الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ
- بعلمٍ صحيحٍ للهوى غيرِ قابلِ
- فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومَرحباً
- فردَّ بتأهيلٍ على كلِّ آهلِ
- ألا إنَّ شرَّ الناسِ من كان أعزبا
- وإنْ كان بين الناس جمَّ الفضائلِ
- وما في عبادِ الله من هو أعزب
- فيا جاهلاً لم تخل مني بطائل
- تأملْ وجودَ الأصل إذ شاء كوننا
- فهلْ كنتَ إلا بينَ قولٍ وقائلِ
- فقال لشيءٍ كُن فكان لحينه
- عن أمر إله بالطبيعة ِ فاعل
- فأرضعني حولين جوداً ومنَّة ً
- تماماً لكي أربى على كلِّ كاملِ
- فثنى ولمْ يفردْ فعمَّ وجودنا
- بحوليه جوداً كلَّ عالٍ وسافلِ
- وفاطمتي ما كانتْ إلا طبيعتي
- لآخذَ عنه العلمَ من غيرِ حائلِ
- لقدْ فطمتني والهوى حاكمٌ لها
- عليَّ بحبٍّ ثابتٍ غيرِ زائلِ
- فما ثمَّ إلا عاشقُ عينِ ذاتهِ
- عموماً وتخصيصاً لدى كلِّ عاقلِ
- فلوْ لمْ يكنْ لي شاهدٌ غيرَ نشأتي
- على الصورة ِ المثلى كفاني لسائلِ
- بها أقبل الأسماء منه تحققاً
- ويقبل آسمائي حكومة َ عادلِ
- إذا هو ناداني فتى فأجبتُه
- به عند فصلِ واصلٍ غيرَ فاصل
- لقد قسم الرحمن بيني وبينه
- صلاة ً على رغمِ الأنوفِ الأوائلِ
- فقمتُ بها والعلمُ يشهدُ أنني
- بها بين مفضولٍ يقومُ وفاضل
- فقال وقلنا والخطوبُ كثيرة ٌ
- فأسمنني شرَّ الخطوبِ النوازِلِ
- وما قسمَ الرحمنُ إلا كلامَهُ
- فنحكي وما يتلى بعيرِ المقاتلِ
- بذا جاءَ لفظُ العبدِ فيها لأنهُ
- غيورٌ فينفي عنهُ جدَّ المماثلِ
- كما جاءَ في الشورى وفيهِ تنبهٌ
- لكلِّ لبيبٍ في المحاضر واصل
- تمنيت منه أن أفوز بقربه
- فقالَ تمنَّ حكمهُ غيرَ حاصلِ
- ومن يقتربْ منه يجد غيرَ نفسه
- وليس أخو علم بأمرٍ كجاهل
- ولو علمَ الرآؤون ماذا يرونه
- وفيما رأوه لم يفوزوا بنائل
- ولكنها الأوهامُ لمْ تخلُ فيهمُ
- بأحكامها ما بينَ بادٍ وآفلِ
- فيعطيكَ زهداً بالأفولِ ورغبة ً
- إذا هي تبدو ناجزاً غير آجل
- تحفظ فإنَّ الوهم مدَّ شِباكه
- وما يبتغي غيرَ النفوسِ الغوافلِ
- فلا تطعمنْ في الحبِّ فهوَ خديعة ٌ
- أراكَ لتمشي في حبالة ِ حابِ
- لذلك كان الزهد أشرفَ حلية ٍ
- تحلَّى بها قلبُ الشجاعِ المناضل
المزيد...
العصور الأدبيه