قصائدمحمود سامي البارودي



أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ
محمود سامي البارودي



  • أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ

  • وصاحَت بِنا الأطيارُ أن وجبَ السُّكرُ

  • أما تريانِ اللَّيلَ كيفَ تسللَت

  • كَوَاكِبُهُ لِلْغَرْبِ، وَانْحَدَرَ النَّسْرُ

  • فَقُومَا انْظُرَا ما يَصْنَعُ الصُّبْحُ بِالدُّجَى

  • فإنِّى أرى ما ليسَ يبلُغُهُ الذِّكرُ

  • أرى أدهماً يتلوهُ أشهبُ طارِدٌ

  • كِلا الْفَرَسَيْنِ اغْتَالَ شَأْوَهُمَا الْحُضْرُ

  • وقَد حنَّتِ الأطيارُ فى وكُناتِها

  • وقَامَ يُحيِّينا على سَاقهِ الزَهرُ

  • وأصبَحتِ الغُدرانُ تَصقلُها الصَبا

  • وَيَرْقُمُ مَتْنَيْهَا بِلُؤْلُئِهِ الْقَطْرُ

  • تَرِفُّ كما رفَّت صحائفُ فِضَّة ٍ

  • عَليهِنَّ مِن لألاءِ شمسِ الضُحى تِبرُ

  • كَأَنَّ بَنَاتِ الْمَاءِ تَقْرَأُ مَتْنَهَا

  • صَبَاحاً، وَظِلُّ الغُصْنِ لاَحَ بِها سَطْرُ

  • عَصَائِبُ حَوْلَ الْمَاءِ يَدْرِمْنَ هُتَّفاً

  • بِلحنٍ له فى كُلِّ سامِعة ٍ أثرُ

  • إذا صَرصَرَ البازى تلبَّدنَ بِالثرَى

  • مِنَ الرُعبِ حتَّى لا يَبينُ لَها صَرُّ

  • يُسَارِقْنَهُ حَتَّى إِذَا غَابَ ظِلُّهُ

  • عَنِ الْمَاءِ عَادَ اللَّحْنُ، وَانْتَشَرَ الْهَدْرُ

  • تَرَاهُنَّ أَسْرَاباً عَلَى الْمَاءِ حُوَّماً

  • يُقرِّبها ظِمءٌ ، ويُبعدُها ذعرُ

  • تَروحُ وتغدو بينَ أفنانِ دوحَة ٍ

  • سَقَاهَا مِنَ الْوَسْمِيِّ مُسْتَوْكَفٌ غَزْرُ

  • لَهَا فِي نَوَاحِي الأُفْقِ لَفْتَة ُ أَصْيَدٍ

  • يَلُوحُ عَلَى أَطْرافِ عِرْنِينِهِ الْكِبْرُ

  • مَلاعِبُ لَهوٍ يَقصُرُ الطَرفُ دُونَها

  • وَدُنْيَا نَعِيمٍ لا يُحِيطُ بِها الْفِكْرُ

  • فيا صاحِبى نَجواى َ ! قوما لِشُربِها

  • ففى مِثلِ هذا اليومِ طابَت لنا الخَمرُ

  • وشَأنكُما فى الراحِ ، فالعيشُ والصِبا

  • إِذَا الرَّاحُ لَمْ تَخْفِرْهُمَا فَسَدَ الْعُمْرُ

  • خَبيئَة ُ قَوْم خَلَّفُوهَا لِغَيْرهمْ

  • خلَت دونَها الأيَّامُ ، واختَلَفَ العَصرُ

  • فجاءَت كَمِصباحِ السَماءِ مُنيرة ً

  • إذا اتقدَت في الكأسِ سارَ بِها السَفرُ

  • وإن أنتما غنَّيتمانى فَلتَكُن

  • أَنَاشِيدَ يَهْفُو دُونَ تَسْماعِها الصَّبْرُ

  • أَنَاشِيدَ فِيها لِلْمَلِيحَة ِ وَالْهَوَى

  • مَعاذيرُ أحوالٍ يَلينُ لَها الصَّخرُ

  • لَعلَّ هواها أن يعودَ كما بَدا

  • رَخِيَّ الْحَوَاشِي قَبْلَ أَنْ يَنْشَبَ الْهَجْرُ

  • مِنَ الْبِيضِ، مَيْسَانُ الْعَشِيَّاتِ، غَادَة ٌ

  • سَلِيمَة ُ مَا تَحْوِي الْمَعَاقِدُ وَالأُزْرُ

  • إِذَا سَفَرَتْ وَالْبَدْرُ لَيْلَة َ تِمِّهِ

  • ولاحا سَواءً ، قيلَ أيُّهُما البَدرُ ؟

  • لها لَفتة ُ الخشفُ الأغنِّ ، ونَظرة ٌ

  • تُقصِّرُ عن أمثالِها الفَتكَة ُ البِكرُ

  • تَرُدُّ النُّفُوسَ السَّالِماتِ سَقِيمَة ً

  • وَتَفْعَلُ مَا لاَ تَفْعَلُ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ

  • خَفضتُ لَها مِنِّى جناحَى مودَّة ٍ

  • وَدِنْتُ لِعَيْنَيْهَا كَمَا حَكَمَ الدَّهْرُ

  • عَلى أَنَّ مَا بَيْني وَبَيْنَ عَشِيرِهَا

  • قَوارِعُ سوءٍ لا ينامُ لَها وِترُ

  • فيا ربَّة َ الخَلخَالِ ! رفقاً بِمُهجَتى

  • فَبِالْغَادَة ِ الْحَسْنَاءِ لاَ يَحْسُنُ الْغَدْرُ

  • وَبُقْيَا عَلى قَلْبِي، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ

  • سِوَى حُبِّ " عبدِ اللهِ " كانَ لَهُ عُذرُ

  • أخى ، وصَديقى ، وابنُ ُدِّى ، وصاحِبى

  • وَمَوْضِعُ سِرِّي حِينَ يَعْتَلِجُ الصَّدْرُ

  • هُوَ الصَّاحبُ الْمَشْكُورُ فِي الْوُدِّ سَعْيُهُ

  • وَمَا خَيْرُ وُدٍّ لَيْسَ يَلْحَقُهُ شُكْرُ؟

  • أمينٌ على غيبِ الصَّديقِ إذا ونَت

  • عُهودُ أُناسٍ ، أو تطرَّقها فَترُ

  • فَلا جَهْرُهُ سِرٌّ، وَلاَ سِرُّ صَدْرِهِ

  • إِذَا امْتَحَنَ الْوَاشِي ضَمائِرَهُ جَهْرُ

  • يَدِبُّ على المَعنى الخَفِى ِّ بِفِكرة ٍ

  • سواءٌ لديها السَهلُ فى ذاكَ والوَعرُ

  • لَهُ الْبُلْجَة ُ الْغَرَّاءُ يَسْرِي شُعَاعُهَا

  • إذا غامَ أفقُ الفَهمِ ، والتبسَ الأمرُ

  • تَزاحمُ أفواجُ الكَلامِ بِصدرهِ

  • فَلَوْ غَضَّ مِنْ صَوْتٍ لَكَانَ لَهَا هَدْرُ

  • لَهُ قَلَمٌ لَوْلاَ غَزَارة ُ فِكْرِهِ

  • لَجَفَّتْ لَدَيْهِ السُّحْبُ، أَوْ نَفِدَ الْبَحْرُ

  • إِذَا اخْتَمَرَتْ بِاللَّيْلِ قِمَّة ُ رَأْسِهِ

  • تفجَّرَ من أطرافِ لِمَّتِها الفَجرُ

  • إِلَيْكَ ابْنَ بَطْحَاءِ الْكَلامِ تَشَذَّرَتْ

  • بِركبِ المعانى لا يُكفكِفُها الزَجرُ

  • قلائصُ لا يَرعَينَ عازِبة َ الكلا

  • وَلاَ يَسْتَبِقْنَ الْمَاءَ إِنْ فَاتَهَا الْعِشْرُ

  • وَمَا هُوَ إِلاَّ الشِّعْرُ سَارَتْ عِيابُهُ

  • وفى طَيِّها من طيبِ ما ضُمِّنَت نَشرُ

  • فَأَلْقِ إِلَيْهِ السَّمْعَ يُنْبِئْكَ أَنَّهُ

  • هُوَ الشِعرُ ، لا ما يدَّعى الملأُ الغَمرُ

  • يَزيدُ على الإنشادِ حُسناً ، كأنَّنى

  • نَفَثْتُ بِهِ سِحْراً، وَلَيْسَ بِهِ سِحْرُ

  • فَدُمْ لِلْعُلا، وَالْعِلْمِ، وَالْحِلْمِ، والتُّقَى

  • وَنَيْلِ الْمُنَى مَا أَوْرَقَ الْغُصُنُ النَّضْرُ



أعمال أخرى محمود سامي البارودي



المزيد...

العصور الأدبيه

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط