الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> يا أخت خير أخ يا بنت خير أب >>
قصائدالمتنبي
يا أخت خير أخ يا بنت خير أب
المتنبي
- يا أُخْتَ خَيرِ أخٍ يا بِنْتَ خَيرِ أبِ
- كِنَايَةً بهِمَا عَنْ أشرَفِ النّسَبِ
- أُجِلُّ قَدْرَكِ أنْ تُسْمَيْ مُؤبَّنَةً
- وَمَنْ يَصِفْكِ فَقد سَمّاكِ للعَرَبِ
- لا يَمْلِكُ الطّرِبُ المَحزُونُ مَنطِقَه
- وَدَمْعَهُ وَهُمَا في قَبضَةِ الطّرَبِ
- غدَرْتَ يا مَوْتُ كم أفنَيتَ من عدَدٍ
- بمَنْ أصَبْتَ وكم أسكَتَّ من لجَبِ
- وكم صَحِبْتَ أخَاهَا في مُنَازَلَةٍ
- وكم سألتَ فلَمْ يَبخَلْ وَلم تَخِبِ
- طَوَى الجَزِيرَةَ حتى جاءَني خَبَرٌ
- فَزِعْتُ فيهِ بآمالي إلى الكَذِبِ
- حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدْقُهُ أمَلاً
- شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي
- تَعَثّرَتْ بهِ في الأفْوَاهِ ألْسُنُهَا
- وَالبُرْدُ في الطُّرْقِ وَالأقلامُ في الكتبِ
- كأنّ فَعْلَةَ لم تَمْلأ مَوَاكِبُهَا
- دِيَارَ بَكْرٍ وَلم تَخْلَعْ ولم تَهَبِ
- وَلم تَرُدّ حَيَاةً بَعْدَ تَوْلِيَةٍ
- وَلم تُغِثْ داعِياً بالوَيلِ وَالحَرَبِ
- أرَى العرَاقَ طوِيلَ اللّيْلِ مُذ نُعِيَتْ
- فكَيفَ لَيلُ فتى الفِتيانِ في حَلَبِ
- يَظُنّ أنّ فُؤادي غَيرُ مُلْتَهِبٍ
- وَأنّ دَمْعَ جُفُوني غَيرُ مُنسكِبِ
- بَلى وَحُرْمَةِ مَنْ كانَتْ مُرَاعِيَةً
- لحُرْمَةِ المَجْدِ وَالقُصّادِ وَالأدَبِ
- وَمَن مَضَتْ غيرَ مَوْرُوثٍ خَلائِقُها
- وَإنْ مَضَتْ يدُها موْرُوثَةَ النّشبِ
- وَهَمُّهَا في العُلَى وَالمَجْدِ نَاشِئَةً
- وَهَمُّ أتْرابِها في اللّهْوِ وَاللّعِبِ
- يَعلَمْنَ حينَ تُحَيّا حُسنَ مَبسِمِها
- وَلَيسَ يَعلَمُ إلاّ الله بالشَّنَبِ
- مَسَرّةٌ في قُلُوبِ الطّيبِ مَفِرقُهَا
- وَحَسرَةٌ في قُلوبِ البَيضِ وَاليَلَبِ
- إذا رَأى وَرَآهَا رَأسَ لابِسِهِ
- رَأى المَقانِعَ أعلى منهُ في الرُّتَبِ
- وَإنْ تكنْ خُلقتْ أُنثى لقد خُلِقتْ
- كَرِيمَةً غَيرَ أُنثى العَقلِ وَالحَسبِ
- وَإنْ تكنْ تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرَهَا
- فإنّ في الخَمرِ معنًى لَيسَ في العِنَبِ
- فَلَيْتَ طالِعَةَ الشّمْسَينِ غَائِبَةٌ
- وَلَيتَ غائِبَةَ الشّمْسَينِ لم تَغِبِ
- وَلَيْتَ عَينَ التي آبَ النّهارُ بهَا
- فِداء عَينِ التي زَالَتْ وَلم تَؤبِ
- فَمَا تَقَلّدَ بالياقُوتِ مُشْبِهُهَا
- وَلا تَقَلّدَ بالهِنْدِيّةِ القُضُبِ
- وَلا ذكَرْتُ جَميلاً مِنْ صَنائِعِهَا
- إلاّ بَكَيْتُ وَلا وُدٌّ بلا سَبَبِ
- قَد كانَ كلّ حِجابٍ دونَ رُؤيَتها
- فَمَا قَنِعتِ لها يا أرْضُ بالحُجُبِ
- وَلا رَأيْتِ عُيُونَ الإنْسِ تُدْرِكُها
- فَهَلْ حَسَدْتِ عَلَيها أعينَ الشُّهبِ
- وَهَلْ سَمِعتِ سَلاماً لي ألمّ بهَا
- فقَدْ أطَلْتُ وَما سَلّمتُ من كَثَبِ
- وَكَيْفَ يَبْلُغُ مَوْتَانَا التي دُفِنَتْ
- وَقد يُقَصِّرُ عَنْ أحيائِنَا الغَيَبِ
- يا أحسَنَ الصّبرِ زُرْ أوْلى القُلُوبِ بِهَا
- وَقُلْ لصاحِبِهِ يا أنْفَعَ السُّحُبِ
- وَأكْرَمَ النّاسِ لا مُسْتَثْنِياً أحَداً
- منَ الكِرامِ سوَى آبَائِكَ النُّجُبِ
- قد كانَ قاسَمَكَ الشخصَينِ دهرُهُما
- وَعاشَ دُرُّهُما المَفديُّ بالذّهَبِ
- وَعادَ في طَلَبِ المَترُوكِ تارِكُهُ
- إنّا لَنغْفُلُ وَالأيّامُ في الطّلَبِ
- مَا كانَ أقصرَ وَقتاً كانَ بَيْنَهُمَا
- كأنّهُ الوَقْتُ بَينَ الوِرْدِ وَالقَرَبِ
- جَزَاكَ رَبُّكَ بالأحزانِ مَغْفِرَةً
- فحزْنُ كلّ أخي حزْنٍ أخو الغضَبِ
- وَأنْتُمُ نَفَرٌ تَسْخُو نُفُوسُكُمُ
- بِمَا يَهَبْنَ وَلا يَسخُونَ بالسَّلَبِ
- حَلَلْتُمُ من مُلُوكِ الأرْضِ كلّهِمِ
- مَحَلَّ سُمرِ القَنَا من سائِرِ القَصَبِ
- فَلا تَنَلْكَ اللّيالي، إنّ أيْدِيَهَا
- إذا ضَرَبنَ كَسَرْنَ النَّبْعَ بالغَرَبِ
- وَلا يُعِنّ عَدُوّاً أنْتَ قاهِرُهُ
- فإنّهُنّ يَصِدْنَ الصّقرَ بالخَرَبِ
- وَإنْ سَرَرْنَ بمَحْبُوبٍ فجَعْنَ بهِ
- وَقَد أتَيْنَكَ في الحَالَينِ بالعَجَبِ
- وَرُبّمَا احتَسَبَ الإنْسانُ غايَتَهَا
- وَفاجَأتْهُ بأمْرٍ غَيرِ مُحْتَسَبِ
- وَمَا قَضَى أحَدٌ مِنْهَا لُبَانَتَهُ
- وَلا انْتَهَى أرَبٌ إلاّ إلى أرَبِ
- تَخالَفَ النّاسُ حتى لا اتّفاقَ لَهُمْ
- إلاّ على شَجَبٍ وَالخُلفُ في الشجبِ
- فقِيلَ تَخلُصُ نَفْسُ المَرْءِ سَالمَةً
- وَقيلَ تَشرَكُ جسْمَ المَرْءِ في العَطَبِ
- وَمَنْ تَفَكّرَ في الدّنْيَا وَمُهْجَتهِ
- أقامَهُ الفِكْرُ بَينَ العَجزِ وَالتّعَبِ
المزيد...
العصور الأدبيه