الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> جبران خليل جبران >> مضى عصر الرجال الأعاظم >>
قصائدجبران خليل جبران
- مضى عصر الرجال الأعاظم
- وأوحش منهم أنس تلك المعالم
- معاهد في بيروت للعلم عطلت
- وأيامها كانت بهم كالمواسم
- تولوا سراعا كاتب إثر كاتب
- وبانوا تباعا عالم إثر عالم
- فواحر قلبا أين فيهم مهذبي
- وأين رفيقي في الصبا ومخالمي
- عماد بصرح المجد قاموا فقوضوا
- دراكا ودك اليوم آخر قائم
- هوى العلم الفردالذي كان بعدهم
- عزاء لأرباب النهى والعزائم
- أقلب طرفي حيث كانوا فلا أرى
- به غير أنقاض الذرى والدعائم
- وأنكر في وجه البقاء عبوسة
- تواري سنى تلك الوجوه البواسم
- حقائق مرت بالحياة هنيهة
- كما مرت الأوهام في ذهن واهم
- فلم يبق منها غير ما الذكر حافظ
- إلى أجل عن عهدها المتقادم
- ورسم يرى الأعقاب فيه دلالة
- على دقة التمثيل في صنع راسم
- إذا جسموه لم يكن في جلاله
- سوى شبه لشخص أغبر قاتم
- يلوح بعيدا وهو دان كأنه
- تأوب طيف في مخيلة حالم
- فيا بخس ما باغ المفادي بعمره
- على باذل في قومه أو مساوم
- على أنه يستسلف النفس شكره
- وليس لشكر من سواها برائم
- نعيك عبدالله في الشرق كله
- أسال شؤونا بالدموع السواجم
- وأورى زناد البرق حزنا فلجلجت
- كما لجلجت بالنطق لسن التراجم
- فبث شجاه كل ربل ولم يكن
- سوى مأتم تعداد تلك المآتم
- وشاع الأسى في مصر فهي حزينة
- تنوح شواديها نواح الحمائم
- ولا وجه في أحيائها غير ساهم
- ولا قلب في أحنائها غير واجم
- لك الله من بان رجالا حمى بهم
- حمى عاث فيه الجهل من شر هادم
- على العلم والتعليم أرصد وقته
- فأحرز منه مغنما كل غانم
- تلاميذه في كل مطلع كوكب
- يبثون فضل الضادبين العوالم
- وفي كل بحث كتبه تورد النهى
- موارد أصفى من نطاف الغمائم
- وتهدي إليها من مناجم فكره
- نفائش أغلى من كنوز المناجم
- بأبدع ما كانت بلاغة ناثر
- وأبرع ما كات صياغة ناظم
- كفى اللغة الفصحى فخارا بمعجم
- إليه انتهى الاتقان بين المعاجم
- وحسب الروايات الحديثة عتقها
- بإعرابه فيها فنون الأعاج
- فأما سجاياه فقل في كمالها
- ولا تخش في الإطراء لومة لائم
- حليم بلا ضعف رصين بلا ونى
- شديد مراس في كفاح المظالم
- وما اسطاع يلفيه الغداة وليه
- معينا على دفع الأذى والمغارم
- يصرف إلا في الدنايا من المنى
- نوازع قلب مولع بالعظائم
- ويرضيه في الإعسار موفور مجده
- ولليس إذا الإيسار فات بناقم
- قضى العمر ميمون النقيبة لم تشب
- طهارة برديه بوصمة واصم
- ولم يأل جهدا في رعاية ذمة
- ولم ينس حقا للعلى والمكارم
- أحاطت به زينات دنياه فانثنى
- ولم تغره زيناتهابالمحارم
- فكانت له خير الفواتح بالتقى
- وكانت له في الله خير الخواتم
المزيد...
العصور الأدبيه