الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> بهاء الدين زهير >> عَرَفَ الحَبيبُ مكانَهُ فتَدَلّلا >>
قصائدبهاء الدين زهير
عَرَفَ الحَبيبُ مكانَهُ فتَدَلّلا
بهاء الدين زهير
- عَرَفَ الحَبيبُ مكانَهُ فتَدَلّلا
- وقنعتُ منهُ بموعدٍ فتعللا
- وأتى الرسولُ ولم أجدْ في وجههِ
- بشراً كما قد كنتُ أعهدُ أولا
- فقَطَعْتُ يَوْمي كلَّهُ متَفَكّراً
- وسَهِرْتُ لَيلي كُلَّهُ متَمَلمِلا
- وأخذْتُ أحسبُ كلّ شيءٍ لم يكن
- مُتَجَلّياً في فِكرَتي مُتَخَيَّلا
- فلعلّ طيفاً منهُ زارَ فردهُ
- سَهَري فعادَ بغَيظِهِ فتَقَوّلا
- وعسَى نَسيمٌ بِتُّ أكتُمُ سرّنَا
- عنهُ فراحَ يقولُ عني قد سلا
- ولقد خشيتُ بأنْ يكونَ أمالهُ
- غيري وَطَبْعُ الغُصْنِ أن يَتَمَيّلا
- وأظُنّهُ طَلَبَ الجَديدَ وَطالَمَا
- عَتَقَ القَميصُ على امرىء ٍ فتبدّلا
- أبدً يرَى بُعدي وَأطْلُبُ قُرْبَهُ
- وَلَوَ انّني جارٌ لَهُ لَتَحَوّلا
- وَعَلِقْتُهُ كالغُصْنِ أسمَرَ أهيَفاً
- وعشقتهُ كالظبيِ أحورَ أكحلا
- فضَحَ الغَزالَة َ والغزالَ فتلكَ في
- وَسَطِ السّماءِ وَذاكَ في وَسطِ الفلا
- عَجَباً لقَلبٍ ما خَلا من لَوْعة ٍ
- أبداً يَحِنّ إلى زَمانٍ قد خَلا
- ورُسومِ جسْمٍ كادَ يُحرِقُهُ الجوَى
- لوْ لم تَدارَكْهُ الدّموعُ لأُشْعِلا
- وهوًى حَفِظتُ حَديثَهُ وكتَمتُهُ
- فوَجدتُ دَمعي قد رواهُ مُسَلسَلا
- أهوى التذللَ في الغرامِ وإنما
- يأبى صلاحُ الدينِ أنْ أتذللا
- مَهّدتُ بالغَزَلِ الرّقيقِ لمَدحِهِ
- وَأرَدتُ قبلَ الفَرْضِ أن أتَنَفّلا
- ملكٌ شمختُ على الملوكِ بقربهِ
- وَلَبِستُ ثوْبَ العزّ منهُ مُسبَلا
- وَرَفَعتُ صَوْتي قائلاً يا يوسُفٌ
- فأجابني ملكٌ أطالَ وأجزلا
- ثمّ التَفَتُّ وَجَدْتُ حَوْليَ أنْعُماً
- ما كانَ أسرَعَها إليّ وَأعْجَلا
- وَهَصَرْتُ أغصانَ المَطالبِ مُيَّساً
- ومريتُ أخلافَ المواهبِ حفلا
- قهرَ الزمانَ وقد عراني صرفهُ
- حتى مشى في خدمتي مترجلا
- وإذا نظرتُ وجدتُ بعضَ هباتهِ
- فيها المفاخرُ والمآثرُ والعلى
- يروى حديثُ الجودِ عنهُ مسنداً
- فعلامَ ترويهِ السحائبُ مرسلا
- من مَعشَرٍ فاقُوا الملوكَ سيادَة ً
- وَسَعادَة ً وتَطَوّلاً وتَفَضُّلا
- وكأنّ متنَ الأرضِ يومَ ركوبهمْ
- يَكسُونَهُ بُرْداً عَلَيهِ مُهَلهَلا
- من كلّ أغلبَ في الهِياجِ كأنّما
- لَبِسَ الغَديرَ وهَزّ منهُ جَدْوَلا
- وإذا سألتَ سألتَ غيثاً مسبلا
- وإذا لقيتَ لقيتَ ليثاً مشبلا
- مولايَ قد أهدَيتُها لكَ كاعِباً
- عَذْراءَ تُبدي عُذْرَة ً وتَنَصُّلا
- حَمَلتْ ثَناءً كالهِضابِ فأبطأتْ
- فاعذِرْ بَطِيئاً قد أتَى لكَ مُثْقَلا
- عرفتْ محبتها لديكَ وحسنها
- فأتتْ تريكَ تدللاً وتعسلا
- بدَوِيّة ٌ إنْ شِئْتَ أوْ حَضَرِيّة ٌ
- جَمَعَ الخُزامى نشرُها وَالمَندَلا
- ولوَ انّها مِمّنْ تَقَدّمَ عصرُهُ
- منعتْ زياداً أن يقولَ وجرولا
- غَزَلٌ وَمَدْحٌ بِتُّ أغرَقُ فيهِما
- كالخَمرِ مازَجتِ الزّلالَ السّلسَلا
- فتألفتْ عقداً يروقُ نظامهُ
- والعقدُ أحسنُ ما يكونُ مفصلا
- يا أيّها المَلِكُ الذي دانَتْ لهُ
- كُلُّ المُلُوكِ تَوَدّداً وَتَوَسُّلا
- فعلاهمُ متطولاً وحباهمُ
- مُتَفَضّلاً وَأتاهُمُ مُتَمَهّلا
- يا من مديحي فيهِ صدقٌ كلهُ
- فكأنما أتلو كتاباً منزلا
- يا مَنْ وَلائي فيهِ نَصٌّ بَيّنٌ
- والنّصُّ عندَ القَوْمِ لَنْ يَتَأوّلا
- ولقد حلا عيشي لديكَ ولم أردْ
- عيشاً سواه وإنْ أردتُ فلا حلا
- وشكرتُ جودكَ كلَّ شكرٍ عالماً
- أن لا أقومَ ببعضِ ذاكَ ولا ولا
المزيد...
العصور الأدبيه