الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> علي بن محمد التهامي >> الليل حيثُ حللن فيه نهارُ >>
قصائدعلي بن محمد التهامي
- الليل حيثُ حللن فيه نهارُ
- فلذا ليالي وصلهنَّ قصارُ
- يا صاح أبصر في السراب ظواعناً
- كالدرِّ يطفو فوقه التيارُ
- تقف العيونُ إذا وقفنَ وأينما
- دارت بهنَّ العيسُ فهي تدار
- أرأيتَ من عنِّفت فيه فقال لي
- أمَّا الوجوهُ فإنها أقمار
- فاسفح بنجد ماء عينك إنما
- للعامريّة كل نجد دار
- ولها به من كلّ ماء مشربٌ
- وبكلّ مسقط مزنة ٍ آثارُ
- قوم إذا ما المزنُ طنَّب طنبوا
- أو سار نحو ديارِ قوم ساروا
- فتوقَّ أعينَ عامر وسيوفها
- كلٌّ وجدك صارمٌ بتار
- إياك إياك العيونَ فإنها
- قضُبٌ وأشفارُ الجفون شفارُ
- لم أدر إذ ودّعنني أمقبّل
- لحلاوة في الرّيق أم مشتار
- ألبسنني سربالَ ضمٍّ ما له
- إلا رؤوسُ نهودها أزرار
- أجني الرُّضاب من الغصون وحبذا
- وتلك الغصونُ وحبّذا الأثمار
- في روضة ٍ جمعت لمرتاد الصّبا
- أمراً يحلُّ لمثله ويُسار
- بوجوههن ووشيهنَّ ونورها
- إن الثلاثة َ عندك النّوار
- إن أظلمت قطعُ الرّياض أضالها
- نوّارُها فكأنها الأنوار
- وتمازجت حتى كأنّ قطينها
- مما تضمّنَ نبتُ أرض قار
- من كلّ بدرٍ يستسر زمانه
- ولكلِّ بدرٍ مطلعٌ وسرار
- لا يرتجى درك لثأري عنده
- جرح الحداءة والمهاة جبار
- في طرفها يقضي غرارٌ من كرى ً
- ولكل ماضي الشّفرتين غرار
- أوليت طرفك ناشبٌ أم سائف
- أم نافثٌ للسحر أم خمار
- قد كنت أعذلُ في الهوى قدماً وقد
- يرمي الطبيب بغير ما يختار
- خضتُ الأمور وعمتُ في غمراتها
- ومن الأمور مخائض وغمار
- فرأيت دهري قد يضيءُ وليس من
- شأن الزمان الضوء والإسفار
- وصحوت من سكر الصبا ولربما
- يعتادني في الحين منهُ خُمار
- وحصرتُ نفسي بالعفاف عن التي
- تصمُ الكريمَ وفي العفاف حصار
- فظفرت من كفّ المظفّر بالمنى
- إذ ساعدت بلقائه الأقدار
- ملكٌ له مننٌ تملكني بها
- وبمثلها يتملك الأحرار
- أضحى مقرَّاً للضيوف وماله
- ضيفٌ وليس لهُ لديه قرار
- ينبيك عنهُ ولو تنكّر بشرهُ
- إن البشاشة للكريم شعار
- جمع الإله لهُ العلى وبه كما
- جُمعت بطرف الرّقدة الأشفار
- فالوجهُ بدرٌ والعزيمة ُ صارمٌ
- والكفُّ برٌّ والبنان بحار
- يعدي اللئيمَ بجوده فلو انه
- حجرٌ جرت في عرضه الأنهار
- ما طرّز القرطاسَ إلا طرزّت
- أيدي العدى مهجاً عليه تمار
- وتمجُّ في قرطاسهِ أقلامهُ
- ظلماً مواقع نقسها أنوار
- فصريرها في سمعنا من حسنه
- نغمٌ وفي سمع الأعادي نار
- تقصُ الليوثَ الغُلب وهي ضعائف
- وتطولُ سمرَ الخطّ وهي قصار
- إن المخالب في يدي ليث الشّرى
- قضبٌ وفي يد غيره أظفار
- ما كل من حمدتهُ كابن عليٍّ ال
- أقلام يحمدهُ القنا الخطار
- هلاّ سالتَ بني كلاب بأسهُ
- والنقعُ بين الجحفلين مثار
- والبيضُ تطفو في الدماء كأنها
- حببٌ ومسفوح الدماء عقار
- تهدي الأسنة ُ كلّ رمح طائش
- لنحورهم فكأنها أبصار
- زرعوا وقد حصدوا فإن يتعرّضوا
- أخرى فهذا المهر والمضمار
- كرّوا فلم ينفعهم إقدامهم
- ومضوا فلم ينفعهم الإدبار
- وقفلتَ عنهم غانماً وقلوبهم
- فيها لخوفك عسكرٌ جرّار
- قد حار شعري في علاك كأنها
- شمسٌ وطرفُ المرء ثمَّ يحار
- فافرج أبا الفرج الخُطوبَ فقد غدت
- وصروفها سور عليَّ يدار
- يخفي الزمانُ فضائلي فكأنني
- وكأنها في قلبه إضمار
- لم أخفَ إلا للعلوّ وإنما
- تخطي السهى لعلوّه الأبصار
- نفديك من غير الزمان ولم تزل
- بفداءِ مثلك تُذخرُ الأعمار
المزيد...
العصور الأدبيه