الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> عبد الصمد بن المعذل >> هريقاً دماً إنْ أنفذتْ عبرة تجري >>
قصائدعبد الصمد بن المعذل
- هريقاً دماً إنْ أنفذتْ عبرة تجري
- أبى الصبر إنّ الرزء حل عن الصبرِ
- ولا تجمدا عينيّ قد حسن البكا
- وفرط الأسى فقدُ المغيب في القمرِ
- لغيركما بالبث أن لست واقفا
- من الصبرِ يوماً بعد عمرو على عذرِ
- سلام وسقيا من يد الله ثرة ٌ
- على جسدِ بالٍ بلماعة قفرِ
- جرتْ فوقهُ الأرواحُ أمناً لجريهِ
- وقد كُنَّ حَسْرَى حينَ يَجْري كمَا تَجْري
- تولى الندى والباسُ والحلمُ والتقى
- فلم يبقَ منها بعدَ عمرو سوى الذكرِ
- فإنْ تطوهِ الأيامُ لا تطو بعدهُ
- صنائعَ مِنْهُ لا تبيدُ على النّشرِ
- متى تلقهُ لا تلقَ إلا ممنعاً
- حماهُ، مصونَ العرضِ مبتذلَ الوفرِ
- وأيُّ محلٍّ لا لكفيهِ نعمة ٌ
- على أهلِهِ من أرضِ بَرٍّ ولا بَحْرِ
- وما اختلفتْ حالانِ إلا رأيتهُ
- ركوبَ التي تسبي هيوبَ التي تزري
- ومن تكنِ الأوراقُ والتبرُ ذُخْرَهُ
- فما كان غيرَ الحمدِ يرغبُ في ذخرِ
- كلا حالتيهِ الجودُ أنى تصرفتْ
- به دُوَلُ الأيامِ في العُسْرِ واليُسْرِ
- وما عُدِمَتْ يوماً لكفّيهِ أَنْعُمٌ
- تُضافُ له منها عَوانُ إلى بكرِ
- وما انتسبتْ إلا إليهِ صنيعة ٌ
- وما نطقتْ إلا به ألسنُ الفخرِ
- يرى غبناً يوماً يمرُّ وليلة ً
- عليه ولم يكسبْ طريقاً من الشكرِ
- تغضّ له الأبصار عند اجتلائه
- وليس به إلا الجلالة ُ من كبرِ
- تَرَى جَهْرَهُ جَهْرَ التقيّ وسِرُّهُ
- إذا ما اختبرتَ السِّرَّ أتقى منَ الجهْرِ
- ولم يصحُ من يومٍ ولم يمسِ ليلة ً
- بغير ِاكتسابِ الحمدِ مشتغلَ الفكرِ
- وكانتْ تعُمُّ الناسَ نَعماءُ كفّهِ
- فعَمّوا عليهِ بالمُصيبة ِ والأجرِ
- تناعاهُ أقطارُ البلادِ تفجعاً
- لِمصْرَعِهِ تَبْكيهِ قُطْراً إلى قُطْرِ
- تباشرَ بطنُ الأرضِ أنساً بقربهِ
- وأضحتْ عليه وهي خاشعة ُ الظهرِ
- ولم تَكُ تُسْقى الأرضُ إلاّ بسَيْبهِ
- إذا ما جفا أقطارها سبلُ القطرِ
- إذا نَشَأتْ يوماً لكفّيهِ مُزْنَة ٌ
- أديلَ الغنى في كل فجّ من القفرِ
- هوى جبلُ اللهِ الذي كانَ معقلاً
- وعزّاً لدينِ اللّهِ ذُلاًّ على الكُفْرِ
- عجبتُ لأيدي الحتف كيفَ تغلغلتْ
- إليكَ وبينَ النّسْرِ بَيْتُكَ والنّسْرِ
- وماكُنْتَ بالمُغْضِي لدهرٍ على القذى
- ولا لَيّنٍ للحادثاتِ على القَسْرِ
- ولو دَفَعَ العِزُّ الحِمامَ عن امرىء ٍ
- لما نال عمراً للحمامِ شبا ظفرِ
- ألم تَكُ أسبابُ الرَّدَى طَوعَ كفّهِ
- تبينُ لصرفي ما يريشُ وما يبري
- إذا صاح داعي الرَّوْعِ سارَ أمامَهُ
- لواءانِ مَعْقودانِ بالفَتْحِ والنّصرِ
- يُقَاسمُ آجالَ العِدَى عزمُ بأسِهِ
- بهندية ٍ بيضٍ وخطية ٍ سمرِ
- وماذبّ إلاّ عن حمى الدين سيفُهُ
- ولا قاد خيلَ اللّه إلاّ إلى ثغرِ
- وقد كان يقري الحتفَ أعداءَ سلمهِ
- فأضحى قرى ما كان أعداءَهُ يقري
- تولى أبو عمرو فقلنا لنا عمرو
- كَفَانا طُلوعُ البدرِ غَيْبوبَة َ البدرِ
- وكان أبو عمرو معاراً حياتهُ
- بعمرو فلما ماتَ ماتَ أبو عمرو
- وكنا عليه نحذرُ الدهرَ وحدهُ
- فلم يبقَ ما يخشى عليه من الدهرِ
- وهَوّنَ وَجْدِي أنّ من عاشَ بَعدَهُ
- يلاقي الذي لاقى وإن مدَّ في العمرِ
- وهوّنَ وَجْدِي أنّنِي لا أَرَى امرءاً
- من الناس إلا هو مغضٍ على وترِ
- رَمَتْنَا الليالي فيكَ ياعمرو بَعْدَمَا
- حَمِدْنَا بكَ الدّنيا بقاصمة ِ الظهرِ
- سأجْزِيك شكري ماحَييت فإن أمتْ
- أُبقِّ ثناءً فيكَ يَبْقى إلى الحَشرِ
- وأُوثِرُ حُزني فيكَ دُونَ تجلّدِي
- وإسبالَ دمعٍ لا بكيءٍ ولا نزرِ
المزيد...
العصور الأدبيه