الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> قلبي بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- قلبي بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ
- لمَّا تملكهُ لمحٌ وتلوينُ
- فلوْ رقتْ في سماءِ الكشفِ همتهُ
- لما تملكهُ وجدٌ وتكوينُ
- لكنه حادَ عن قصدِ السبيلِ فلمْ
- يظفَرْ به فهو بين الخلْقِ مِسكين
- حتى دعته من الأشواق داعية ٌ
- همتْ لها نحوَ قلبي سحبهُ الجونُ
- وأبرقتْ في نواحي الجوِّ بارقة ٌ
- أضحى بها وهو مغبوطٌ ومفتون
- والسحبُ سارية ٌ والريح ذارية
- والبرقُ مختطفٌ والماءُ مسنونُ
- وأخرجتُ كلَّ ما تحويهِ من حبسٍ
- أرضُ الجسومِ وفاح الهندُ والصين
- فما ترى فوق أرضِ الجسمِ مرقبة
- إلا وفيها من النُّوّارِ تزيين
- وكلما لاح في الأجسام من بدعٍ
- وفي السرائر معلومٌ وموزونُ
- والقلبُ يلتذُّ في تقليبِ مشهدهِ
- بكلِّ وجهٍ من التزيينِ ضنينُ
- والجسمُ فلكٌ ببحرِ الجودِ يزعجهُ
- ريحٌ من الغربِ بالأسرارِ مشحونُ
- وراكبُ الفلكِ ما دامتْ تسيرهُ
- ريحُ الشريعة محفوظٌ وممنون
- ألقى الرئيسُ إلى التوحيدِ مقدمهُ
- وفيهِ للملإ العلوي تأمينُ
- فلو تراه وريحُ الشوقِ تزعجُه
- يجري وما فيه تحريكٌ وتسكينُ
- إن العناصر في الإنسانِ مُودَعة
- نارٌ ونورٌ وطينٌ فيه مَسْنونُ
- فأودعِ الوصلَ ما بيني على كثبٍ
- وبينَ ربي مفروضٌ ومسنونُ
- فالسرُّ باللهِ منْ خلقي ومنْ خلقي
- إذا تحققتَ موصولٌ وممنونُ
- يقولُ إني قلبُ الحقِّ فاعتبروا
- فإنّ قلبَ كتابِ اللهِ ياسينُ
- من بعدِ ما قد أتى من قبل نفحته
- عليّ من دهره في نشأتي حين
- لا يعرفُ الملكُ المعصومُ ما سببي
- ولا اللعين الذي ينكيه تنيّن
- لما تسترت عن صَلصال مملكتي
- أخفانِ عن علمه في عينه الطين
- فكانَ بحجبهُ عني وعنْ صفتي
- غيمُ العمى وأنا في الغيب مخزونُ
- فعندما قمتُ فيهِ صارَ مفتخراً
- يمشي الهوينا وفي أعطافه لِينُ
- لما سرى القلبُ للأعلى وجاز على
- عدْنٍ وغازلنه حُوْرٌ بها عِينُ
- غضِّ الجفونَ ولم يثنِ العنان لها
- لما مضى عن هواه القرضُ والدَّينُ
- فعندما قامَ فوقَ العرشِ بايعهُ
- اللوحُ والقلمُ والعلاَّمُ والنُّونُ
- فلو تراه وقد أخفى حقيقتَه
- له فويقَ استواءٍ الحقّ تمكينُ
- فإن تجلى على كونٍ بحكمته
- لهُ علا ظهرَ ذاكَ الكونِ تعيينُ
- فلا يزالُ لمرحِ الملقياتِ بهِ
- يقولُ للكائناتِ في الورى كونوا
- فكلُّ قلبٍ سها عن سرِّ حكمته
- في كلِّ كونٍ فذاكَ القلبُ مغبونُ
- فاعلمْ بأنكَ لا تدري الإلهَ إذا
- مالمْ يكنْ فيكَ يرموكَ وصفينُ
- فاعرف إلهك من قبل الممات فإن
- تمت فأنت على التقليد مسجونُ
- وإن تجليت في شرقي مشهده
- علماً تنزه فيكَ العالُ والدونُ
- ولاح في كلِّ ما يخفى ويظهره
- منَ التكاليفِ تقبيحٌ وتحسينُ
- فافهم فديتُكَ سرَّ الله فيك ولا
- تظهرْه فهو عن الأغيار مكنونُ
- وغر عليه وصُنه ما حييتَ به
- فالسرُّ ميتٌ بقلبِ الحرِّ مدفونُ
المزيد...
العصور الأدبيه