الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف
- عليهِ بما تدري ولا تتخذ خدنا
- فإني لكلِّ الاعتقاداتِ قابلٌ
- وإني منكمْ مثلُ ما أنتمُ منا
- مننتُ عليكم بالذي جئتكم به
- على ألسنِ الأرسالِ حباً لكمْ منا
- بعثتُ إليكم واحداً واصطفيته
- لنا ولكم منكم فبنتم وما بنا
- وحلتمْ عنِ العهدِ الذي كانَ بيننا
- بمشهدٍ قبض الذرّ فيه وما حلنا
- أجازيك لي بالصوم إذ كان لي بكم
- فيا ليت شعري هل تدين كما دنا
- وزلتم بلا أمر ولا عين مبصر
- عنِ العينِ بي دونَ الأنامِ وما زلنا
- وكنا على أمرٍ بهِ قدْ عرفتمُ
- ونحن عليه ما نزال وما زلنا
- ونعلمُ أنا إذْ تجولونَ في بنا
- بميدانِ أشهادِ جحاجحة ٍ جلنا
- فإن قمتَ لي فيما أمرتك طائعاً
- بأمرك يا عبدي إذا قمت لي قمنا
- وما أبتغي في ذاك أجراً ولا أرى
- وفي النفي عرفاني فنحن كما كنا
- فما تبتغي نفسي سراحاً لذاتها
- فقد ألفت من ذاتها القيد والسجنا
- وهذا مَجال فكها وسراحها
- ولم ندر هذا الأمر إلا إذا صمنا
- ولكن بإذنِ الشرعِ لا بعقولنا
- ولوْ قالَ عقلي ما أعرتُ لهُ أذنا
- خلافُ الذي قالَ الحكيمُ بفكرهِ
- منَ الحكمِ بالتسريحِ جهلاً بما فهنا
- فنحنُ على ما قدْ علمتم كذاتهِ
- إذا فارقتْ معنى يقيدها معنى
- فإطلاقه إن أنتَ أنصفتَ قيدَه
- فلا تنتظرْ فيهِ خطاباً ولا إذنا
- فلم نخلُ عن مجلى يكون له بنا
- ولمْ يخلُ سرٌ يرتقي نحوهُ منَّا
- رقيُّ معانٍ لارقيَّ مسافة ٍ
- على صورٍ شتى تكونُ بنا عنا
- إذا كان هذا الأمر بيني وبينه
- فقدْ نالَ أيضاً مثلَ ما نحنُ قدْ نلنا
- قدِ انبهمَ الأمرُ الذي كانَ واضحاً
- لعقلي بشرعي فالأمور كما قلنا
- فقالَ لي : المطلوبُ لستُ بغيركمْ
- إذا فزتمُ فزنا وإنْ عدتمُ عدنا
- كما جاءَ في الشرعِ المطهر أنهُ
- يمل إذا مل العبيد فما فزنا
- بشيءٍ لنا نمتازُ عنهُ بهِ ولمْ
- يحز دوننا أمراً لديه ولا حزنا
- لقد جزتُ فيما قلته حدَّ نشأتي
- فيا ليت شعري هل يجوز كما جزنا
- وهذا غريبٌ إنْ يقع فهو مطلبي
- عليهِ رجالُ اللهِ إنْ ساءلوا حلنا
- وما أحدٌ منا إذا جاز حدَّه
- إلى ضدِّه يلتذ فيه فإن امنا
- فذلك أقصى ما يكون من المدى
- وقائلهُ دونَ الأنامِ قد استغنى
- ومنهُ يقولُ الحقُّ عني بالغنى
- وفي عبدهِ في نجمِ قرآنه أغنى
- وبالكسبِ نال العبد هذا الذي أتى
- إلى قولهِ أغنى قنى ً ما بهِ أقنى
- تقربَ ما نادى الذبيحُ إلههُ
- طواعية ً منكمْ ولا تقربِ البدنا
- وجلْ بمفازاتِ المعارفِ تائهاً
- تزادُ بلا زادٍ ولا تدخلِ المدنا
- فإنَّ عوامَ الناسِ قد ينكرونه
- إذا جاءكم فليتخذ بعدهم جنا
- فإن اتخاذ الستر فرضٌ معيَّنٌ
- كذا جاءنا فيما بهِ اللهُ قدْ دنا
- ولوْ لمْ يكنْ هذا لكانتْ دماؤنا
- تباحُ فيا أهل الوجودِ قد أعلمنا
- نصحناكمُ عن إذن ربي وما بقى
- سوى أنْ تعوا ما قلتهُ حينَ أفهمنا
- أتينا بها بيضاء مثلي نقية
- عنِ الغرضِ النفسيِّ حقاً وبينا
- وراثة علمٍ من شرائعِ رسله
- لنرجعَ فيه للإله إذا أبنا
- فمنْ كانَ ذا علمٌ وكشفٍ محققٍ
- إذا كان يدعو فليتب مثلَ ما تبنا
- عليه مدار الأمر في كلِّ مُرسَلٍ
- فقلت لهم فابنوا على مثل ذا يبنى
- لقدْ صدقتْ نفسي لكمْ في مقالها
- ووالله، خاضت ونحن فما خضنا
- عليكَ بصدقِ القولِ في كلِّ حالة ٍ
- ولا تتأولْ واتخذهُ لكمْ حصنا
- ولا تعجز الحق الذي هو قادر
- وكن كالذي قال الإله لهم عنا
- فقدْ بانَ في شخصٍ جليلٍ مقامهُ
- وأثر فيه بالذي كان أعلمنا
- حياؤً وتعظيماً لهُ وترفقاً
- وعاد علينا قوله فتضرّرنا
- عليه صلاة الله ما ذرَّ شارقٌ
- وما ناح للشربِ الحمام وما غنى
المزيد...
العصور الأدبيه