الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> هذا المقام وهذه أسرارُه >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- هذا المقام وهذه أسرارُه
- رُفع الحجاب فأشرقت أنوارُه
- وبدا هلالُ التمّ يسطعُ نورُه
- للناظرين وزالَ عنه سرارُه
- فأنار روضَ القلبِ في ملكوته
- وأتتْ بكلِّ حقيقة ٍ أشجارُهُ
- عند التنزُّلِ صحَّ ما يختارُه
- قلبٌ أحاطت بالردى أستارُه
- وبدا النسيمُ ملاعباً أغصانَهُ
- فهفتْ بأسرارِ العلى أطيارُهُ
- جادتْ على أهل الروائح مِنّة
- منهُ برياً طيبها أزهارهُ
- هامَ الفؤاد بحبهِ فتقدستْ
- أوصافه وتنزَّهَت أفكارُه
- وتنزلَ الروح الأمينُ لقلبهِ
- يومَ العروبة فانقضتْ أوطارُهُ
- إنَّ الفؤادَ معَ التنزلِ واقفٌ
- ما لم يصح إلى النزيل مطارُه
- منْ كانَ يشغله التكاثرُ لمْ يكنْ
- بعثته يومَ ورودِه اكثاره
- منْ فتيء لحقيقة ٍ يصبرْ على
- من يدعي أنَّ الحبيبَ أنيسهُ
- في حالهِ فدليلهُ استبشارُهُ
- من يدعي حكمَ الكيانِ فإنَّه
- قدْ تيمتهُ بحبها أغيارُهُ
- منْ كانَ يزعمُ أنَّه من آله
- سبحانه فشهوده أذكاره
- شهداء منْ نالَ الوجودُ شعارهُ
- أمر يعرّف شرعه ودثاره
- وأنينهُ مما يجنُّ وصمتهُ
- عنه وعبرة وجده وأواره
- ما نال من جعل الشريعة َ جانباً
- شيا وَلو بلغ السماء منارُه
- الحالُ إما شاهدُ أو واردُ
- تجري على حكم الهوى آثارُه
- والناسُ إما مؤمن أو جاحدٌ
- أو مدَّعٍ ثوبُ النفاقِ شعارُه
- المنزلُ العالي المنيفُ بناؤه
- واهٍ متى ما لم تقم عماره
- لأوائها حتى يرى مقداره
- فلك على نيل المقامِ مداره
- لو كان تسعده النفوسُ وإنما
- حجبتهُ عنْ نيلِ العلى أوزارهُ
- فإذا أتته عناية من ربِّه
- في الحال حِفَّ ببابه زوّارُه
- ورأيته لما تخلص روحه
- من سجنهِ أسرى بهِ جبارُهُ
- وقد امتطى رحبَ اللبانِ مدبراً
- يدعى الباقَ قما يشقُّ غبارُهُ
- تهوى به الهُوج الشِّداد فيرتمي
- نحوَ الطباقِ وشهبهنَّ شفارُهُ
- ما زالَ ينزلُ كلِّ نورٍ لائحٍ
- من جانبيه فما يقرّ قرارُه
- حتى بدت شمسُ الوجود لقلبه
- وبدا لعينِ فؤادِهِ إضمارُهُ
- وتلاقتِ الأرواحُ في ملكوتهِ
- فتواصلتْ ببحارهِ أنهارُهُ
- مدَّ اليمينَ لبيعة ِ مخصوصة ً
- أبدى لها وجهَ الرضى مختارُهُ
- لمَّا بدا حسنُ المقامِ لعينهِ
- عقدتْ عليهِ خلاقة ً أزرارهُ
- ثم التوى يطوي الطريق لجسمه
- ليلاً حذارِ أنْ يبوحَ نهارُهُ
- وأتتْ ركائبهُ لحضرة ِ ملكهِ
- بودائع يعتادها أبرارُه
- وتوجهتْ سفراؤه بقضائِهِ
- في كلِّ قلبٍ لمْ يزلْ يختارُهُ
- وحمت جوانبه سيوفَ عزائم
- منه وطاف ببابه سُمَّارُه
- أين الذين تحققوا بصفاته
- هذه العداة َ فأينَ همْ أنصارُهُ
- منْ يدعي حبَّ الإمام فإنَّما
- قذفتْ بهِ نحوَ المنونِ بحارُهُ
- وسطا على جيش الكيانِ بصارمٍ
- غضبِ المضاربِ لا يفلُّ غرارُهُ
- مَنْ يهتدي أهلُ النهى بمناره
- ذاك الخليفة تُقتفى أثارُه
- إنّ الذين يبايعونكَ إنهم
- ليبايعونَ منْ اعتلتْ أسرارُهُ
- فيمينكَ الحجرُ المكرمُ فيهمِ
- يا نصبة خضعتْ له أخياره
- يا بيعة الرضوان دمت سعيدة
- حتى تعطل للإمامِ عشارُهُ
- إنَّ الديارَ بلاقعٌ ما لمْ يكنْ
- صفواً للجينِ نزيلها ونضارهُ
- المالُ يصلح كل شيءٍ فاسدٍ
- وبه يزول عنِ الجوادِ عثارُهُ
المزيد...
العصور الأدبيه