الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> نعد المشرفية والعوالي >>
قصائدالمتنبي
نعد المشرفية والعوالي
المتنبي
- نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي
- وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ
- ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ
- وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
- ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً
- ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
- نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ
- نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ
- رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى
- فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
- فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ
- تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
- وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا
- لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
- وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً
- لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
- كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ
- ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
- صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ
- على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
- على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً
- وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
- فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً
- جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ
- أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً
- تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي
- وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً
- تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ
- رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ
- ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ
- سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي
- نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ
- لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ
- كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي
- أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ
- وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ
- يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي
- ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ
- وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ
- لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ
- بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي
- وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ
- نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ
- بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ
- تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى
- وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ
- بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ
- بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ
- حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ
- كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ
- يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا
- وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي
- إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ
- سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ
- ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي
- تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ
- ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ
- يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ
- مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً
- كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ
- وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ
- يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي
- أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ
- فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ
- ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا
- لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
- وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
- ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
- وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا
- قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ
- يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي
- أواخِرُنا على هامِ الأوالي
- وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي
- كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ
- ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ
- وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ
- أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ
- وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ
- وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي
- وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ
- وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى
- وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ
- فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً
- على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ
- رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً
- كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ
- فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ
- فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ
المزيد...
العصور الأدبيه