الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> نسيت وما أنسى عتابا على الصد >>
قصائدالمتنبي
نسيت وما أنسى عتابا على الصد
المتنبي
- نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ
- ولاخَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ
- وَلا لَيْلَةً قَصّرْتُهَا بِقَصِيرَةٍ
- أطالتْ يدي في جيدِها صُحبةَ العِقدِ
- وَمَنْ لي بيَوْمٍ مثلِ يَوْمٍ كَرِهتُهُ
- قرُبْتُ بهِ عندَ الوَداعِ من البُعْدِ
- وَألاّ يَخُصَّ الفَقْدُ شَيْئاً لأنّني
- فقدْتُ فلم أفقِدْ دموعي وَلا وَجْدي
- تَمَنٍّ يَلَذُّ المُسْتَهَامُ بذِكْرِهِ
- وإنْ كانَ لا يُغْنِي فَتيلاً وَلا يُجدي
- وَغَيظٌ على الأيّامِ كالنّارِ في الحَشَا
- وَلَكِنّهُ غَيظُ الأسيرِ على القِدِّ
- فإمّا تَرَيْني لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ
- فآفَةُ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي
- يَحِلُّ القَنَا يَوْمَ الطّعَانِ بعَقْوَتي
- فأحرِمُهُ عِرْضِي وَأُطْعِمُهُ جلدي
- تُبَدِّلُ أيّامي وَعَيْشِي وَمَنْزِلي
- نجائِبُ لا يَفكُرْنَ في النحسِ وَالسّعدِ
- وَأوْجُهُ فِتْيَانٍ حَيَاءً تَلَثّمُوا
- عَلَيْهِنّ لا خَوْفاً منَ الحرّ والبرْدِ
- وَلَيسَ حَيَاءُ الوَجْهِ في الذّئبِ شيمةً
- وَلَكِنّهُ مِنْ شيمَةِ الأسَدِ الوَرْدِ
- إذا لم تُجِزْهُمْ دارَ قَوْمٍ مَوَدّةٌ
- أجازَ القَنَا وَالخَوْفُ خيرٌ من الوُدِّ
- يَحيدونَ عن هَزْلِ المُلُوكِ إلى الذي
- تَوَفّرَ مِن بَينِ المُلُوكِ على الجِدِّ
- وَمَن يَصْحَبِ اسمَ ابنِ العميدِ محَمّدٍ
- يَسِرْ بَينَ أنْيابٍ الأساوِدِ وَالأُسْدِ
- يَمُرُّ مِنَ السّمِّ الوَحيِّ بِعَاجِزٍ
- وَيَعْبُرُ مِنْ أفواهِهِنّ عَلى دُرْدِ
- كَفَانَا الرّبيعُ العِيسَ من بَرَكاتِهِ
- فجاءتْهُ لم تَسمَعْ حُداءً سوَى الرّعدِ
- إذا ما استَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفْسَهُ
- كَرِعْنَ بِسِبْتٍ في إنَاءٍ من الوَرْدِ
- كأنّا أرَادَتْ شُكرَنا الأرْضُ عندَهُ
- فَلَمْ يُخْلِنا جَوٌّ هَبَطْناهُ من رِفدِ
- لَنَا مَذْهَبُ العُبّادِ في تَرْكِ غَيرِهِ
- وَإتْيَانِهِ نَبْغي الرّغائِبَ بالزّهْدِ
- رَجَوْنَا الذي يَرْجُونَ في كلّ جَنّةٍ
- بأرْجانَ حتى ما يَئِسنَا من الخُلْدِ
- تَعَرّضُ للزّوّارِ أعْنَاقُ خَيْلِهِ
- تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ من الطّرْدِ
- وَتَلْقَى نَوَاصِيهَا المَنَايا مُشيحَةً
- وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِرْدِ
- وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا
- إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ
- إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ
- أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ
- فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه
- فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ
- وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً
- فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي
- يُغَيّرُ ألْوَانَ اللّيَالي عَلى العِدَى
- بمَنشُورَةِ الرّاياتِ مَنصُورَةِ الجُندِ
- إذا ارْتَقَبُوا صُبْحاً رَأوْا قَبلَ ضَوْئِهِ
- كتائِبَ لا يَرْدي الصّباحُ كما تَرْدي
- وَمَبْثُوثَةً لا تُتّقَى بطَلِيعَةٍ
- وَلا يُحْتَمى مِنْها بِغَوْرٍ وَلا نَجْدِ
- يَغُصْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفَاقِدٍ
- من الكُثرِ غَانٍ بالعَبيدِ عن الحَشدِ
- حَثَتْ كلُّ أرْضٍ تُرْبَةً في غُبَارِهِ
- فَهُنّ عَلَيْهِ كالطّرَائِقِ في البُرْدِ
- فإنْ يكُنِ المَهديّ مَن بانَ هَدْيُهُ
- فهَذا وَإلاّ فالهُدى ذا فَما المَهدي
- يُعَلّلُنَا هَذا الزّمانُ بذا الوَعْدِ
- وَيَخْدَعُ عَمّا في يَدَيْهِ من النّقدِ
- هَلِ الخَيرُ شيءٌ لَيسَ بالخَيرِ غائِبٌ
- أمِ الرُّشدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشدِ
- أأحزَمَ ذي لُبٍّ وَأكْرَمَ ذي يَدٍ
- وَأشجَعَ ذي قَلبٍ وَأرْحمَ ذي كِبْدِ
- وَأحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلُوساً وَرِكْبَةً
- على المِنبرِ العالي أوِ الفَرَسِ النّهْدِ
- تَفَضّلَتِ الأيّامُ بالجَمْعِ بَيْنَنَا
- فلَمّا حَمِدْنَا لم تُدِمْنَا على الحَمدِ
- جَعَلْنَ وَداعي وَاحِداً لثَلاثَةٍ
- جَمَالِكَ وَالعِلْمِ المُبرِّحِ وَالمَجْدِ
- وَقد كنتُ أدرَكْتُ المُنى غَيرَ أنّني
- يُعَيّرُني أهْلي بإدراكِهَا وَحْدي
- وكُلُّ شَرِيكٍ في السّرُورِ بمُصْبَحي
- أرَى بعدَهُ مَن لا يرَى مثلَهُ بَعدي
- فَجُدْ لي بقَلْبٍ إنْ رَحَلْتُ فإنّني
- مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ من فَضْلُه عندِي
- وَلَوْ فَارَقَتْ نَفْسِي إلَيكَ حَيَاتَها
- لَقُلْتُ أصَابَتْ غَيرَ مَذمومةِ العهدِ
المزيد...
العصور الأدبيه