الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> معروف الرصافي >> الشعر مفتقر مني لمبتكر >>
قصائدمعروف الرصافي
- الشعر مفتقر مني لمبتكر
- ولست للشعر في حال بمفتقرِ
- دعوت غُرَّ القوافي وهي شاردة
- فأقبلت وهي تمشي مشي معتدل
- وسَلمتني عن طوع مقادتها
- فرحت فيهنَّ أجري جرى َ مقتدرِ
- إذا أقمت أقامت وهي من خدمي
- وأينما سرت سارت تقتفي أثري
- صرَّفت فيهن أقلامي ورحت بها
- أعرف الناس سحر السمع والبصر
- ملكن من رقة رقُّ النفوس هوَى
- من حيث أظربنا حتى قاسى الحجر
- سقيتهن المعاني فارتوين بها
- وكنَّ فيها مكان الماء في الثمر
- كم تشرئب لها الأسماع مصغية
- إذا تنوشدن بين البدو والحضر
- طابقَت لفظي بالمعنى فطابقه
- خلوا من الحشو مملوءاً من العبر
- إني لأنتزع المعنى الصحيح على
- عرى فأكسوه لفظاً قد من درر
- سل المنازل عني إذ نزلت بها
- ما بين بغداد والشهباء في سفري
- ما جئت منزلة إلا بنيت بها
- بيتاً من الشعر لا بيتاً من الشعر
- وأجود الشعر مما يكسوه قائله
- بوشي ذا العصر لا الخالي من العصر
- لا يحسن الشعر إلا وهو مبتكر
- وأي حسن بشعر غير مبتكر
- ومن يكن قائل شعراً عن مفاخرة
- فلست والله في شعر بمفتخر
- وإنما هي أنفاس مُصعَدة
- ترمي بها حسراتي طائر الشرر
- وهن إن شئت مني أدمع غزر
- أبكى بهن على أيامنا الغُرر
- أبكى على أمة دار الزمان لها
- قَبْلاً ودار عليها بعدُ بالغير
- كم خلد الدهر من أيامهم خبراً
- زان الطروس وليس الخُبر كالخَبر
- ولست أدكر الماضين مفتخر
- لكن أقيم بهم ذكرى بمدكر
- وكيف يفتخر الباقون في عمه
- بدارس من هدى الماضين مندثر
- لهفي على العُرب أمست من جمودهم
- حتى الجمادات تشكوا وهي في ضَجر
- أين الجحاحد ممن ينتمون إلى
- ذوابة الشرف الوضاح من مضر
- قوم هم الشمس كانوا والورى قمر
- ولا كرامة لولا الشمس للقمر
- راحوا وقد أعقبوا من بعدهم عقباً
- ناموا عن الأمر تفويضاً إلى القدر
- أقول والبرق يسري في مراقدهم
- «يا ساهر البرق أيقظ راقد السمرِ»
- يا أيها العرب هبوا من رقادكم
- فقد بدا الصبح وانجابت دُجى الخطر
- كيف النجاح وأنتم لا اتفاق لكم
- والعود ليس له صوت بلا وتر
- مالي أراكم أقلّ الناس مقدرة
- يا أكثر الناس عدًّا غير منحصر
المزيد...
العصور الأدبيه