الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> هو البين حتى ما تأنى الحزائق >>
قصائدالمتنبي
هو البين حتى ما تأنى الحزائق
المتنبي
- هُوَ البَينُ حتى ما تَأنّى الحَزائِقُ
- ويا قَلْبُ حتى أنْتَ مِمّن أُفارِقُ
- وَقَفْنا ومِمّا زادَ بَثّاً وُقُوفُنَا
- فَرِيقَيْ هَوًى منّا مَشُوقٌ وشائِقُ
- وقد صارَتِ الأجفانُ قَرْحى منَ البُكا
- وصارَتْ بهاراً في الخدودِ الشّقائقُ
- على ذا مضَى النّاسُ اجتماعٌ وفُرْقَةٌ
- ومَيْتٌ ومَوْلُودٌ وقالٍ ووامِقُ
- تَغَيّرَ حَالي واللّيالي بحالِها
- وشِبْتُ وما شابَ الزّمانُ الغُرانِقُ
- سَلِ البِيدَ أينَ الجِنّ منّا بجَوْزِها
- وعن ذي المَهاري أينَ منها النَّقانِقُ
- ولَيْلٍ دَجوجيٍّ كَأنّا جَلَتْ لَنا
- مُحَيّاكَ فيهِ فاهْتَدَيْنا السَّمالِقُ
- فما زالَ لَوْلا نُورُ وَجهِكَ جِنحُهُ
- ولا جابهَا الرُّكْبانُ لوْلا الأيانِقُ
- وهَزٌّ أطارَ النّوْمَ حتى كَأنّني
- من السُّكرِ في الغَرْزَينِ ثوْبٌ شُبارِقُ
- شدَوْا بابنِ إسحقَ الحُسينِ فصافحتْ
- ذَفارِيَها كِيرانُها والنَّمارِقُ
- بمَنْ تَقشَعرّ الأرْضُ خوفاً إذا مشَى
- عليها وتَرْتَجّ الجبالُ الشّواهِقُ
- فتًى كالسّحابِ الجونِ يُخشَى ويُرْتَجى
- يُرَجّى الحَيا منها وتُخشَى الصّواعقُ
- ولَكِنّها تَمْضِي وهذا مُخَيِّمٌ
- وتَكذبُ أحياناً وذا الدّهرَ صادِقُ
- تَخَلّى منَ الدّنْيا ليُنْسَى فَما خلتْ
- مَغارِبُها مِنْ ذِكْرِهِ وَالمَشارِقُ
- غَذا الهِنْدُوانيّاتِ بالهَامِ والطُّلَى
- فَهُنّ مَدارِيها وهُنّ المَخانِقُ
- تَشَقَّقُ مِنهُنّ الجُيوبُ إذا غَزا
- وتُخضَبُ منهنّ اللّحَى والمَفارِقُ
- يُجَنَّبُها مَنْ حَتْفُهُ عنهُ غافِلٌ
- ويَصلى بها مَن نَفسُهُ منهُ طالِقُ
- يُحاجَى به ما ناطِقٌ وهْوَ ساكِتٌ
- يُرَى ساكتاً والسّيفُ عن فيه ناطِقُ
- نَكِرْتُكَ حتى طالَ منكَ تَعَجّبي
- ولا عَجَبٌ من حُسنِ ما الله خالِقُ
- كأنّكَ في الإعطاءِ للمَالِ مُبغِضٌ
- وفي كلّ حَرْبٍ للمَنيّةِ عَاشِقُ
- ألا قَلّما تَبْقَى علَى ما بَدا لَهَا
- وحَلّ بهَا مِنْكَ القَنَا والسّوابِقُ
- خَفِ الله وَاسْتُرْ ذا الجَمالَ ببُرْقعٍ
- فإنْ لُحتَ ذابتْ في الخدورِ العواتقُ
- سَيُحيي بكَ السُّمّارُ ما لاحَ كوْكبٌ
- ويَحدو بكَ السُّفّارُ ما ذرّ شارِقُ
- فَما تَرْزُقُ الأقدارُ من أنتَ حارِمٌ
- ولا تَحْرِمُ الأقدارُ مَن أنتَ رازِقُ
- ولا تَفْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ راتِقٌ
- ولا تَرْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ فاتِقُ
- لكَ الخَيرُ غَيري رامَ من غيرك الغنى
- وغَيري بغَيرِ اللاذِقيّةِ لاحِقُ
- هيَ الغَرضُ الأقصَى ورُؤيَتُكَ المنى
- ومَنزِلُكَ الدّنْيا وأنْتَ الخَلائِقُ
المزيد...
العصور الأدبيه