الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن نباتة المصري >> برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى >>
قصائدابن نباتة المصري
- برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى
- وكانت ثراهُ هامة َ السحب في الذرا
- وكان عليه جوهر الذكر أبيضاً
- فزاوجت فيه جوهر الدمع أحمرا
- وكنت أرى عيشي مناماً بقربه
- فيا أسفي بالبعد كيف تفسرا
- وأجريت دمعاً كان يحسب فقده
- زماناً لسوء الحظ لي وكذا جرى
- بروحي الأولى أفناهمُ الدهر مبقياً
- ببعدهمُ هماً من الخطب أكبرا
- سقانا بكأس قد سقاهم بمثلها
- ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
- ألا في سبيل الله سارٍ للحده
- وفي كل أفق ذكر علياه قد سرى
- حميد المساعي كيفما حل بلدة
- غدت بلدة فوق السماء وأزهرا
- مضى طاهر الآثار في كل منزل
- ألذّ من الماء الزلال وأطهرا
- عفيف السجايا باسط اليد بالندى
- وان كان الا من غنى النفس مقترا
- يطوف بعلياه الثناء محلقاً
- وان كان عن أدنى مداه مقصرا
- ويهتز للذكر الجميل كأنه
- وحاشا بقاه قد تناول مسكرا
- ويظهر مجداً والتعبد قبله
- وانا لنرجو فوق ذلك مظهرا
- أتى الشام من مصرٍ ولم نر مثله
- غماماً أتى من مصر للشام ممطرا
- فنور مرعى القاصدين وسبلهم
- فيالك في الحالين روضاً منّورا
- ومد يد النعمى الى كل فضة
- دنا ورقٌ منها اليه فأثمرا
- وقابل أسرار الملوك بصدره
- وأورد عنهم باليراع وأصدرا
- وأخدمهم من رأيه ومداده
- صواباً كما ترضى الملوك وعنبرا
- وصان حمى الاسلام بالقلم الذي
- إذا مد حبراً خلت درّا محبرا
- ونظم أسلاك السطور فحليت
- من التاج أجياد الممالك جوهرا
- وصادفني في معشرٍ بديارهم
- بعيدا من الحيّين دارا ومعشرا
- فكمل منقوصاً من اسمي لديهم
- وعرفني فيهم وكنت منكرا
- ويسر من رزقي بيمن بنانه
- فيمَّن ماشاءت يداه ويسرا
- وحاول جبري رأفة وتعطفا
- وقد كان جمع المال جمعاً مكسرا
- وأثنى على جهدي بما هو أهله
- وأظهر أفعال الجميل وأضمرا
- فما لي لا أثني على جود كفه
- لديَّ كما أثنى على المطر الثرى
- وأبكي بلفظ من رثاء وأدمع
- منظمَ درٍّ تارة ً ومنثرا
- على ذاهب قد كان للقصد ملجأ
- وللظن مرتاداً وللعين منظرا
- وعاد إلى جنات عدن تزينت
- ونحن الى نيران حزن تسعرا
- فلهفي على دنيا العفاة تنكرت
- ولهفي على ربع السماحة اقفرا
- ولهفي على بيت السيادة والتقى
- ولهفي على حي القراءة والقرى
- ولهفي على حكم تحف بلينه
- بوادر تحمي صفوه ان يكدرا
- ولهفي على رأي يضيء به الهدى
- اذا النجم في أفق السماء تحيرا
- ولم أنس مسرى نعشه يوم جمعة
- تجمع هماً كالخميس اذا سرى
- ولهفي على جار من الجود طالما
- جرى معه صوب الحيا فتعطرا
- وقد وعظتنا الحال منه كأنه
- خطيب رقي من صهوة النعش منبرا
- مواعظ من حيث السكوت وانها
- لأبلغ من نطق الفصيح اذا انبرى
- كأن لم يسر والكاتبون أمامه
- يجهز وفدا أو يجهز عسكرا
- كأن لم يجل يومي وغى وسماحة
- يراعاً كما سُل القضيب وأزهرا
- كأن لم يهز القصد منه شمائلاً
- ولا قلماً يعزى إلى الخضر أخضرا
- على مثل هذا شارطَ الدهر أهله
- إذا سرّ أبكى أو إذا ودّ غيرا
- فمن سبرَ الأحوال لم يعتجب لها
- من عرف الأيام لم يرَ منكرا
- ومن ناله صبح المشيبِ ولم يفق
- الى طلب الاخرى فما هب من كرى
- كما طلب ابن الخضر دار مقامه
- فغلّس في بغيا النعيم وبكرا
- وما ترك ابن الخضر ميراث واجدٍ
- سوى الذكر فيّاحاً أو الأجر نيرا
- وأعناق أحرار تملك رقها
- وأحوال قوم قبل ما مات دبرا
- عليك سلام الله من مترحل
- نخي رت قدماً ودّه وتخيرا
- فألبسني ثوبَ الولاء معتقاً
- والبسته ثوبَ الثناءِ محررا
- قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
المزيد...
العصور الأدبيه