الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا ما ذكرتَ اللهَ في غسق الدجى >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- إذا ما ذكرتَ اللهَ في غسق الدجى
- دُجى الجسمِ لو عند الصباحِ إذا بدا
- صباحُ الذي يحيى به الجسم عندما
- هوَ الروحُ لكنْ بالمزاجِ تبلدا
- فلا يأخذُ الأشياءَ منْ غيرِ نفسهِ
- ولكن بآلاتٍ بها سرُّه اهتدى
- فأمسى فقيراً بعد أن كان ذا غنى
- وأصبحَ عبداً بعدَ أنْ كان سيدا
- لقد خلته رُوحاً كريماً منزهاً
- فأصبح ريحاً عنصرياً مُجسَّدا
- وكانَ جليساً للخضارمة ِ العلى
- بمقعدِ صدقٍ للنفوسِ مؤيدا
- لقد كان فيهم ذا وقار وهيبة ٍ
- فلما ارتدى الجسمَ الترابيَّ ألحدا
- وأجرى له نهراً من الخمر سائغاً
- فلمَّا تحسى شربة ً منهُ عربدا
- وكان له فوق السموات مشهدٌ
- فلمَّا رأى الأرضَ الأريضة أخلدا
- وكان لما يلقاه بالذاتِ قائلاً
- وكانَ إذا ما جاءَه الوحيُ أسجدا
- وقدْ كانَ موصوفاً فأصبحَ واصفاً
- كما كانّ ذا قصدٍ فأصبحَ مقصدا
- كما كانَ فيما نالَ منهُ موحداً
- فأصبح فيما نيل منه موحدا
- وفي عالمِ البعدِ الذي قدْ رأيتهُ
- رأيتُ لهُ في حضرة ِ القربِ مقعدا
- ولما تجلّى مَن تجلى بنعتهم
- رأيتهمُ خرّوا بكياً وسجّدا
- وأصعقهمْ وحيٌ من اللهِ جاءهمْ
- فلمَّا أفاقوا قلتُ : ماذا فقال: دا
- أصابهمُ في حالِ نشأة ِ ذاتهم
- ولن يصلحَ العطارُ ما الدهر أفسدا
- فقلت: وهل ميزتني في رعيلهم
- فقالَ : وهل عبدٌ يصيرُ مسودا
- جعلتكمُ في أرضِ كوني خليفة ً
- وأبلستُ منْ ناداكَ فيها وفندا
- وأسجدتُ أملاكي وكانوا أئمة
- لرتبتك العليا فأمسيت معبدا
- نهيتك عن أمر فقاربته ولم
- نجد لك عزماً إذ نرى منك ما بدا
- وقمت لكم فيه بعذر مُبين
- بوّئت داراً خالداً ومخلدا
- كما قال من أغواكمُ غير عالم
- بما قالهُ إذْ قالَ قولاً مسددا
- وحار بخسران إلى أصل خلقه
- كنورِ سِراجٍ في ظلام توقَّدا
- يضيء لإبصارٍ ويحرقُ ذاته
- عن أمر إلهي أتاه فما اعتدى
المزيد...
العصور الأدبيه