الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن نباتة المصري >> حجبت ولم أحسب سنا البدر يحجب >>
قصائدابن نباتة المصري
- حجبت ولم أحسب سنا البدر يحجب
- ولا خلتهُ في باطنِ الأرضِ يغرب
- وأورثت عيني جود كفكَ فانبرت
- تسحّ بأنواء الغمام وتسكب
- يذكرني بدر السماءِ سميه
- فها أنا أرعى كلّ بدرٍ وأرقب
- ومذ آثرت فيكَ الكواكب حكمها
- صددت فما يرعى بجفنيّ كوكب
- يقولون إن الشهب في كبد السما
- لها أسدُ يردي الأنامَ وعقرب
- دعِ الأسدَ الأفقي يفترسُ الورى
- ودع عقرب الأفلاك للخلق يسلب
- عليكَ خشيتُ الخطب قبل أوانهِ
- وحاذرتُ صرف الدهر وهو مغيّب
- وما حسبت كفّي نوالك كثرة
- ولكن لمحذور الردى كنتُ أحسب
- لمن يستجدّ الفكر بعدكَ مدحة ً
- يفضضُ في ألفاظها ويذهب
- لمن نترجى بعد بابك إنه
- لبذل الندى بابُ صحيحُ مجرب
- لمن تلتجي العافونَ بعد عوارفٍ
- عوارف ما تسعى اليه وتطلب
- على شرفِ الاخلاق بعدكَ والوفا
- سلامٌ كوجه الروض والروضُ معجب
- مضت صدقاتُ السر بعدك وانقضت
- فيا أسفاً للسرّ بالصدر يذهب
- مضى رونقُ الآداب بعد وضوحه
- وغيّب ذاك المنظر المتأدب
- ألا في سبيل الله ساكن ملحدٍ
- وأوصافه في الأرض تملى وتكتب
- فتى ً كرمت أنسابه وخلالهُ
- فآلاؤه إرثٌ لديهِ ومكسب
- سرى غير مسبوق ثناهُ وكيف لا
- وعنبره في نفحة الذكر أشهب
- فمن مبلغ شيبان يوم ترحلت
- عُلاه بأن الأفق بالشهب أشيب
- وأنّ بني الآمال أعوز رعيهم
- وضاعوا فلا أمٌّ هناك ولا أب
- فقدناهُ فقدانَ الربيعِ فدهرنا
- جمادى وزال المستماح المرجب
- أخا أدبٍ بين المكارم والتقى
- على شرف الدارين يسعى ويدأب
- فلو لم تجدنا غرّ نعماه جادنا
- بفضل دعاهُ وابلُ الغيثِ يسكب
- مضى حيث تنأى عنه كلّ ذميمة ٍ
- وأعمالهُ بالصالحاتِ تقرّب
- وأيامه بدرية ٌ لا يضيرها
- بوادرُ ما تأتي وما تتجنب
- تجاهدُ فيها النفس والعيش ممكنٌ
- وزبرج هذا العيش شيءٌ محبب
- لحى الله دنيا لا تكون مطية ً
- إلى دركِ الأخرى تزمّ وتركب
- عجبت لمن يرجو الرضا وهو مهملٌ
- وتسويفنا مع ذلك العلم أعجب
- وماهذه الأيامُ إلا مراحلٌ
- وأجدر بها تقضي قريباً وتقضب
- إذا كانت الأنفاسُ للعمرِ كالخطا
- فإنّ المدى أدنى مغالا وأقرب
- أساكن جناتِ النعيم مهنأً
- وتاركنا في حسرة ٍ نتلهب
- سقى عهدك الصوبُ الملثّ فطالما
- سقانا ملثّ من نوالك صيب
- ولا أغمدت أيدي النوائب غربها
- فما في حياة ٍ بعد موتكَ مرغب
المزيد...
العصور الأدبيه