النفقات العامة

لم تلق النفقات العامة اهتماما لدى الكلاسيك بمعنى ان دور النفقة محايد لديهم
ويقصد بالنفقة المحايدة تلك النفقة00 التي لا تؤثر في الحياة الاقتصادية أوفي الحياة المجتمع بوجه عام أي التي لا تغير من الدورة الاقتصادية في الإنتاج والتوزيع والاستهلاك التي تنتج من المنافسة الحرة بين الأفراد ولا تعدل من مراكز الطبقات الاجتماعية .
فهي بالنسبة لهم نقطة البداية في حياة الدولة المالية فالدولة تقوم باحتساب ايرادتها بناء على حجم انفاقها وهو ما يعرف بعيدا أولوية النفقة .
ولقد افترض الكلاسيك لضمان حياة النفقة اتجاهين اساسيين لهذه النفقات :-
أولهما:- ضغطها وتقليل حجمها
ثانيهما :- ثباتها
موقف الإسلام من الانفاق :-
إن الإسلام بتعاليمه السامية قد أهتم بالانفاق وأولاه الرعاية الكاملة منذ ما يزيد على اربعة عشر قرنا من الزمن ويمكن ملاحظة ذلك من تكرار كلمة الانفاق في القرآن الكريم فقد وردت كلمة الانفاق في 234 أية وقعت في سبع وخمسين سورة مكية ومدنية . فالإسلام يرى أن الإنفاق أداة للعمران والتقدم ومنعه أو نقصه قد يسبب الكساد .
وإذا كان الإسلام قد وضع حداً أدنى للانفاق فإن الفكر الحديث لم يستطع حتى الآن تحديد حد أدنى للانفاق العام يمكن أن يتلزم الجميع به حتى لو تعطلت الدولة عن القيام بها ويمكن تقسيم النفقات في الإسلام إلى اقسام عدة :-
أولاً : من حيث تخصيص الموارد لنفقات معينة تنقسم إلى :-
أ = نفقات لها موارد خاصة وذلك كانفاق اموال الزكاة وخمس الغنيمة .
ب = نفقات ليس لها موارد خاصة كانفاق أموال الفيء في مصالح المسلمين
ثانيا :- من حيث دوريتها إلى :
أ = نفقات دورية وهي التي تتكرر بصفة منتنظمة كالمصروفات الإدارية للدولة ومصروفات الضمان الاجتماعي
ب = نفقات غير دورية وهي التي لا تتكرر بصفة منتظمة كالمصروفات التي تدفعها الدولة على آثار الكوارث وانفاق الدولة على الحروب ونحو ذلك
ثالثا :- حيث اغراضها تنقسم إلى :-
أ = نفقات إدارية
ب= نفقات اقتصادية
ج= نفقات حربية
د= نفقات اجتماعية
رابعاً : من حيث طبيعتها إلى :-
أ = نفقات حقيقية : وهي النفقات العامة التي يقابلها الحصول على خدمات أو غيرها
ب = نفقات تحويلية وهي النفقات المحولة من افراد إلى افراد آخرين وليس هناك ما يقابلها من الحصول على خدمات
ولعل أهم النفقات التحويلية في الإسلام الضمان الاجتماعي والمقصود بالضمان الاجتماعي في الإسلام التزام الجماعة مسألة في الدولة بكفالة مستوى المعيشة اللائقة لكل فرد
وهذا المستوى هو ما يسمى لدى رجال النفقة الإسلامي باسم حد الكفاية تمييزا له عن حد الكفاف .
وحد الكفاف هو :توافر الحد الأدنى اللازم للمعيشة أي ما يتعلق بمتطلبات بقاء الإنسان على قيد الحياة.
أما الإسلام فإنه يرد ضرورة المعاملة على حد الكفاية وضمان لكل فرد داخل المجتمع المسلم .
وحد الكفاية هو : توافر الحد اللائق للمعيشة وحد الكفاية يعرف أيضا لدى فقهاء الشريعة بحد الفيء
المالية العامة الإسلامية :-
نجد أن القرآن الكريم قد أولى النفقات العامة عناية خاصة تفوق العناية التي أولاها للموارد العامة
فالقران الكريم لم يشر إلى كافة مصادر الإيرادات العامة كالخراج والعشور وغيرها من الضرائب التي فرضت باجتهاد المجهتدين . وحينما أشار إلى ايرادات الزكاة حددها إجمالا وترك للسنة الشريفة تفصيلاتها اما مصارف الانفاق فإن القران الكريم تعرض لها على وجه التحديد ولم يترك للسنة بيان التفصيلات وعلى الرغم من ذلك نجد أن فقهاء المسلمون قد أولوا الإيرادات العامة عناية تفوق النفقات العامة على ضوء ما سيأتي أن شاء الله
س:- تكلم عن تعريف النفقة وبيان عناصرها ؟
ما هية النفقة في الاقتصاد الوضعي
هناك ثلاثة عناصر رئيسية تحدد النفقة العامة باسترجاع ما كتبه علماء المالية العامة نجد التعريفات الآتية :-
أ = النفقة العامة :- مبلغ نقدي يخرج من الذمة المالية للدولة أو أحد تنظيماتها بقصد إشباع حاجة عامة
ب = النفقة العامة : مبلغ نقدي يدفع بواسطة خزانة عامة لإشباع حاجة عامة
ج= النفقة العامة : مبلغ نقدي يصرف من قبل أحد أشخاص القانون العام عندما يستعمل سلطاته وامتيازاته اشباعا لحاجة عامة وتحقيقا لتدخل الدولة في المجال الاجتماعي والاقتصادي
د= النفقة العامة :- مبلغ نقدي يقوم بانفاقه شخص عام يقصد أداء خدمة ذات نفع عام
تلك التعريفات للنفقة تجد أنها تتكون من ثلاثة عناصر :-
أولاً : ان تكون النفقة مبلغا نقديا
ثانيا : صدور النفقة من الدولة أو احد تنظيماتها هيئة عامة
ثالثا : أن تكون بهدف اشباع حاجة عامة
العنصر الأول : النفقة العامة مبلغ نقدي :-
كان انفاق الدولة في الماضي عينيا فقد كانت الدولة تحصل على بعض مستلزماتها عن طريق أعمال السخرة والاستيلاء ومصادر وبعض ممتلكات الأفراد ونظراً لتقدم العلوم وازدياد الوعي لدى الشعوب فلقد تخلت الدولة عن ذلك المبدأ وأصبحت الدولة تؤدي بعض التزاماتها في صورة عينية وذلك كتقديم المزايا العينية للعاملين ثم ما لبثت أن انتهت إلى الصورة النقدية
ويبرر اصحاب هذا المبدا استخدامهم النقدي بالمبررات التالية :-
أولاً : يتميز الاستخدام النقدي بأنه يمكن عن طريقة تنفيذ مبدأ الرقابة بجميع أنواعها الأمر الذي قد لا يمكن تحقيقه بسهولة باستخدام الانفاق العيني .
ثانياً : الانفاق النقدي أكثر سهولة من الانفاق العيني الذي قد تشويه صعوبات من حيث كلفة النقل وتعرضه للتلف وصعوبة تقييمه احيانا
ثالثا : يثير الانفاق العيني العديد من المشاكل الإدارية والتنظيمية .
رابعاً : يعتبر الانفاق النقدي أكثر دقة من الانفاق العيني من حيث معرفة المتبقي والمنصرف بينما يتوقف ذلك على النقد برأت في الانفاق العيني .
خامساً : الانفاق العيني لا يؤدي إلى المساواة بين الأفراد فضلا عن أنه قد يؤدي إلى محاباة بعض الافراد واعطائهم أكثر من غيرهم
العنصر الثاني : صدور النفقة من هيئة عامة :-
يشترط لكي تعد النفقة عاما أن يكون الامر بها شخص معنوي عام أي أن تكون صادرة من الذمة المالية للدولة فعلى سبيل المثال لو قام شخص يدفع مبلغ نقدي بقصد اشباع حاجة عامة فإن ذلك لا يعتبر تبرعاً
ولقد اتجه الفكر المالي إلى استبدال المعيار القانوني في تحديد طبيعة القائم بالانفاق بمعيار وظيفي يستند إلى طبيعة الوظيفة التي يصدر النشاط عنها دون اهتمام بالصفة القانونية للهيئة التي تقوم بذلك النشاط . وعلى هذا تكون النفقة العامة هي " النفقة التي تصدر بقصد تحقيق المصلحة العامة "
ولكن التمسك بذلك الرأي سوف يبعد عن نطاق النفقات العامة جزاً كبيرا منها وهو ما تقوم به الدولة من أنشطة تسعى لتحقيق أرباح مادية فبعد تطور الدولة من حارسه إلى متدخلة ثم منتجة استحدثت وظائف جديدة للدولة لم تكن معروفة من قبل
ونخلص مما سبق :-
أن هذا العنصر وهو كون الانفاق صادرا من الدولة يعتبر شرطا اساسيا لتمييز الانفاق العام عن الانفاق الخاص فلقد تطورت الدولة من دولة حارسة تتولى أعباء العدالة والقضاء والأمن والدفاع إلى دولة متداخلة ثم منتجة وهذا التطور الذي حدث يجب ان لا يخرج بعض ما تنفقه الدولة من نطاق الانفاق العام
العنصر الثالث : اشباعها لحاجة عامة :-
يشترط لاعتبار ما تقوم به الدولة من نفقات نفقة عامة كونها موجهة لإشباع حاجة عامة 00وذلك أن الجميع متساوون في التكاليف الضرائب وغيرها فتقتضي العدالة أن يتساووا في المنافع الحاصلة من هذا الانفاق وبناء على ذلك فإن أي انفاق يجب ان يكون موجها للصالح العام وتنقسم الحاجات إلى قسمين عامة وخاصة 00فعلم الاقتصاد يبحث الحاجات الخاصة أما الحاجات العامة فهي من اختصاص علم المالية العامة .
ويحاول البعض وضع معايير للتفرقة بين الحاجات العامة والخاصة ومن هذه المعايير ما يلى :-
اولا :- إذا قام الفرد باشباع تلك الحاجة فإنها تكون حاجة خاصة أما إذا قامت الدولة بإشباع فأنها حاجة عامة لا خاصة
ويؤخذ على هذا المعيار أنه لم يأخذ بعين الاعتبار المعيار الوظيفي بل تمسك بالمعيار القانوني لتحديد الانفاق العام يضاف إلى ذلك أن هذا المعيار لم يعد العنصر الثالث عناصر النفقة وهو اشباعها لحاجة عامة أي اهتمام.
ثانيا: هناك فرق بين الحاجات العامة والخاصة :-
فلا شباع الحاجة الخاصة يسعى الفرد للحصول على اكبر قدر من المنفعة مقابل دفع أقل تكلفة00 ويؤخذ على هذا المعيار أن الدولة الحديثة تسعى للحصول على أكبر منفعة بأقل تكلفة بل أن الدولة مسئولة عن تحقيق ذلك التوازن بين النفقة والمنفعة ولا شك ان المنفعة العامة تختلف عن المنفعة الشخصية فالمنفعة العامة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية والتي قد يراعيها الفرد أحيانا عند مفارقته
ثالثا : تعتبر الحاجة عامة إذا كانت تدخل في نطاق دو ر الدولة التقليدي وظائف الأمن والدفاع والعدالة والقضاء وما عدا ذلك فهي نفقة خاصة
ويعيب هذا المعيار أنه أغفل جانب التطور والتغيير فلقد تطورت المالية العامة كما أن الدولة تطورت ايضا وأصبحت مسئولية عن أمور كثيرة فليست الدولة مجرد حارس بل أصبحت دولة متداخلة منتجة
رابعاً : يعتمد هذا المعيار في تفرقته بين الحاجات العامة والخاصة على من يحس بالحاجة .
فإذا أحس الفرد بنفسه أو مجموعة قليلة منهم وتمام ذلك الفرد باشباع تلك الحاجة فإنها تعتبر حاجة خاصة 00أما إذا كان الإحساس جماعيا والمقصود بالإحساس الجماعي وهو وجود عدد كبير من الأفراد يمثلون غالبية المجتمع فأنها تكون نفقة عامة
ويؤخذ على هذا المعيار :-
أن الاحساس الجماعي ما هو إلا مجموع احساس الأفراد فالأحساس بكل من الحاجات العامة والحاجات الخاصة لابد وأن يتم من خلال الافراد والرأي عند أن هذا المعيار هو الاولى بالاتباع والأقرب للصواب فما فيه مصلحة عامة تقدم على ما فيه مصلحة خاصة .
وليس الاحساس الجماعي فقط وهو الذي يحدد الحاجة العامة بل يتوقف ذلك على نوعية الحاجة فالانفاق على العاجزين وكبار السن مثلا يعتبر حاجة عامة ان كان لا يفيد بصفة مباشرة إلا تلك الطائفة .
وينبغي أن نشير إلى أن تحديد الحاجات العامة00 يعتبر أمرا غير ميسورة ويرجع ذلك إلى صعوبة تحديد الحاجات العامة تحديدا موضوعيا وفي الوقت نفسه حاجات يعتبر الانفاق عليها انفاقا على حاجة عامة ومنها :-
أولاً :- حاجات يجب على الدولة القيام بها كوظائفها التقليدية فالانفاق على تلك المرافق يعتبر انفاقا على حاجة عامة فالجميع مستفيد من هذه الخدمات ولا يمكن أن يقوم الافراد بانفسهم بهذه الخدمات لضخامة الإيراد التي تحتاجها ولأن قيام الأفراد بهذه المرافق يستوجب خلالا كبيرا
ثانيا : حاجات تقوم بها الدولة من أجل أن يتسنى للجميع الاستفادة من هذا المرفق إذا لو ترك للقطاع الخاص فإن هناك نسبة كبيرة لن تستفيد منها وذلك لارتفاع تكلفتها كالتعليم العالي ونحوه
ثالثا : حاجات لا يمكن للقطاع الخاص القيام بها وخصوصا في الدول النامية وذلك لضخامة رؤوس الأموال لها مثل مشروعات البنية الاساسية اللازمة لتحقيق التنمية يضاف إلى ذلك ان العائد لتلك المشروعات يكون ضئيلا مما يعني طول فترة استرداد قيمة الأصول والأمر الذي يؤدي إلى عدم إقبال القطاع الخاص




Alladin.net


المزيد من المقالات

علم المالية العامة

علم المالية العامة

يدرس علم المالية العامة العلاقات القانونية والاقتصادية التي تنشأ عندما تقوم الدولة بالنشاط المالي الذي يهدف إلى اشباع الحاجات العامة وفكرة الحاجات

المزيد