الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا،
أبوالعلاء المعري
- هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا،
- إذا هو جاءَ الخيرَ لم يَعْدَمِ الشرّا
- وهل تظفَرُ الدّنيا عليّ بمِنّةٍ،
- وما ساءَ فيها النّفسَ أضْعافُ ما سرّا
- يُلاقي حليفُ العيشِ ما هوَ كارِهٌ،
- ولو لم يكُنْ إلاّ الهواجرَ والقُرّا
- نوائبُ منها عمّتِ الكهلَ، والفتى،
- وطفلَ الوَرى، والشيخَ، والعبدَ، والحرّا
- إذا وُصلَتْ، بالجسم، رُوحٌ، فإنّها
- وجُثمانها تَصلَى الشّدائدَ والضّرّا
- بدا فرحٌ مِنْ مُعْرِسٍ، أفما درى
- بما اختارَ مِنْ سُوءِ الفِعالِ، وما جرّا؟
- سعَى آدَمُ جَدُّ البريةِ في أذًى
- لذرّيّةٍ، في ظهْرِه، تُشبِهُ الذَّرّا
- تلا النّاسُ، في النّكراءِ، نهجَ أبيهمُ،
- وغُرَّ بنُوهُ، في الحياةِ، كما غُرّا
- يقولُ الغُواةُ: الخِضرُ حيٌّ، عليهِمُ
- عفاءٌ، نعم ليلٌ، منَ الفتنِ، اخضرّا
- ولو صدقُوا، ما انفَكّ في شرّ حالةٍ
- يُعاني بها الأسفارَ، أشعَثَ، مُغبرّا
- ولكنّ مَنْ أعطاهُمُ الخبرَ افترى،
- وأُلفيَ مثلَ السيِّد، أجمَعَ وافترّا
- جَنى قائلٌ بالمَينِ، يطلُبُ ثروةً،
- ويُعذَرُ فيهِ مَنْ تَكَذّبَ مَضطرّا
- خُذا الآنَ فيما نحنُ فيهِ، وخلّيا
- غداً، فهو لم يَقْدُمْ، وأمسِ، فقد مرّا
- لنفْسيَ ما أطْعَمْتُ، لم يَدْرِ آكلٌ،
- سوايَ، أحُلْواً، جازَ في الفم، أم مُرّا
- ومن شِيَمِ الإنس العُقُوقُ، وجاهلٌ
- مُحاوِلُ بِرٍّ عندَ مَنْ أكلَ البُرّا
- عجبتُ لهذي الشّمسِ، يمضي نهارُنا،
- إذا غَرَبَتْ، حتى إذا طَلَعتْ كَرّا
- لها ناظِرٌ لم يَدْرِ ما سِنَةُ الكَرى،
- ولا ذُرّ، مُذ قالَ المليكُ له: ذُرّا
- وساعاتُنا، كالخيل، تجري إلى مدًى،
- حوالكَ، دُهماً، لا محجَّلةً، غُرّا
- نعيمٌ طما عند امرىءٍ، ومسخَّرٌ
- له، بمجالِ الحُوتِ يلتمِسُ الدُّرّا
- سوايَ الذي أرْعى السّوامَ، وساقَه،
- وبالجَدّ، لا بالسّعيِ، أحتلبُ الدَّرّا
- ومن ذا الذي يَنضو لِباسَ بَقائِهِ
- نَقيَّ بياضٍ، لم يُدَنِّسْ له زِرّا؟
المزيد...
العصور الأدبيه