الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني >>
قصائدأبوالعلاء المعري
غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني
أبوالعلاء المعري
- غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني
- لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصحائحِ
- فلا تأكُلْن ما أخرجَ الماء، ظالماً،
- ولا تبغِ قوتاً من غريض الذّبائحِ
- وأبيَضَ أُمّاتٍ، أرادتْ صريحَه
- لأطفالها، دون الغواني الصّرائح
- ولا تفجَعَنّ الطّيرَ، وهيَ غوافلٌ،
- بما وضعتْ، فالظّلمُ شرُّ القبائح
- ودعْ ضرَبَ النّحل، الذي بكَرت له،
- كواسِبَ منْ أزهارِ نبتٍ فوائح
- فما أحرزَته كي يكونَ لغيرِها،
- ولا جمَعَتْهُ للنّدى والمنائح
- مسحْتُ يدي من كلّ هذا، فليتني
- أبَهْتُ لشأني، قبل شيب المسائح
- بَني زمني، هل تعلمون سرائراً،
- علمتُ، ولكني بها غيرُ بائح؟
- سريتمْ على غَيٍّ، فهلاّ اهتدَيتمُ
- بما خيّرَتْكُمْ صافياتُ القرائح
- وصاحَ بكم داعي الضّلال، فما لكم
- أجَبتمْ، على ما خيّلتْ، كلَّ صائح؟
- متى ما كشَفْتمْ عن حقائقِ دِينِكمْ،
- تكشّفتمُ عن مُخزياتِ الفضائح
- فإن تَرشُدوا لا تخضبوا السّيفَ من دمٍ،
- ولا تُلزِموا الأميالَ سَبرَ الجرائح
- ويُعجبني دأبُ الذينَ ترهَبوا،
- سوى أكلِهمْ كدَّ النفوسِ الشّحائح
- وأطيبُ منهم مطعماً، في حياته،
- سُعاةُ حلالٍ، بين غادٍ ورائح
- فما حبسَ النّفسَ المسيحُ تعبُّداً،
- ولكن مشى، في الأرض، مِشيةَ سائح
- يغيّبُني، في التُّربِ، من هو كارهُ،
- إذا لم يغيّبْني كَريهُ الرّوائح
- ومن يَتوقّى أنْ يجاورَ أعظُماً،
- كأعظُمِ تلكَ الهالكاتِ الطّرائح
- ومن شرّ أخلاقِ الأنيسِ، وفعلِهم،
- خُوارُ النّواعي والْتِدامُ النّوائح
- وأصفَحُ عن ذنبِ الصّديقِ وغيره،
- لسكنايَ بيتَ الحقّ بينَ الصّفائح
- وأزهدُ في مدح الفتى، عند صِدْقهِ،
- فكيفَ قبولي كاذباتِ المدائح!
- وما زالتِ النّفسُ اللّجوجُ مطيةً،
- إلى أن غدتْ إحدى الرّذايا الطّلائح
- وما يَنْفَعُ الانسانَ أنّ غمائماً
- تَسُحُّ عليهِ، تحتَ إحدى الضّرائح
- ولو كان، في قُربٍ من الماءِ، رغبةٌ،
- لنافسَ ناسٌ في قبورِ البطائح
المزيد...
العصور الأدبيه