الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ >>
قصائدأبوالعلاء المعري
يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ
أبوالعلاء المعري
- يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ
- مُهَجُ الأنامِ، وعَقلُهم، فِيفلُّهُ
- ويَظَلُّ يَنظرُ، ما سَناهُ بنافعٍ،
- كالشّمسِ يَسترُها الغَمامُ وظِلّه
- حتى إذا حَضَرَ الحِمامُ، تَبَيّنوا
- أنّ الذي فَعَلوهُ جَهلٌ كلّه
- والعقلُ في مَعنى العِقالِ ولَفظِهِ
- فالخَيرُ يَعقلُ، والسّفاهُ يحلّه
- وتَغرّبُ الشرّيرِ يُوجبُ حَتفَهُ،
- مثلُ الوِجارِ، إذا تَسَحّبَ صِلّه
- ولزومُهُ الأوطانَ أبقَى للرّدَى،
- كالسِّيد يُسترُ، في الضّراءِ، أزلّه
- والنّفسُ آِلفَةُ الحَياةِ، فدَمعُها
- يجري، لذكرِ فِراقِها، مُنْهَلّه
- ما خُلّةٌ بأغرّ منها، والفتى
- يَبكي، إذا ركبَ الصّريمةَ خِلّه
- لا تُحجَزُ الأقدارُ، وهيَ كثيرةٌ،
- كالغَيثِ وابِلُهُ يَصُوبُ وطَلّه
- ومن الجنودِ، على الكميّ، جَوادُهُ،
- وحُسامُهُ، وسِنانُهُ، ومِتَلّه
- ميّزْ، إذا انكَلّ الغَمامُ، وميضَه،
- فالبرقُ يُخبرُ أينَ يَسْقُطُ كلّه
- ولقدْ علمتُ، فما أسفتُ لفائتٍ،
- أنّ البَقيّةَ من مدايَ أقَلّه
- والبَرُّ يلتَمسُ الحَلالَ، ولم أجِدْ
- هذا الورى، إلاّ فقيداً حِلّه
- يُمسي، وقد ملّ البَقاءَ، ويَغتَدي،
- وله رَجاءٌ فيهِ ليسَ يَمَلّه
- فاحفظْ أخاكَ، وإنْ تَبَيّنَ أنّهُ
- بالي الوَدادِ، ضَعيفُهُ مُختَلّه
- فالغِمدُ يذعَرُ، في اللّقاءِ، كَهامُه؛
- والسيف لم يُبدِ الخَبيئَةَ سَلّه
- والبُرْدُ يكفيكَ العيونَ دريسُه
- والعُضوُ يَنفَعُ، في الخطوبِ، أشلّه
- والعمرُ لا يَدري الحَكيمُ: أكُثْرهُ
- خيرٌ له متغبَّراً، أم قُلّه
- لا تَهزأنْ بالشّيخ، كم من ليلَةٍ
- جازَتْ به كالبَدرِ، يحسنُ دَلّه
- أيّامَ يُهتَكُ، في البطالةِ، سترُه،
- كالطِّرْفِ مُزّقَ، في التمرّحِ، جُلّه
- شرُّ الزّمانِ زمانُ أشيَبَ دالفٍ،
- وصِباهُ أنفَسُ وقتهِ وأجَلّه
- ما لي! أيَفهمُ سامعيّ نَصيحتي،
- فأبِيت أنهَلُ مُصغِياً، وأعُلّه؟
- يجري بفارِسِهِ الطِّمِرُّ مُؤجَّلاً،
- وإذا انقضى أجلٌ، فليس يُقِلّه
- والفَقرُ بَكرٌ تَرْتقيهِ شَذاتُهُ؛
- واليُسرُ عَوْدٌ ما تَسَوّرَ عَلّه
- أجتابُ شَهراً أوّلاً؛ فأُبيدُهُ،
- ويجيءُ ثانٍ، بعدَهُ، فأُهِلّه
- يُمسي، على حدّ المُهَنّدِ، أخمَصي،
- فترى اليَسيرَ من، من الأمورِ، يُزلّه
- والنّاس جائرُ مسلكٍ مُسترشدٌ،
- وأخٌ، على غيرِ الطّريقِ، يدلّه
المزيد...
العصور الأدبيه