الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إني لأجهل ذات من علمي بها >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- إني لأجهل ذات من علمي بها
- عين الجهالة ِ فالعليم الجاهلُ
- فإذا طلبتُ بحارَ معرفتي بها
- جاءتْ بحارُ ما لهنَّ سواحلُ
- ما يشغلُ الألبابَ إلا ذاتها
- فلقلبنا في الذاتِ شغلٌ شاغلُ
- ما نالها من نالها إلا بها
- وبما لها فهيَ المنالُ النائلُ
- ما قلتُ قولاً في الوجودِ محققاً
- إلا وأنت هو المقول القائل
- فانظر بعيني ما تراه فإنه
- عيني على التحقيق وهو الحاصل
- لا تفصلوا بيني وبين أحبتي
- إن المحب هو الحبيبُ الفاصل
- إني مررتُ بغادة ٍ في روضة ٍ
- ترعى الخزامى لم يرعها حابل
- تصطادُ لا تصطادُ فهيَ فريدة ٌ
- في شأنها فصفاتُها تتقابلُ
- لوْ أنها ظهرتْ بنعتِ مقامها
- حازتْ أعاليها لذاك أسافلُ
- العلمُ مني بالإلهَ فريضة ٌ
- فأنا الفريضة والحبيبُ نوافلُ
- وبذا أتى وحيُ الإلهِ لسمعنا
- في نطقهِو الصدوقُ القائلُ
- ما مرّ بي يومٌ أراه بناظري
- يمضي بنا إلا ويأتي الآجلُ
- ما قسمَ الدورَ الذي لا قسمة ً
- في ذاتهِ إلا الحجابُ الحائلُ
- فيقال ليلٌ قد أتاه نهاره
- ليريلهُ وهوَ المزيلُ الزائلُ
- فإذا ظهرتَ لمستوى نعتي لهُ
- لمْ تبدُ أعلامٌ هناكَ فواصلُ
- فالأمر بين تردّ وتحيرّ
- وأبان سحبان
- الفصاحة باقلُ
- كلٌّ إلى علمِ الحقيقة آئل
- فلمثلِ هذا يعملُ الشخصُ الذي
- هو في الحقيقة بالشريعة عامل
- وهوَ الذي فاقَ الوجودَ تظرفاً
- وتصرفاً وهوَ الشخيصُ الكاملُ
- صغرته في اللفظ تعظيماً له
- وهو المكبر والغنيّ العائل
- فهو المجيبُ إذا سألت جلاله
- وإذا أجبت نداه فهو السائل
- فالأمرُ بينَ ترددٍ وتحيرٍ
- وتماثلٍ وتقابلٍ متداخل
- سفرتُ عن الشمسِ المنيرة إذ علتْ
- فوقَ العماءِ فحارَ فيها الداخلُ
- لله نورٌ كالسراجِ يمدّه
- وهنَ التقابلِ بالنزاهة ِ يأفلُ
- مثلٌ أتاكَ ولمْ تكنْ تدري بهِ
- والضاربُ الأمثال ليس يماثل
- لا يقبلُ الإنسانُ علمَ وجودِه
- إلا به فهو العليُّ السافل
- ولمَّا درَّ في فضلِ معنٍ مدخلٌ
- وأبانَ سبحانُ الفصاحة ِ باقلُ
- نفسُ الثناءِ أسماؤه وهيَ التي
- ظهرتْ بنا ولنا عليهِ دلائلُ
- لوْ لمْ يكنْ ما كانَ ثمَّ بعكسهِ
- قالتْ بما قلناهُ فيهِ أوائلُ
- لولا منازلُنا لقلتُ معرِّفاً
- لكِ يا منازلُ في الفؤادِ منازلُ
- إن النجومَ إذا بدت أنوارها
- هي في السماء لمن يسير مشاعل
- يسري لنور ضيائها أهلُ السُّرى
- أهلُ المعارجِ في العلومِ أفاضلُ
- وضعت يدي للمهتدين وزينة
- للناظرين فسوقة وأقاول
- إني أحامي عنْ وجودِ حقيقتي
- بحقيقة ٍ عنها اللسان يناضلُ
- لا يعرفُ الحق المبين لأهله
- إلا الإمام اليثربيّ العادل
- لا تعذلوا منْ هامَ فيه محبة ً
- قد أفلح الراضي وخابَ العاذلُ
- والمحصناتُ المؤمناتُ أعفة ٌ
- لا ترمهنّ فإنهنّ غوافل
- يا مصغياً لنصيحتي لا تغفلنْ
- وأعمل بها فالخاسر المتغافل
- واحذر نداءَ الحقِّ يومَ ورودكم
- عند السؤالِ بعلمهِ يا غافلُ
- المنزلُ المعمورُ إن أخليته
- عن ساكنيه هوَ المحلُّ الآهلُ
- لا يعرف القدرَ الذي قد قلته
- في نظمنا إلا اللبيبُ العاقلُ
- القولُ قولُ الشرعِ لا تعدِل به
- زُهر النُّهى عند الحقيقة ِ ذابلُ
- تجري على حكم الوجودِ قيودُه
- فهو المحبُّ المستهامُ الناحل
- لا تأملْ إلا منْ ينفذُ حكمهُ
- قدْ خابَ منْ غيرِ المهيمنِ يأملُ
- منْ كانَ موصوفاً بكلِّ حقيقة ٍ
- كونية ٍ هو للمعارفِ قابل
- لا تنفرد بالعقلِ دون شريعة ٍ
- روضِ النهى عند الشريعة ماحل
- واعكفْ على علمِ الحقيقة ِ إنهُ
- لا يقبلُ الإلقاء إلا عاقلٌ
- فإذا تخلّى عنه ما هو عاقل
- بيني وبينَ أحبتي سمرُ القنى
- عندَ الحمى وتنائفٌ ومجاهلُ
المزيد...
العصور الأدبيه