الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> معروف الرصافي >> تذكرت في أوطاني الأهلَ والصحبا >>
قصائدمعروف الرصافي
تذكرت في أوطاني الأهلَ والصحبا
معروف الرصافي
- تذكرت في أوطاني الأهلَ والصحبا
- فأرسلت دمعاً فاض وابلهُ سكبا
- وبتُّ طريد النوم أختلس الكرَى
- بشاخص طرف في الدجى يرقب الشُّهبا
- كئيب كأن الدهر لم يلق غيره
- عدُوًّا فآلى لن يهادنه حربا
- يِقل كروباً بعضها فوق بعضها
- إذا ما رَمى كربا رأى تحته كربا
- وإني إذا ما الدهرُ جرَّ جريرة ً
- لتأنف نفسي ان اكلمه عتبا
- وقد علم القوم الكرام بأني
- غلام على حب المكارم قد شبا
- وأني أخو عزم إذا ما انتضيتُه
- نبا كل عضب أو انكر الضرب
- وأني أعاف الماء في صفوه القَذى
- وان كان في احواضه بارداً عذبا
- ولكن لي في موقف الشوق عبرة
- أولى الأنام بعطف الناس أرملة
- وقاطرة ترمي الفضا بدُخانها
- بدت نغمات ترقص الدمع منصبا
- وقاتطرة ترمي الفضا بدخانها
- وتملأ صدر الأرض في سيرها رعبا
- لها مَنخر يبدي الشواظَ تنفساً
- وجوف به صار اليخار لها قلبا
- تمشت بنا ليلاً تجرّ وراءها
- قطاراً كصف الدوح تسحبه سحبا
- فطوراً كعصف الريح تجري شديدة
- أشارك الناس طُرّاً في بَلاياها
- تساوى لديها السهل والصعب في السرى
- فما استسهلت سهلا ولا استصعبت صعبا
- تدكُّ مُتون الحَزن دكّاً وإنها
- لتنهب سهل الأرض في سيرها نهبا
- يمر بها العالي فتعلو تسلقا
- ويعترض الوادي فتجتازه وَثبا
- اذا ولجت في جوفه النفق الرحبا
- لها صيحة عند الولوج كأنها
- تقول بهلا يا طود خلّ لي الدربا
- وتمضي مُضي السهم فيه كأنما
- ترى افعواناً هائجاً دخل الثقبا
- تغالب فعل الجذب وهي ثقيلة
- فتغلب بالدفع الذي عندها الجذبا
- طوت بالسير الارض طياً كانها
- تسابق قرص الشمس ان يدرك الغربا
- وما إن شكت أينا ولا سُئمت سرى
- ولا استهجنت بعدا ولا استحسنت قربا
- عشية سارت من فروق تقلنا
- وتقذف من فيها بوجه الدجى شهبا
- فما هي إلا ليلة ونهارُها
- وما قد دعونا من سلانيك قد لبى
- فجئنا ولم يُعي السفارُ مطينا
- كأن لم نكن سفراً على ظهرها ركبا
- تغالبت يا عصر البخار مفضلا
- على كل عصر قد قضى أهله نحبا
- يا ربُّ ما حيلتي فيها وقد ذَبلت
- يذلل ادنى فعلها المطلب الصعبا
- تمشي بأطمارها والبرد يَلسعها
المزيد...
العصور الأدبيه