الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> جبران خليل جبران >> عزاء الحجى والألمعية والنبل >>
قصائدجبران خليل جبران
- عزاء الحجى والألمعية والنبل
- ففي كلها كنت امرءا فاقد المثل
- توليت يا علامة الشرق فالأسى
- إلى الغرب ممتد السحابة والظل
- سلام على الفرد الذي في خصاله
- تلاقت خلال الخير مجموعة الشمل
- سلام على ذاك الذكاء الذي خبا
- وذاك المحيا السمح غيب في الرمل
- سلام على ذاك الفؤاد الذي سلا
- وما كان إلا بالمحامد في شغل
- سلام على الآداب أجمل ما بدت
- لنا في الفتى غض الإهاب وفي الكهل
- سلام على الأخلاق ريضت وهذبت
- فلم يعتورها النقش بالقول والفعل
- سلام على أصفى الرجال مودة
- وأبرئهم نفسا من الحقد والغل
- إذا ما قضى يعقوب صروف نحبه
- فمهما تجلي يا صروف النوى جلي
- تداعى بناء المجد في عالم النهى
- ونكبت الأعلام في دولة الفضل
- ففي مصر جرح من مفاجأة النوى
- ثخين وفي لبنان برح من الثكل
- وفي كل أفق ينطق الضاد أهله
- غمائم أجفان مردده الهطل
- ومن عجب أن الأولى فاز دونهم
- بخصل العلى يبكون من فاز بالخصل
- فواحربا أن تختم اليوم حقبة
- فككت بها الأعناق من ربقة الجهل
- وهيأت فتيانا يديلون للحمى
- إباء وعزا من هوان ومن ذل
- تجشمت ما تنبو بأيسره القوى
- ولم يك ما تبغيه بالمطلب السهل
- فأطلقت في خمس وخمسين حجة
- منائر للعرفان هادية السبل
- أرتنا وجوه الحق في كل معضل
- ومن دونها الأستار محكمة السبل
- فلم يخف سر النجم في حبك الدجى
- ولم يخف كنه النجم يكتن في الحقل
- إذا الشهر ولى أقبل الشهر بعده
- بسفر جديد البحث في الفصل فالفصل
- كتاب يليه صنوه ويتمه
- كعقد نظيم من فرائد تستتلي
- وفي كل جزء منه يدرك ذو النهى
- مدارك لم تخطر على القلب من قبل
- صحائف أوعت من بيان وحكمة
- جنى العقل في أطواره وجنى النفل
- تدفق منها العلم في كل مطلب
- بأبلغ ما يوحي وأفصح ما يملي
- أنرت بها الأذهان أي إنارة
- مفرقة بين الحقيقة والبطل
- فيا للمعاني من بديع ورائع
- ويا للمباني من رفيق ومن جزل
- ويا لمعين الفكر ليس بناضب
- ويا لصحيح اللفظ ليس بمعتل
- كما كنت يا يعقوب فليكن الذي
- يجد فلا يلوي بلهو ولا هزل
- ويؤثر من دون المسالك مسلكا
- يجانب أسباب الملامة والعذل
- وينشد غايات الكمال مثابرا
- على ما تمر الحادثات وما تحلي
- صبورا على ما يستفز من الأذى
- يرى الحزم عقباه أشفى من الجهل
- عليما بأن المرء في الدهر ظاعن
- يقيم إلى حين وفي عقبه يجلي
- وفيا لمن والى وشارك ثابتا
- على العهد في خصب الحياة في المحل
- أرى اليوم في ذكراه آخر صورة
- لفان قويم العطف مزدهر الشكل
- علا تبر فوديه لجين مشيبه
- سوى لمعات مومئات إلى الأصل
- بمسمعه عن قالة السوء نبوة
- ويرهفه ما شاء للحق والعدل
- وفي نفسه للأريحية هزة
- ترى إثرها في وجهه حين تستجلي
- وفي طيب الرزق الذي هو كاسب
- زكاتان من لطف الإشارة والبذل
- تقسم بين النفع للناس قلبه
- وبين جميل البر بالصحب والأهل
- وأوتي حظا في بنيه زووجه
- كريما على قدر المروءة والعقل
- فما مثله بين الأبوة من أب
- وما مثله بين البعولة من بعل
- وما في النساء الفضليات كزوجه
- ولا كبنيه الغر في صالح النسل
- جزاه بما أهدى من الخير ربه
- وعوضنا من ذلك الليث بالشبل
المزيد...
العصور الأدبيه