الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً،
أبوالعلاء المعري
- أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً،
- فقدْ جفّ العِضاهُ، ولم تجفّي
- وما يَبقى، إذا فتّشتَ، حيٌّ
- تَخَيّرُهُ الحوادثُ، أو تُنَفّي
- لكافورٍ غَدا الكافورُ زاداً،
- وجَفّتْ أبحُرٌ من آل جُفّ
- وهل فاتَ، الحتوفَ، أخو هُذَيلٍ،
- كأنّ مُلاءَتَيهِ على هِجفّ
- أو العادي السُّلَيكُ وصاحباهُ،
- أو الأسَدِيُّ كالصَّعلِ الهِزَفّ
- تَجُمُّ جيوشُها، فيضِلُّ فيها
- فتًى، يجتابُ صَفّاً بعدَ صفّ
- تكلّفْتَ الوَفاءَ، وحُمّ يومٌ
- أراحَ من التّوافي بالتوفّي
- ودَهري، بالمُغارِ، أغارَ صَبري،
- وعلّمني التّعَفّفَ بالتّعَفّي
- أما شُغِلَ الأنامُ، عن التّقافي،
- بما وَعَدَ الزّمانُ من التقَفّي؟
- وقد صدَقتْ ظنونٌ من رجالٍ،
- تَخَفَّوا ما تَوارى بالتّخَفّي
- رأوا متَستّراً عَنهم بسُدٍّ
- ليأجوج، كمُستَترٍ بشَفّ
- لقد عجبَ القَضاءُ لرَكبِ مَوجٍ،
- يُقابلُهُ بمزْمارٍ ودُفّ
- ولو نالتْ عقابُ اللُّوح لُبّاً،
- عداها، عن تكفّوئِها، التكفّي
- وقد يُغني المُسِفَّ، إلى الدّنايا،
- تَعَيُّشُهُ من الخُوصِ المُسَفّ
- ووَطءُ السُّفّ، يَحمي الرّجلَ منه
- بكورُ يَدٍ على ذُرَةٍ بسَفّ
- وكم بُسِطَ البَنانُ، فعادَ صِفراً،
- وزارَ الجودُ كفّاً ذاتَ كَفّ
- وما رَفُّ الكِعابِ سوى عَناءٍ،
- وإنْ عُنيَتْ لمسواكٍ برَفّ
- وكم زُفّتْ إلى جَدَثٍ عَروسٌ،
- وقد هَمّتْ إلى عُرُسٍ بزَفّ
- أرى دُنياكَ خالَطَها قَذاها،
- وأعيَتْ أن يُهَذِّبَها مُصَفّي
- بنوها مثلُها، فحللتَ منها،
- بوَهدٍ أو بهَضبٍ أو بقُفّ
- تهيجُ صغائرُ الأشياءِ خَطباً
- جَليلاً، ما سَناهُ بُمستَشَفّ
- وإنّ القَتلَ في أُحُدٍ وبَدرٍ،
- جنى القَتْلَينِ في نَهرٍ وطَفّ
- وإنْ لَذّ القَبيحَ غُواةُ قومٍ،
- فإنّ الفَضلَ يُعرَفُ للأعَفّ
- وليسَ عليّ غَيرُ بلوغُ جُهدي،
- وضيفي قانعٌ منّي بضفّ
- إذا استَثقَلْتُ أثوابي ونَعلي،
- فثِقْلي في التّجَرّدِ والتّحَفّي
- لعلّ مطيّةً منّي قريبٌ،
- فيحمِلُ سَيرُها قدماً بخُفّ
- وما سَلُّ المُهَنّدِ للتّوَقّي،
- كَسَلّ المَشرَفيّةِ للتّشَفّي
- وليسَ الخَمسُ، ضاربةً بسَيفٍ،
- نَظيرَ الخمسِ، ضاربةً بدُفّ
- أباغي حظّهِ بقَناً وخَيلٍ،
- كَباغِيهِ بمنْوالٍ وحَفّ؟
- وما الجَبَلُ الوقورُ لجاذبيهِ،
- على العِلاّتِ، كالجُزءِ الأخفِّ
- وجسمي شَمعَةٌ والنّفسُ نارٌ،
- إذا حانَ الرّدى خمدتْ بأُفّ
- أعيّرتِ، النّعامَ، أُولاتُ فَرْعٍ،
- خُلُوَّ الهام من ريشٍ وزِفّ؟
- لعَلّ النّبعَ تَثنيهِ اللّيالي
- أخا وَرَقٍ، ونَورٍ مُستكفّ
- إذا ما القائلُ الكِندِيُّ ذلّتْ
- له الأوزانُ، فاعترِفي بشِفّ
- فإنّ عُطارِداً، في الجوّ، أوْلى
- بأنْ يَزِنَ الكَلامَ وأن يُقَفّي
- وأقصي عن مآرِبكَ البَرايا،
- ولا يغرُرْكَ خِلٌّ بالتّحَفّي
- وفَذٌّ، في مَقاصِدِهِ، بليغٌ،
- أحَبُّ إليّ من إلفٍ ألَفّ
- لعَمْرُ أبيكَ ما خالي بخالٍ
- لشائِمِهِ، ولا شُهدي بهَفّ
- فإنْ أُعْطِ القَليلَ يكنْ هنيئاً،
- يَجيءُ المُستَميحَ بغَيرِ شَف
- إذا ورَدَ الفَقيرُ، على احتياجي
- أغَثْتُ لهيفَهُ بالمُستَدَفّ
- ولو كانَ الكَثيرُ لَقَلّ عندي،
- وأهْوِنْ بالطّفيفِ المُستَطَفّ
المزيد...
العصور الأدبيه