الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> نرى عظما بالبين والصد أعظم >>
قصائدالمتنبي
نرى عظما بالبين والصد أعظم
المتنبي
- نَرَى عِظَماً بالبَينِ والصّدُّ أعظَمُ
- ونَتّهِمُ الواشِينَ والدّمْعُ مِنْهُمُ
- ومَنْ لُبُّهُ مَع غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ
- ومَنْ سِرّهُ في جَفْنِهِ كيفَ يُكتَمُ
- ولمّا التَقَيْنا والنّوَى ورَقيبُنا
- غَفُولانِ عَنّا ظِلْتُ أبكي وتَبسِمُ
- فلَمْ أرَ بَدراً ضاحِكاً قبلَ وجْهِها
- ولم تَرَ قَبْلي مَيّتاً يَتَكَلّمُ
- ظَلومٌ كمَتنَيْها لِصَبٍّ كَخَصْرِها
- ضَعِيفِ القُوَى مِن فِعلِها يَتَظلَّمُ
- بفَرْعٍ يُعيدُ اللّيْلَ والصّبْحُ نَيّرٌ
- ووَجهٍ يُعيدُ الصّبحَ واللّيلُ مُظلِمُ
- فلَوْ كانَ قَلبي دارَها كانَ خالِياً
- ولكنّ جَيشَ الشّوْقِ فيهِ عرَمرَمُ
- أثَافٍ بها ما بالفُؤادِ مِنَ الصَّلَى
- ورَسْمٌ كَجسمي ناحِلٌ مُتَهَدّمُ
- بَلَلْتُ بها رُدْنَيَّ والغَيمُ مُسْعِدي
- وعَبْرَتُهُ صِرْفٌ وفي عَبرَتي دَمُ
- ولَوْ لم يكُنْ ما انهَلّ في الخدّ من دمي
- لمَا كانَ مُحْمَرّاً يَسيلُ فأسْقَمُ
- بنَفْسِي الخَيَالُ الزّائري بعد هجعَةٍ
- وقوْلَتُهُ لي بعدَنا الغُمضَ تَطعَمُ
- سَلامُ فلَوْلا الخَوْفُ والبُخلُ عندَهُ
- لقُلتُ أبو حَفْصٍ عَلَينا المُسَلّمُ
- مُحِبُّ النّدَى الصّابي إلى بَذْلِ ماله
- صُبُوّاً كمَا يَصْبُو المُحبُّ المُتَيَّمُ
- وأُقْسِمُ لَوْلا أنّ في كلّ شَعْرَةٍ
- لَهُ ضَيغَماً قُلنا لهُ أنتَ ضَيغَمُ
- أنَنْقُصُهُ من حَظّهِ وهْوَ زائِدٌ
- ونَبْخَسُهُ والبَخْسُ شيءٌ مُحَرَّمُ
- يَجِلُّ عنِ التّشبيهِ لا الكَفُّ لُجّةٌ
- ولا هوَ ضِرْغامٌ ولا الرّأيُ مِخذَمُ
- ولا جُرْحُهُ يُؤسَى ولا غَوْرُهُ يُرَى
- ولا حَدُّهُ يَنْبُو ولا يَتَثَلّمُ
- ولا يُبْرَمُ الأمْرُ الذي هوَ حالِلٌ
- ولا يُحْلَلُ الأمْرُ الذي هوَ مُبْرِمُ
- ولا يَرْمَحُ الأذْيالَ مِنْ جَبَرِيّةٍ
- ولا يَخْدُمُ الدّنْيَا وإيّاهُ تَخدُمُ
- ولا يَشْتَهي يَبْقَى وتَفْنى هِبَاتُهُ
- ولا تَسْلَمُ الأعداءُ منْهُ ويَسْلَمُ
- ألَذُّ مِنَ الصّهْبَاءِ بالماءِ ذِكْرُهُ
- وأحْسَنُ مِنْ يُسرٍ تَلَقّاهُ مُعدِمُ
- وأغْرَبُ من عَنقاءَ في الطّيرِ شكلُهُ
- وأعْوَزُ مِنْ مُسْتَرْفِدٍ منه يُحرَمُ
- وأكثرُ من بَعدِ الأيادي أيادِياً
- من القَطرِ بعد القَطْرِ والوَبلُ مُثجِمُ
- سَنيُّ العَطايا لوْ رَأى نَوْمَ عَيْنِهِ
- منَ اللّؤمِ آلى أنّهُ لا يُهَوِّمُ
- ولو قالَ هاتُوا دِرْهَماً لم أجُدْ بهِ
- على سائِلٍ أعْيا على النّاسِ دِرْهَمُ
- ولَوْ ضَرّ مَرْأً قَبْلَهُ ما يَسُرّهُ
- لأثَّرَ فيهِ بأسُهُ والتّكَرّمُ
- يُرَوّي بكالفِرْصادِ في كلّ غارَةٍ
- يَتامَى منَ الأغمادِ تُنضَى فتُوتِمُ
- إلى اليَوْمِ ما حَطّ الفِداءُ سُرُوجَهُ
- مُذُ الغَزْوِ سارٍ مُسرَجُ الخيل مُلجَمُ
- يَشُقّ بلادَ الرّومِ والنّقْعُ أبْلَقٌ
- بأسْيافِهِ والجَوُّ بالنّقْعِ أدْهَمُ
- إلى المَلِكِ الطّاغي فكَمْ من كَتيبَةٍ
- تُسايِرُ منهُ حَتْفَها وهيَ تَعْلَمُ
- ومِنْ عاتِقٍ نَصرانَةٍ بَرَزَتْ لَهُ
- أسيلَةِ خَدٍّ عَنْ قَليلٍ سيُلْطَمُ
- صُفُوفاً للَيْثٍ في لُيُوثٍ حُصُونُها
- مُتُونُ المَذاكي والوَشيجُ المُقَوَّمُ
- تَغيبُ المَنَايا عَنْهُمُ وهْوَ غائِبٌ
- وتَقْدَمُ في ساحاتِهِمْ حينَ يَقدَمُ
- أجدَّكَ ما تَنفَكّ عانٍ تَفُكّهُ
- عُمَ بنَ سُلَيْمانٍ ومالٌ تُقَسِّمُ
- مُكافيكَ مَنْ أولَيْتَ دينَ رَسولِهِ
- يداً لا تُؤدّي شُكرَها اليَدُ والفَمُ
- على مَهَلٍ إنْ كنتَ لَستَ براحِمٍ
- لنَفْسِكَ مِنْ جُودٍ فإنّكَ تُرْحَمُ
- مَحَلُّكَ مَقْصُودٌ وشانيكَ مُفحَمٌ
- ومِثْلُكَ مَفقودٌ ونَيلُكَ خِضرِمُ
- وزارَكَ بي دونَ المُلوكِ تَحَرُّجٌ
- إذا عَنّ بَحْرٌ لم يَجُزْ لي التّيَمّمُ
- فعِشْ لوْ فدى المَملوكُ رَبّاً بنفسِهِ
- من الموْتِ لم تُفقَدْ وفي الأرض مُسلمُ
المزيد...
العصور الأدبيه