الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود سامي البارودي >> سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ >>
قصائدمحمود سامي البارودي
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ
محمود سامي البارودي
- سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ
- و عادتْ بكَ الأيامُ وهيَ أصائلُ
- ربأتَ منَ العلياءِ قنة َ سوددٍ
- يُقَصِّرُ عَنْهَا صَاغِراً مَنْ يُطَاوِلُ
- وَ أدركتَ في عصرِ الشبيبة ِ غاية ً
- منَ الفضلِ لمْ يبلإْ مداها الأفاضلُ
- فَخَيْرُكَ مَأَمُولٌ، وَفَضْلُكَ وَاسِعٌ
- وَظِلُّكَ مَمْدُودٌ، وعَدْلُكَ شَامِلُ
- مساعٍ جلاها الرأيُ ؛ فهي كواكبٌ
- لها بينَ أفلاكِ القلوبِ منازلُ
- يقصرُ قابُ الفكرِ عنها ، وَ ينتهى
- أخو الجدَّ عنْ إدراكها وَ هوَ ذاهلُ
- وَكَيْفَ يَنَالُ الْفَهْمُ مِنْهَا نَصِيبَهُ
- وَأَقْرَبُهَا لِلنَّيِّرَاتِ حَبَائِلُ؟
- إليكَ تناهى المجدُ ، حتى لوانهُ
- أرادَ مزيداً لمْ يجدْ ما يحاولُ
- فَمُرْ بِالَّذِي تَهْوَاهُ؛ فَالسَّعْدُ قَائِمٌ
- بما تشتهي ، واللهُ بالنصرِ كافلُ
- فَقَدْ تَصْدُقُ الآمَالُ وَالْحَزْمُ رائِدٌ
- وَ تقتربُ الغاياتُ وَ النجدُّ عاملُ
- وَأَيُّ صَنِيعٍ بَعْدَ فَضْلِكَ يُرْتَجَى
- وَأَنْتَ مَلِيكٌ فِي الْبَرِيَّة ِ عَادِلُ؟
- يَعُمُّ الرِّضَا مَا قَامَ بِالْحَقِّ صَادِعٌ
- وَتَبْقَى الْعُلاَ مَا دَامَ لِلسَّيْفِ حَامِلُ
- فيا طالباً مسعاتهُ ؛ لينالها
- رويدكَ ؛ إنَّ الحرصَ للنفسِ خاذلُ
- فَمَا كُلُّ مَنْ رَاضَ الْبَدِيهَة َ عَاقِلٌ
- وَلاَ كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَة َ بَاسِلُ
- وَ لولا اختلافُ الناسِ في درجاتهمْ
- لعادلَ " قسا " في الفصاحة ِ " باقلُ "
- هُوَ الْمَلِكُ الْمَكْفُولُ بِالنَّصْرِ جُنْدُهُ
- إِذَا احْمَرَّ بَأْسٌ، أَوْ تَنَمَّرَ بَاطِلُ
- لهُ بدهاتٌ لا تغبُّ ، وعزمة ٌ
- مؤيدة ٌ ، تعنو إليها الجحافلُ
- فآرأوهُ في المشكلاتِ كواكبٌ
- وَهِمَّاتُهُ فِي الْمُعْضِلاَتِ مَنَاصِلُ
- تَدُلُّ مَسَاعِيهِ عَلَى فَضْلِ نَفْسِهِ
- و للشمسِ منْ نورٍ عليها دلائلُ
- فَيَا مَلِكاً عَمَّتْ أَيَادِيهِ، وَالْتَقَتْ
- بِهِ فِرَقُ الآمَالِ وَهْيَ جَوَافِلُ
- بكَ اخضرتِ الآمالُ بعدَ ذبولها
- وَ حقتْ وعودُ الظنَّ وَ هيَ مخايلُ
- بسطتَ يدً بالخيرِ فينا كريمة ً
- هيَ الغيثُ ، أوْ في الغيثِ منها شمائلُ
- وَ أيقظتَ ألبابَ الرجالِ ؛ فسارعوا
- إلى الجدَّ ؛ حتى ليسَ في الناسِ خاملُ
- وَ ما " مصرُ " إلاّ جنة ٌ ، بكَ أصبحتْ
- مُنَوِّرَة ً أَفْنَانُهَا وَالْخَمَائِلُ
- طلعتَ عليها طلعة َ البدرِ ، أشرقتْ
- بلألائهِ الآفاقُ وَ الليلُ لائلُ
- وَأَجْرَيْتَ مَاءَ الْعَدْلِ فِيهَا؛ فَأَصْبَحَتْ
- وَسَاحَاتُهَا لِلْوَارِدِينَ مَنَاهِلُ
- وَ لمْ يأتِ منْ أوطانهِ " النيلُ " سائحاً
- إِلَى «مِصْرَ» إِلاَّ وَهْوَ حَرَّانُ سَائِلُ
- فَيَأَيُّهَا الصَّادِي إِلَى الْعَدْلَ وَالنَّدَى
- هلمَّ ؛ فذا بحرٌ لهُ البحرُ ساحلُ
- مليكٌ أقرَّ الأمنَ وَ الخوفُ شاملٌ
- و أحيا رميمَ العدلِ وَ الجورُ قاتلُ
- فَسَلْهُ الرِّضَا، وَانْزِلْ بِسَاحَة ِ مُلْكِهِ
- فثمَّ الأماني ، والعلا ، والفواضلُ
- رَعَى اللَّهُ يَوْماً قَرَّبَتْنِي سُعُودُهُ
- إلى سدة ٍ تأوى إليها الأماثلُ
- لثمتُ بها كفا ، هيَ البحرُ في الندى
- تَفِيضُ سَمَاحاً، وَالْبَنَانُ جَدَاوِلُ
- نَطَقْتُ بِفَضْلٍ مِنْكَ، لَوْلاَهُ لَمْ يَدُرْ
- لِسَانِي، وَلَمْ يَحْفِلْ بِقَوْلِيَ فَاضِلُ
- وَ لا أدعي أني بلغتُ بمدحتي
- عُلاَكَ؛ وَلَكِنْ جُهْدُ مَا أَنَا قَائِلُ
- وَ كيفَ أوفى منطقَ الشكرِ حقهُ
- وَدُونَ ثَنَائِي مِنْ عُلاَكَ مَرَاحِلُ؟
- وَ حسبيَ عذراً أنكَ الشمسُ رفعة ً
- وَكَيْفَ يَنَالُ الْكَوْكَبَ الْمُتَنَاوِلُ؟
- لِتَهْنَ بِكَ الدُّنْيَا؛ فَأَنْتَ جَمَالُهَا
- فلولاكَ أمسى جيدها وَ هوَ عاطلُ
- وَ دمْ للعلا ما ذرَّ بالأفقِ شارقٌ
- وَمَا حَنَّ مِنْ شَوْقٍ عَلَى الأَيْكِ هادِلُ
- وَ لاَ زالتِ الأيامُ تتلو مدائحي
- عليكَ ، ويمليها الضحى وَ الأصائلُ
المزيد...
العصور الأدبيه