الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سرَيْنا، وطالبنا هاجعٌ، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
- سرَيْنا، وطالبنا هاجعٌ،
- وعندَ الصباحِ حَمدِنا السُّرى
- بنو آدمٍ يطلبون الثّرا
- ءَ، عند الثريّا، وعند الثّرى
- فتىً زارعٌ، وفتىً دارعٌ،
- كلا الرجلين غدا، فامترى
- فهذا بعين وزاي يروحُ،
- وذاك يؤوبُ بضاد ورا
- وعاملُ قُوتٍ ذَرا حَبَّهُ،
- وخِدْنُ ركازٍ ضحا، فاذّرى
- وكُورُكَ فوقَ طويلِ المطا،
- وسَرجُكَ فوق شديد القرا
- وتجري دُفارِ بها جَدُّها،
- بمثلِ الظلامِ، فإذا ماجرى
- كأنّ بصاقَ الدَّبى، فوقَها،
- إذا وقدَتْ، في الأنوف، البُرا
- وذلك من حَرِّ أنفاسها،
- يضاعفهُ حرُّ يومٍ جرى
- تلومُ على أمّ دَفْرٍ أخاك،
- وراءك إنّ هوىً قد ورى
- عهدتُك تشبهُ سِيدَ الضَّراء،
- ولستَ مشابهَ ليثِ الشَّرى
- تَدِبّ، فإن وجدتْ خِلسةً،
- فيا للسُّليك، أو الشنفرى
- هو الشرّ، قد عمّ، في العالَمين،
- أهلَ الوُهودِ، وأهل الذُّرا
- لِيفينّ، في صَمتهِ، ناسكٌ،
- إذا افتنّ، فيمايقول، الورى
- فَكنَّوا صَبُوحيّةَ الشَّرب أُمَّ
- ليلى، ومكةَ أُمَّ القُرى
- وقالوا بدا المشتري في الظّلام،
- فيا ليتَ شِعريَ ماذا اشترى؟
- وترجو الرّباحَ، وأين الرّباحُ،
- ونعتك في نفسِك الخَيسرا
- عَذيريَ منْ ماردٍ فاجرٍ،
- تَقرّأ، والمخزياتِ اقترى
- فهوّنْ عليك لِقاءَ المَنونِ،
- وقلْ، حين تَطرُق: أطرِقْ كرا
- ونادِ، إذا أوعدتك: اعتِري،
- فصبراً على الحُكم لمّا اعترى
- ونفسي ترجّي، كإحدى النفوس،
- وتَذري النوائبُ سَكْنَ الذُّرا
- وكم نزلَ القَيْلُ عن منبرٍ،
- فعادَ إلى عُنصر في الثرى
- وأُخرِجَ، عَن مُلْكِهِ، عارياً،
- وخَلّفَ مملكةً بالعَرا
- إذا الضّيْفُ جاءَكَ، فابسِمْ له،
- وقرّبْ إليه وشِيكَ القِرى
- ولا تحقِر المُزدرَى في العيون؛
- فكمْ نَفَعَ الهَيّنُ المزدرَى
- ولا تحمِلُ البُزلُ تلكَ الوسوقَ،
- إلاّ بأزرارها والعُرا
- أجل! خَزَرَتْنيَ وثّابَةٌ،
- سواها التي مشت الخيزَرى
- فإنّ سُراءَ الليالي رمى
- أوان شبيبتنا، فانسرى
- ونوميَ موتٌ، قريبُ النشور،
- وموتيَ نوْمٌ، طويلُ الكَرى
- نؤمّلُ خالقَنا، إنّنا
- صُرينا لنشربَ ذاك الصَّرا
- سواءٌ عليّ، إذا ما هلَكتُ،
- منْ شادَ مكرُمَتي، أو زرى
- فأوْدى فلانٌ بسٌقمٍ أضرّ،
- وأدوى فلانٌ بعِرقٍ ضرا
- أبالنَّبْلِ أُدركَ أمْ بالرِّما
- حِ، بين أسنّتها والسَّرا؟
- فهلْ قامَ، من جَدَثٍ، مَيّتٌ،
- فيخْبرَ عنْ مسمَع أو مَرَى؟
- ولو هَبّ صَدّقَهُ معشرٌ،
- وقال أناسٌ طغى وافترى
- ولم يقرِ، في الحوضِ، راعي السوا
- م إلاّ ليورده ما قرى
- أفِرُّ، وما فَرأٌ نافرٌ،
- بمعتصم منْ قضاءٍ فرا
- أحِنُّ إلى أملٍ فاتَني،
- وما للشَّبوبِ وعيشِ الفِرا
- متى قرْقَرَ الهاتِفُ العِكْرِميُّ،
- هيّجَ صبّاً إلى قَرْقرى
- وقد يفسُدُ الفكرُ في حالةٍ،
- فيوهِمُكَ الدُّرَّ قَطرُ السُّرا
- سقاك المُنى، فتمنّيْتها؛
- وصاغَ لك الطيفَ حتى انبرى
- فلا تدْنُ منْ جاهلٍ آهلٍ،
- لو انتُزِعَتْ خمسُهُ مادرى
- أبى سيفُهُ قتلَ أعدائهِ،
- وسافَ وليدتَهُ، أو هرا
- وتختلفُ الإنسُ في شأنها؛
- وأبعِدْ بمنْ باعَ ممن شرى
- مُغنّيَةٌ أُعطيتْ مُرْغِباً؛
- فغنّتْ، ونائحةٌ تُكترى
- وهاوٍ ليُخرجَ ماءَ القليبِ؛
- وراقٍ ليَجنيَ ثَولاً أرى
- فإنْ نالَ شهداً، فأيسِرْ بهِ،
- على أنّهُ، بسقوطٍ، حرى
- نَزُولَ كما زال أجدادُنا؛
- ويبقى الزمانُ على ما نرى
- نهارٌ يُضيءُ، وليلٌ يَجيءُ،
- ونجمٌ يغورُ، ونجمٌ يُرى
المزيد...
العصور الأدبيه