الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> ملومكما يجل عن الملام >>
قصائدالمتنبي
ملومكما يجل عن الملام
المتنبي
- مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عَنِ المَلامِ
- وَوَقْعُ فَعَالِهِ فَوْقَ الكَلامِ
- ذَرَاني وَالفَلاةَ بِلا دَليلٍ
- ......وَوَجْهي وَالهَجِيرَ بِلا لِثَامِ
- فإنّي أسْتَرِيحُ بذي وَهَذا
- وَأتْعَبُ بالإنَاخَةِ وَالمُقَامِ
- عُيُونُ رَوَاحِلي إنْ حِرْتُ عَيني
- وَكُلُّ بُغَامِ رَازِحَةٍ بُغامي
- فَقَدْ أرِدُ المِيَاهَ بِغَيرِ هَادٍ
- سِوَى عَدّي لهَا بَرْقَ الغَمَامِ
- يُذِمّ لِمُهْجَتي رَبّي وَسَيْفي
- إذا احْتَاجَ الوَحيدُ إلى الذّمَامِ
- وَلا أُمْسِي لأهْلِ البُخْلِ ضَيْفاً
- وَلَيسَ قِرًى سوَى مُخّ النّعامِ
- وَلمّا صَارَ وُدّ النّاسِ خِبّاً
- جَزَيْتُ على ابْتِسامٍ بابْتِسَامِ
- وَصِرْتُ أشُكُّ فيمَنْ أصْطَفيهِ
- (لعِلْمي أنّهُ بَعْضُ الأنَامِ
- يُحِبّ العَاقِلُونَ على التّصَافي
- وَحُبّ الجَاهِلِينَ على الوَسَامِ
- وَآنَفُ مِنْ أخي لأبي وَأُمّي
- إذا مَا لم أجِدْهُ مِنَ الكِرامِ
- أرَى الأجْدادَ تَغْلِبُهَا كَثِيراً
- على الأوْلادِ أخْلاقُ اللّئَامِ
- وَلَسْتُ بقانِعٍ مِن كلّ فَضْلٍ
- بأنْ أُعْزَى إلى جَدٍّ هُمَامِ
- عَجِبْتُ لمَنْ لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ
- وَيَنْبُو نَبْوَةَ القَضِمِ الكَهَامِ
- وَمَنْ يَجِدُ الطّرِيقَ إلى المَعَالي
- فَلا يَذَرُ المَطيَّ بِلا سَنَامِ
- وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئاً
- كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ
- أقَمْتُ بأرْضِ مِصرَ فَلا وَرَائي
- تَخُبُّ بيَ الرّكابُ وَلا أمَامي
- وَمَلّنيَ الفِرَاشُ وَكانَ جَنبي
- يَمَلُّ لِقَاءَهُ في كُلّ عامِ
- قَليلٌ عَائِدي سَقِمٌ فُؤادي
- كَثِيرٌ حَاسِدي صَعْبٌ مَرَامي
- عَليلُ الجِسْمِ مُمْتَنِعُ القِيَامِ
- شَديدُ السُّكْرِ مِنْ غَيرِ المُدامِ
- وَزَائِرَتي كَأنّ بهَا حَيَاءً
- فَلَيسَ تَزُورُ إلاّ في الظّلامِ
- بَذَلْتُ لهَا المَطَارِفَ وَالحَشَايَا
- فَعَافَتْهَا وَبَاتَتْ في عِظامي
- يَضِيقُ الجِلْدُ عَنْ نَفَسي وَعَنها
- فَتُوسِعُهُ بِأنْوَاعِ السّقَامِ
- كأنّ الصّبْحَ يَطرُدُها فتَجرِي
- مَدامِعُهَا بأرْبَعَةٍ سِجَامِ
- أُرَاقِبُ وَقْتَهَا مِنْ غَيرِ شَوْقٍ
- ...مُرَاقَبَةَ المَشُوقِ المُسْتَهَامِ
- وَيَصْدُقُ وَعْدُهَا وَالصّدْقُ شرٌّ
- إذا ألْقَاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
- أبِنْتَ الدّهْرِ عِندي كُلُّ بِنْتٍ
- فكَيفَ وَصَلْتِ أنتِ منَ الزّحامِ
- جَرَحْتِ مُجَرَّحاً لم يَبقَ فيهِ
- مَكانٌ للسّيُوفِ وَلا السّهَامِ
- ألا يا لَيتَ شِعرَ يَدي أتُمْسِي
- تَصَرَّفُ في عِنَانٍ أوْ زِمَامِ
- وَهَلْ أرْمي هَوَايَ بِرَاقِصَاتٍ
- مُحَلاّةِ المَقَاوِدِ باللُّغَامِ
- فَرُبَّتمَا شَفَيْتُ غَليلَ صَدْرِي
- بسَيرٍ أوْ قَنَاةٍ أوْ حُسَامِ
- وَضَاقَت خُطّةٌ فَخَلَصْتُ مِنها
- خَلاصَ الخَمرِ من نَسجِ الفِدامِ
- وَفَارقْتُ الحَبيبَ بِلا وَداعٍ
- وَوَدّعْتُ البِلادَ بِلا سَلامِ
- يَقُولُ ليَ الطّبيبُ أكَلْتَ شَيئاً
- وَداؤكَ في شَرَابِكَ وَالطّعامِ
- وَمَا في طِبّهِ أنّي جَوَادٌ
- أضَرَّ بجِسْمِهِ طُولُ الجَمَامِ
- تَعَوّدَ أنْ يُغَبِّرَ في السّرَايَا
- وَيَدْخُلَ مِنْ قَتَامٍ في قَتَامِ
- فأُمْسِكَ لا يُطالُ لَهُ فيَرْعَى
- وَلا هُوَ في العَليقِ وَلا اللّجَامِ
- فإنْ أمرَضْ فما مرِضَ اصْطِباري
- وَإنْ أُحْمَمْ فَمَا حُمَّ اعتزَامي
- وَإنْ أسْلَمْ فَمَا أبْقَى وَلَكِنْ
- سَلِمْتُ مِنَ الحِمامِ إلى الحِمامِ
- تَمَتّعْ مِنْ سُهَادٍ أوْ رُقَادٍ
- وَلا تَأمُلْ كرًى تحتَ الرِّجَامِ
- فإنّ لِثَالِثِ الحَالَينِ مَعْنًى
- سِوَى مَعنَى انتِباهِكَ وَالمَنَامِ
المزيد...
العصور الأدبيه