النباتات الطبية والعطرية



من كتاب التداوي بالأعشاب للدكتور أمين رويحة . تاريخ التطبيب بالأعشاب قديم جدا يرجع إلى العصور الأولى من التاريخ. فبعض المحفوظات من أوراق البردي وقبور الفراعنة، دلت على أن الكهنة في ذلك الوقت، كان عندهم معلومات كثيرة بأسرار الأعشاب والتداوي بها، حتى أن البعض من هذه الأعشاب الشافية وجد بين ما احتوته قبور الفراعنة من تحف واثار. كذلك هنالك ما يثبت ان قدماء الهنود قد مارسوا، كقدماء المصريين هذه المهنة أيضا، وحذقوا بها، ومنهم (سرسروتا Susruta) . ثم جاء بعد ذلك قدماء حكماء اليونان ووضعوا المؤلفات عن التداوي بالأعشاب في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، وأشهرهم في هذا المضمار (هيبوقراط) و (تيوفراستوس) و (ديسكوريدس) و (بلينوس)  و (كالينوس) .وظلت مؤلفات هؤلاء عن التداوي بالأعشاب المصدر الأساسي لهذا العلم، حتى جاء بعدهم من الأطباء العرب من اخذ العلم عنهم، وزاد عليه وتوسع فيه بتجارب جديدة وفى مقدمتهم (ابن سينا) والرازي) . وفى القرن الثاني عشر احتكر الرهبان في أوروبا مهنة التداوي بالأعشاب وزراعتها وأشهرهم الراهبة (القديسة هيلديكارد) ومؤلفها الذي سمته ((الفيزياء Physika) كتاب مشهور. وفتح العرب للأندلس خدم طب الأعشاب في أوروبا، بأن زودها بالكثير من معلومات الأطباء العرب، وأعشاب الشرق، كما أن الحروب الصليبية كانت كذلك بالنسبة للشرق.

 وازدهر هذا العلم كثيرا بعد اكتشاف أميركا وما فيها من كنوز كثيرة من الأعشاب الطبية. وبعد اكتشاف الطباعة في القرن الخامس عشر كثرت المؤلفات عن التداوي بالأعشاب، وعم انتشار هذه المؤلفات بحيث كانت إلى جانب الإنجيل الكريم لا يخلو منها بيت من البيوت في أوروبا. وقد ظل التداوي بالأعشاب حتى ذلك التاريخ مستندا إلى التجارب والنتائج فقط دون الاهتمام بالبحث العلمي عن موادها الشافية أو طرق تأثيرها في جسم المريض. وكان الأطباء يمارسون مهنة جمع الأعشاب، وتحضير الدواء منها بأنفسهم حتى سنة (1224) حيث افتتحت أول صيدلية في العالم في إيطاليا، وأصدر القيصر فيها مرسوما خاصا، يحصر مهمة تحضير الأدوية من الأعشاب بالصيادلة فقط، على أن يبقى الطبيب مهمة تحديد مقدار ما يجب ان يستعمل منها ممزوجا، وكيفية استعمالها. وبعد ان ازدهرت الكيمياء في بداية القرن التاسع عشر، وصار باستطاعتها تحليل الأعشاب لمعرفة المواد الفعالة فيها، واستخراجها أو تركيبها كيماويا من مصادر كيماوية أخرى، بدأ التداوي بالأعشاب ينطوي في عالم الاهمال ليحل مكانه التداوي بالمساحيق والأقراص والأشربة الخ. . المستخلصة من الاجزاء الفعالة في الأعشاب أو من المواد الكيماوية غير العضوية. وكان من المأمول ان تكون هذه الأدوية (الصناعية) أحسن فعالية من الأعشاب لأنها خلاصة المواد الفعالة فيها، ولكن التجارب أثبتت فيما بعد أن ما في صيدلية الله من أعشاب أحسن فعالية مما في الصيدليات من انتاج المصانع الكيماوية.
فالجسم البشرى أو الحيواني ليس كالآلة التي تحتاج مثلا للزيت والنفط لتدور وينتظم عمل كل جزء فيها، فالمخلوق الحي مكون من أحشاء وأعضاء مرتبطة بعضها بالبعض الآخر.فإذا أصيب عضو منها بمرض لا يظل تأثيره مقتصرا عليه، بل إن الأعضاء وأجزاء الجسم الأخرى، أي الجسم كله، يصاب بخلل في جميع أعماله العضوية والنفسانية.والمواد الشافية في الأعشاب لا تنفرد بجزء واحد له علاقة خاصة بجزء خاص في الجسم، دون ان يكون له تأثير آخر في غيره - كما هو الحال في الأدوية الصناعية في الصيدليات، بل إن يد الخالق جمعتها في عشبة واحدة بمزيج يستحيل على الانسان أو مصانعه ان تأتى بمثله.ولذلك كانت العشبة الواحدة تحوي من المواد الفعالة الشافية ما يجعلها مفيدة في مداواة أمراض مختلفة، ولو تغيرت طرق استعمالها بما يقتضيه المرض المعالج.

وتمثل النباتات الطبية والعطرية دخلا قوميا كبيرا لعدد محدود من الدول على مستوى العالم، أهمها الصين والهند، تلك النباتات التي تدخل في صناعة الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل، والأغذية، والمبيدات، والتي تمثل أملًا حقيقيا لدعم الاقتصاد لمن يبحث عن مستقبل واعد، خاصة مع ازدياد التوجه العالمي الحديث للتحول إلى كل ما هو طبيعي.

وتتعدد المجالات التي يمكن أن يستخدم بها النباتات الطبية والعطرية أهمها: استخراج الأدوية، وإنتاج الزيوت الثابتة والطّيارة، وتحضير مساحيق التجميل وكريمات الشعر، واستخلاص العطور، كما تستخدم كمضادات أكسدة و مضادات للميكروبات، حيث تعمل على إطالة فترة حفظ الأغذية.  




Alladin.net

أعلانات مدفوعه