الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> من الجآذر في زي الأعاريب >>
قصائدالمتنبي
من الجآذر في زي الأعاريب
المتنبي
- مَنِ الجآذِرُ في زِيّ الأعَارِيبِ
- حُمْرَ الحِلَى وَالمَطَايَا وَالجَلابيبِ
- إنْ كُنتَ تَسألُ شَكّاً في مَعارِفِها
- فمَنْ بَلاكَ بتَسهيدٍ وَتَعذيبِ
- لا تَجْزِني بضَنًى بي بَعْدَهَا بَقَرٌ
- تَجزي دُموعيَ مَسكوباً بمسكُوبِ
- سَوَائِرٌ رُبّمَا سارَتْ هَوَادِجُهَا
- مَنيعَةً بَينَ مَطْعُونٍ وَمَضرُوبِ
- وَرُبّمَا وَخَدَتْ أيْدي المَطيّ بهَا
- على نَجيعٍ مِنَ الفُرْسانِ مَصْبوبِ
- كمْ زَوْرَةٍ لَكَ في الأعرابِ خافِيَةٍ
- أدهى وَقَد رَقَدوا مِن زَوْرَةِ الذيبِ
- أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي
- وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي
- قد وَافقوا الوَحشَ في سُكنى مَراتِعِها
- وَخالَفُوها بتَقْوِيضٍ وَتَطنيبِ
- جِيرانُها وَهُمُ شَرُّ الجِوارِ لهَا
- وَصَحبُهَا وَهُمُ شَرُّ الأصاحيبِ
- فُؤادُ كُلّ مُحِبٍّ في بُيُوتِهِمِ
- وَمَالُ كُلِّ أخيذِ المَالِ مَحرُوبِ
- ما أوْجُهُ الحَضَرِ المُسْتَحسَناتُ بهِ
- كأوْجُهِ البَدَوِيّاتِ الرّعَابيبِ
- حُسْنُ الحِضارَةِ مَجلُوبٌ بتَطْرِيَةٍ
- وَفي البِداوَةِ حُسنٌ غيرُ مَجلوبِ
- أينَ المَعيزُ مِنَ الآرَامِ نَاظِرَةً
- وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطّيبِ
- أفدِي ظِبَاءَ فَلاةٍ مَا عَرَفْنَ بِهَا
- مَضْغَ الكلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ
- وَلا بَرَزْنَ مِنَ الحَمّامِ مَاثِلَةً
- أورامُهُنَّ صَقيلاتِ العَرَاقيبِ
- وَمِنْ هَوَى كلّ مَن ليستْ مُمَوِّهَةً
- ترَكْتُ لَوْنَ مَشيبي غيرَ مَخضُوبِ
- وَمِن هَوَى الصّدقِ في قَوْلي وَعادَتِهِ
- رَغِبْتُ عن شَعَرٍ في الرّأس مكذوبِ
- لَيتَ الحَوَادِثَ باعَتني الذي أخذَتْ
- مني بحِلمي الذي أعطَتْ وَتَجرِيبي
- فَمَا الحَداثَةُ من حِلْمٍ بمَانِعَةٍ
- قد يُوجَدُ الحِلمُ في الشبّانِ وَالشِّيبِ
- تَرَعْرَعَ المَلِكُ الأستاذُ مُكْتَهِلاً
- قَبلَ اكتِهالٍ أديباً قَبلَ تأديبِ
- مُجَرَّباً فَهَماً من قَبْلِ تَجْرِبَةٍ
- مُهَذَّباً كَرَماً مِنْ غيرِ تَهذيبِ
- حتى أصَابَ منَ الدّنْيا نِهايَتَهَا
- وَهَمُّهُ في ابْتِداءاتٍ وَتَشبيبِ
- يُدَبّرُ المُلْكَ منْ مِصرٍ إلى عَدَنٍ
- إلى العِراقِ فأرْضِ الرّومِ فالنُّوبِ
- إذا أتَتْهَا الرّياحُ النُّكْبُ منْ بَلَدٍ
- فَمَا تَهُبُّ بِهَا إلاّ بتَرْتِيبِ
- وَلا تُجاوِزُها شَمسٌ إذا شَرَقَتْ
- إلاّ وَمِنْهُ لهَا إذْنٌ بتَغْرِيبِ
- يُصَرّفُ الأمْرَ فيها طِينُ خاتَمِهِ
- وَلَوْ تَطَلّسَ مِنهُ كلُّ مكتُوبِ
- يَحُطّ كُلَّ طَوِيلِ الرّمْحِ حامِلُهُ
- من سرْجِ كلّ طَوِيلِ الباعِ يَعبوبِ
- كَأنّ كُلّ سُؤالٍ في مَسَامِعِهِ
- قَميصُ يوسُفَ في أجفانِ يَعقوبِ
- إذا غَزَتْهُ أعادِيهِ بِمَسْألَةٍ
- فقد غَزَتْهُ بجَيْشٍ غَيرِ مَغْلُوبِ
- أوْ حارَبَتْهُ فَمَا تَنْجُو بتَقْدِمَةٍ
- ممّا أرَادَ وَلا تَنْجُو بتَجْبِيبِ
- أضرَتْ شَجاعَتُهُ أقصَى كتائِبِهِ
- على الحِمَامِ فَمَا مَوْتٌ بمَرْهوبِ
- قالُوا هَجَرْتَ إلَيْهِ الغَيثَ قلتُ لهمْ
- إلى غُيُوثِ يَدَيْهِ وَالشّآبِيبِ
- إلى الذي تَهَبُ الدّوْلاتِ رَاحَتُهُ
- وَلا يَمُنُّ على آثَارِ مَوْهُوبِ
- وَلا يَرُوعُ بمَغْدورٍ بِهِ أحَداً
- وَلا يُفَزِّعُ مَوْفُوراً بمَنْكُوبِ
- بَلى يَرُوعُ بذي جَيْشٍ يُجَدّلُهُ
- ذا مِثْلِهِ في أحَمّ النّقْعِ غِرْبِيبِ
- وَجَدْتُ أنْفَعَ مَالٍ كُنتُ أذخَرُهُ
- مَا في السّوَابِقِ مِنْ جَرْيٍ وَتَقرِيبِ
- لمّا رَأينَ صُرُوفَ الدّهرِ تَغدُرُ بي
- وَفَينَ لي وَوَفَتْ صُمُّ الأنابيبِ
- فُتْنَ المَهَالِكَ حتى قالَ قائِلُهَا
- ماذا لَقينَا منَ الجُرْدِ السّراحِيبِ
- تَهْوِي بمُنْجَرِدٍ لَيسَتْ مَذاهِبُهُ
- لِلُبْسِ ثَوْبٍ وَمأكولٍ وَمَشرُوبِ
- يَرَى النّجُومَ بعَيْنَيْ مَنْ يُحاوِلُها
- كأنّهَا سَلَبٌ في عَينِ مَسلُوبِ
- حتى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ
- تَلقَى النّفُوسَ بفَضْلٍ غيرِ محْجوبِ
- في جِسْمِ أرْوَعَ صَافي العَقل تُضْحكُه
- خلائِقُ النّاسِ إضْحاكَ الأعاجيبِ
- فَالحَمْدُ قَبْلُ لَهُ وَالحَمْدُ بَعدُ لها
- وَلِلقَنَا وَلإدْلاجي وَتأوِيبي
- وَكَيْفَ أكْفُرُ يا كافُورُ نِعْمَتَهَا
- وَقَدْ بَلَغْنَكَ بي يا كُلّ مَطلُوبي
- يا أيّهَا المَلِكُ الغَاني بتَسْمِيَةٍ
- في الشّرْقِ وَالغرْبِ عن وَصْفٍ وتلقيبِ
- أنتَ الحَبيبُ وَلَكِنّي أعُوذُ بِهِ
- من أنْ أكُونَ مُحِبّاً غَيرَ محْبوبِب
المزيد...
العصور الأدبيه