الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> بهاء الدين زهير >> بكَ اهتزّ عطفُ الدينِ في حللِ النصرِ >>
قصائدبهاء الدين زهير
بكَ اهتزّ عطفُ الدينِ في حللِ النصرِ
بهاء الدين زهير
- بكَ اهتزّ عطفُ الدينِ في حللِ النصرِ
- وردتْ على أعقابها ملة ُ الكفرِ
- فقد أصْبَحتْ وَالحَمدُ لله نِعمَة ً
- يُقَصّرُ عنها قُدرَة ُ الحمدِ وَالشّكرِ
- يَقِلّ بهَا بَذْلُ النّفُوسِ بِشارَة ً
- ويصغرُ فيها كلّ شيءٍ من النذرِ
- ألا فليقلْ ما شاءَ منْ هو قائلٌ
- ودونكَ هذا موضعُ النظمِ والنثرِ
- وَجَدْتَ مَحَلاًّ للمَقالَة ِ قابِلاً
- فما لكَ إن قصرتَ في ذاكَ من عذرِ
- لكَ اللهُ من مولى إذا جادَ أو سطا
- فناهيكَ من عُرْفٍ وَناهيكَ من نُكرِ
- تَميسُ بهِ الأيّامُ في حُلَلِ الصِّبَا
- وترفلُ منهُ في مطارفهِ الخضرِ
- أياديهِ بِيضٌ في الوَرَى مُوسَوِيّة ٌ
- ولكنها تسعى على قدمِ الخضرِ
- ومن أجلِهِ أضْحَى المُقَطَّمُ شامِخاً
- ينافسُ حتى طورَ سيناءَ في القدرِ
- تَدينُ لَهُ الأملاكُ بالكُرْهِ وَالرّضَى
- وَتَخدُمُهُ الأفلاكُ في النّهي وَالأمْرِ
- فَيَا مَلِكاً سامَى المَلائِكَ رِفْعَة ً
- ففي المَلإِ الأعلى لَهُ أطْيَبُ الذّكْرِ
- ليهنئكَ ما أعطاكَ ربكَ إنها
- مَواقِفُ هنّ الغُرُّ في موْقفِ الحَشرِ
- وما فرحتْ مصرٌ بذا الفتحِ وحدها
- لقد فرحتْ بغدادُ أكثرَ من مصرِ
- فلوْ لم يقمْ باللهِ حقّ قيامهِ
- لما سلمتْ دارُ السلامِ من الذعرِ
- وأقسمُ لولا همة ٌ كاملية ٌ
- لخافتْ رجالٌ بالمقامِ وبالحجرِ
- فمنْ مبلغٌ هذا الهناءَ لمكة ٍ
- ويثربَ تنهيهِ إلى صاحبِ القبرِ
- فقُلْ لرَسولِ الله إنّ سَمِيّهُ
- حمى بيضة َ الإسلامِ من نوبِ الدهرِ
- هو الكاملُ المولى الذي إن ذكرتهُ
- فيا طربَ الدنيا ويا فرحَ العصرِ
- بهِ ارتجعتْ دمياطُ قهراً من العدى
- وطهرها بالسيفِ والملة ِ الطهرِ
- وَرَدّ على المِحرابِ منها صَلاتَهُ
- وكم باتَ مُشتاقاً إلى الشَّفعِ وَالوِتْرِ
- وأقسمُ إن ذاقتْ بنو الأصفرِ الكرى
- فلا حَلِمَتْ إلاّ بأعلامِهِ الصُّفرِ
- عَجبْتُ لبَحرٍ جاءَ فيهِ سَفينُهُمْ
- ألَسْنَا نَراهُ عندَنا مَلِكَ الغَمْرِ
- ألا إنها من فعلهِ لكبيرة ٌ
- سيَطلُبُ منها عَفوَ حِلمِكَ واليُسْرِ
- ثلاثة َ أعوامٍ أقمتَ وأشهراً
- تُجاهِدُ فيهِمْ لا بزَيْدٍ وَلا عمرِو
- صبرتَ إلى أنْ أنزلَ اللهُ نصرهُ
- لذلكَ قد أحمَدْتَ عاقبَة َ الصّبرِ
- وَلَيْلَة ِ غَزْوٍ للعَدوّ كأنّهَا
- بكثرَة ِ مَنْ أرْدَيْتَهُ لَيلَة ُ النّحرِ
- فيا ليلة ً قد شرفَ اللهُ قدرها
- ولا غروَ إنْ سميتها ليلة َ القدرِ
- سددتَ سبيلَ البرّ والبحرِ عنهمُ
- بسابحة ٍ دهمٍ وسابحة ٍ غرَّ
- أساطيلُ ليستْ في أساطيرِ منْ مضى
- بكلّ غرابٍ راحَ أفتكَ من صقرِ
- وجيشٍ كمثلِ الليلِ هولاً وهيبة ً
- وإن زانهُ ما فيهِ من أنجمٍ زهرِ
- وكلَّ جوادٍ لم يكنْ قطُّ مثلهُ
- لآلِ زُهَيرٍ لا وَلا لبني بَدْرِ
- وباتتْ جنودُ اللهِ فوقَ ضوامرٍ
- بأوضاحها تغني السراة َ عن الفجرِ
- فَما زِلْتَ حتى أيّدَ الله حِزْبَهُ
- وأشرقَ وجهُ الأرضِ جذلانَ بالنصرِ
- فرويتَ منهم ظامئَ البيضِ والقنا
- وأشبعتَ منهم طاويَ الذئبِ والنسرِ
- وجاءَ ملوكُ الرومِ نحوكَ خضعاً
- تجررُ أذيالَ المهانة ِ والصغرِ
- أتوا ملكاً فوقَ السماكِ محلهُ
- فمن جودهِ ذاكَ السحابُ الذي يسري
- فمَنّ عَلَيهِمْ بالأمانِ تكَرّماً
- على الرغمِ من بيضِ الصوارمِ والسمرِ
- كَفَى الله دِمياطَ المَكارِهَ إنّهَا
- لمنْ قبلة ِ الإسلامِ في موضعِ النحرِ
- وما طابَ ماءُ النيلِ إلاّ لأنهُ
- يحلّ محلّ الريقِ من ذلكَ الثغرِ
- فلِلّهِ يَوْمُ الفَتحِ يَوْمُ دُخولِهَا
- وقد طارتِ الأعلامُ منها على وكرِ
- لقدْ فاقَ أيامَ الزمانِ بأسرها
- وأنسَى حَديثاً عن حُنَينٍ وَعن بَدْرِ
- ويا سعدَ قومٍ أدركوا فيهِ حظهمْ
- لقد جَمَعوا بَينَ الغَنيمَة ِ وَالأجْرِ
- وَإنّي لمُرْتَاحٌ إلى كُلّ قادِمٍ
- إذا كانَ من ذاكَ الفُتوحِ على ذِكْرِ
- فيطربني ذاكَ الحديثُ وطيبهُ
- ويَفعَلُ بي ما لَيسَ في قُدرَة ِ الخَمرِ
- وأصغي إليهِ مستعيداً حديثهُ
- كأني ذو وقرٍ ولستُ بذي وقرِ
- يقومُ مَقامَ البارِدِ العَذبِ في الظمَا
- ويغني عن الأزوادِ في البلدِ القفرِ
- فكمْ مرّ لي يومٌ إذا ما سمعتهُ
- أقَرّ بِهِ سَمعي وَأذكَرَهُ فِكرِي
- وها أنا ذا حتى إلى اليومِ ربما
- أكذبُ عنهُ بالصحيحِ من الأمرِ
- لكَ اللهُ من أثنى عليكَ فإنما
- من القتلِ قد أنجيتهُ أوْ من الأسرِ
- يُقَصّرُ عَنكَ المَدْحُ من كلّ مادحٍ
- ولوْ جاءَ بالشّمسِ المُنيرَة ِ والبَدرِ
المزيد...
العصور الأدبيه