفة الدولية في مفهومها بل ينحصر نطاقها كقاعدة عامة في نوع خاص هو النقل بمقابل ولقد نصت على ذلك صراحة وفي الفقرة الأولى من مادتها الأولى بقولها تسري الاتفاقية الحالية على كل نقل دولي للأشخاص أو الامتعة أو البضائع على متن طائرة بمقابل .
تلك هي القاعدة ومع ذلك استثنت الاتفاقية النقل المجاني الذي يقوم به ناقل محترف حيث اخضعته لأحكامها يستوي في ذلك أن يكون النقل المجاني على سبين المجاملة أو فيه مصلحة للناقل وهذا الاستثناء مقرر بوضوح في عجز الفقرة الأولى من المادة الاولى التي تقضي بسريان الاتفاقية على النقل المجاني على متن طائرة متى قامت به منشاة نقل جوي .
ولم تحدد الاتفاقية المقصود بالمقابل00 تاركة هذه المهمة لاجتهادات الفقه القضاء والرأي مستقر على أن المقابل ينبغي تفسيره على نحو موسع بحيث يشمل كل مزية مباشرة او غير مباشرة يحصل عليها الناقبل لقاء خدمة النقل سواء اتخذت شكلا نقديا أو عينيا أو صورة الالتزام بأداء عمل ومعرفة إذا كانت هذه المزية ترقى إلى مرتبة المقابل تعد من مسائل الواقع التي يترك امر تقديرها لمحكمة الموضوع حسب ظروف كل حالة على حدة .
وهذا التفسير جدير بالتأييد في نظرنا00 لأنه يعمل على التوفيق بين المفاهيم اللاتينية والانجلوسكسونية التي تختلف في تصوريرها لفكرة العقد فالنظام القانوني اللاتيني لا يتطلب لوجود العقد عنصر المقابل ومن ثم فإن فكرة العقد فيه متسعة تمتد لتشمل ليس فقط التصرفات القانونية بعوض بل وكذلك التصرفات القانونية التبرعية .
وتطبيقا لتفسير الموسع للمقابل تسري أحكام الاتفاقية على النقل بتذكرة سفر مجانية سلمت لأحد تابعي الناقل إذا كانت هذه التذكرة من حقه وفقا لعقد العمل الذي يربطه بالناقل تأسيسا على أن النقل في هذه الحالة ليس مجانية بل هو جزء من أجرة التابع وحكم بسريانها كذلك على النقل الذي يقوم به الموكل على طائرته الخاصة لأحد محامية للدفاع عنه في مكان الوصول لكونه نقلا في مصلحة الطرفين مما يجعله بمقابل
واخضاع النقل المجاني على سبيل المجاملة الذي يباشرة الناقل المحترف أي منشأة للنقل الجوي لأحكام المعاهدة أمر مفهوم لسببين:- الأول أن هذا النقل على ندرته غالبا ما يكون بقصد الدعاية والترويح للمنشاة كنقل شخصية مرموقة أو فنان مشهور مما يزيد من عملاء هذه المنشأة فهو إذا نقل تجاري الثاني أن هذا الاخضاع قصد به توحيد القواعد القانونية المطبقة على منشآت النقل الجوي ومنع تلاعب الناقل الجوي ومحاولته الإفلات من نصوص الاتفاقية عن طريق تصوير النقل على أنه بالمجان .




Alladin.net


المزيد من المقالات

ما المقصود بالقانون الجوي

ما المقصود بالقانون الجوي

يميل الكثير من الشراح تقليديا بوضع تعريف مبني 00على التحديد الضيق لمجال القانون الجوي ولكن هذا النوع من التعريف إذا كان به ميزته في استبعاد المجالا

المزيد
الطائرة

الطائرة

تعريف الطائرة :- لقد تعرضت معاهدة باريس (13 أكتوبر 1919 ) لوضع تعريف للطائرة بان نصت في الملحق أ بان الطائرة هي كل جهاز يستطيع البقاء في الجو ا

المزيد