الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> عماد الدين الأصبهاني >> أهدى النسيم لنا ريا الرياحين >>
قصائدعماد الدين الأصبهاني
- أهدى النسيم لنا ريا الرياحين
- أم طيب أخلاق جيراني بجيرون
- هبت لنا نفحة في جلق سحرا
- باحت بسر من الفردوس مكنون
- وفاح بالعرف من أرجائها أرج
- نال المسرة منه كل محزون
- هبت تنبه أطرافي وتبعثها
- مني وتوجب للتهويم تهويني
- وما درينا أداريا لنا أرجت
- أم دار في دارنا عطار دارين
- نسري ونرتاح الاستنشاء رائحة
- هبت سحيرا على ورد ونسرين
- ورب هم فقدناه بربوتها
- ورب قلب أصبناه بقلبين
- لولا جسارة قلبي ما ثبت على العبور
- من طرب من جسر جسرين
- دمشق عندي لا تحصى فضائلها
- عدا وحصرا ويحصى رمل يبرين
- وما أرى بلدة أخرى تماثلها
- في الحسن من مصر حتى منتهى الصين
- في كل قطر بها وكر لمنكسر
- ومسكن غير مملول لمسكين
- وإن من باع كل العمر مقتنعا
- بساعة في ذراها غير مغبون
- لما علت همتي صيرتها وطني
- وليس يقنع غير الدون بالدون
- يصيبك ميطورها طورا ونيربها
- طورا وتوليك إحسانا بتحسين
- ترى جواسقها في الجو شاهقة
- كأنهن قصور للسلاطين
- دار النعيم ومن أدنى محاسنها
- ثمار تموز في أيام كانون
- نعيمها غير ممنوع لساكنها
- كالخلد والمن فيها غير ممنون
- كأنما هي للأبرار قد فتحت
- من الفراديس أبواب البساتين
- أزهارها أبدا في الروض مونقة
- فحسن نسيان موصول بتشرين
- وأي عين إليها غير ناظرة
- وأي قلب عليها غير مفتون
- أهوى مقري بمقرى والرياض بها
- للزهر ما بين تفويف وتزيين
- هاجت بلابل قلبي المستهام بها
- بلابل اليك غنتنا بتلحين
- تتلو بسطرى أساطير الغرام على
- صوامع الدوح ورق كالرهابين
- قمريها مقريء يشدو بنغمته
- آيا تعلمها من غير تلقين
- وللحمائم في الأسحار أدعية
- مرفوعة شفعت منا بتأمين
- خافت على الروض من عين مطوقة
- أضحت تعوذه منها بياسين
- من كل مطرب صوت غير مضطرب
- وكل معرب لفظ غير ملحون
- وللبساتين أنهار جداولها
- تستن في الجري أمثال الثعابين
- وقد تراءت بها الأشجار تحسبها
- صفوف خيل صفون في الميادين
- كأنها شجر الرمان ذو نشب
- مثر دنانيره ملء الهمابين
- وللخلاف لإظهار الخلاف على
- أترابه ورق شبه السكاكين
- وكل غصن بعصف الريح ممتحن
- كأنه عاقل مبلى بمجنون
- للأقحوان ثغور الغانيات كما
- للنرجس الغض الحاظ المها العين
- وللبنفسج خال للعذار إذا
- ما الخط بالخال حاكى عطفة النون
- والورد خد من التوريد في خجل
- والغصن قد تثنيه من اللين
- وللنسيم ولوع بالغدير فما
- يزال ما بين تفريك وتغضين
- والماء من نكبة النكباء في زرد
- مضاعف السرد ضافي النسج موضون
- لكل جارية في كل ساقية
- على التواء بها إسراع تنين
- إن القلوب وألحاظ الحسان بها
- لكالعصافير في أيدي الشواهين
- من كل خاطفة للقلب مخطفة
- بالخصر تمطلني ديني وتكويني
- من شاذن متثني العطف معتدل القوام
- مستعذب الأخلاق موزون
- يا صاحبي أفيقا فالزمان صحا
- ولان من بعد تشديد وتخشين
- حرستما في حرستا العيش من شظف
- دوما بدوما على حفظ القوانين
- دار المقامة قد أضحت محلكما
- ونلتما العز في أمن من الهون
- وبالمنيبع ربع للولي غدا
- تأسيس بنيانه العالي على الدين
المزيد...
العصور الأدبيه