الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> تعشقْتُ نفساً ما رأيت لها عيناً >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- تعشقْتُ نفساً ما رأيت لها عيناً
- وما سمعتْ أذناي فيها من الخلقِ
- كلاماً يؤديني إلى حسنِ عينها
- فعشقي لها بالاتفاقِ وبالوفقِ
- مناسبة تخفى على كلِّ ناظر
- ويعلمُها العلامُ بالرتقِ والفتقِ
- أشاهد منها كلَّ سرٍّ محجبٍ
- وما لي فيها غير ذلك من حَقِّ
- وليس حجابي غير كوني فلو مضى
- قعدت مع المحبوبِ في مقعد الصدق
- وهذا محال أن يكون ذهابه
- فما ثمَّ صفوٌ لا يخلطُ بالرفقِ
- تجلّى لنا بالأفْقِ بدراً مكملاً
- وإنَّ فؤادي لا يجنُّ إلى الأفقِ
- وإنْ كان حقاً فالمجالي كثيرة
- وشرعي نهاني عنه في حلبة ِ السبْقِ
- لقد أوَّبَ الحقُّ العليمُ بلادنا
- نفوسَ عبادٍ حظها الوهم إذْ يلقي
- وسرَّحني في كلِّ وجه بوجهة
- ولمْ يتقيدْ لي بغربِ ولا شرقِ
- وفرقَ لي ما بينَ كوني وكونِهِ
- وإنَّ وجودَ السعد في ذلك الفرق
- تعالى فلم تَعْلم حقيقة ُ ذاتِه
- سَغِلت فلم أجهل فحدِّي في نُطقي
- ولمْ أدرِ أنَّ الحدَّ يشملُ كونِهِ
- وكوني إذا كانتْ هويته خلقي
- كما جاءَ في الوحيِ المقررِ صدقهُ
- على ألسنِ الأرسالِ والقولُ للحقِّ
- بهِ يسمعُ العبدُ المطيعُ بهِ يرى
- بهِ يظهرُ الأفعالَ في الفتقِ والرتقِ
- لو أنَّ الذي قد لاح منه يلوح لي
- ولا شرع عندي ما جنحتُ إلى الفِسْقِ
- وكنتُ بما قد لاح لي في بصيرة ٍ
- فقيدني بالشرعِ كشفاً وما يبقي
- خلافاً فإنَّ الأمرَ فيهِ لواحدٍ
- ولا ينكرُ الحقَّ الذي جاءَ بالحقِّ
- إلهي يحب الرفقَ في الأمر كله
- كذلك أهلُ اللهِ يأتونَ بالرفقِ
- لقد شاهدتْ عيني ثلاثَ أسرَّة
- وفي ثالثٍ منها ازورارٌ من العرقِ
- وأخرهُ عنْ صاحبهِ اعتراقُهُ
- وكلٌّ لهُ شربُ رويٍّ منَ الحقِّ
- موازينُ لا تخطيكَ فالوزنُ قائمٌ
- ولا سيما في عالم الحبِّ والعشق
- ظفرتُ بهِ حقاً جلياً مقدساً
- ولا حقَّ إلا ما تضمنه حقي
- نطقتُ به عنه فكان منطقي
- وقد زاد في الإشكالِ ما بي من النطقِ
- تقسم هذا الأمر بيني وبينه
- فها هو في شِقٍّ وها أنا في شِقِّ
- وصورة ُ هذا ما أقولُ لصاحبي
- أنا عبد قنٍّ وهو لي مالك الرِّق
- عبودية ٌ ذاتية ٌ لم أزل بها
- وما لي عنها من فكاك ولا عتق
- إذا رزق العبدُ التهي لنيلِ ما
- يكون من الرزاق من خالصِ الرزق
- وما رزق الإنسان أعلى من الذي
- يحصِّلثه بالعينِ في لمحة ِ البرقِ
- فذلكَ رزقُ الذاتِ ما هوَ غيرهُ
- وآثاره فينا الذي كان في الوَدْق
المزيد...
العصور الأدبيه