الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> مبيتي من دمشق على فراش >>
قصائدالمتنبي
مبيتي من دمشق على فراش
المتنبي
- مَبيتي مِنْ دِمَشقَ على فِراشِ
- حَشاهُ لي بحَرّ حَشايَ حَاشِ
- لَقَى لَيلٍ كعَينِ الظّبيِ لَوْناً
- وهَمٍّ كالحُمَيّا في المُشاشِ
- وشَوْقٍ كالتّوَقّدِ في فُؤادٍ
- كجَمرٍ في جَوانحَ كالمُحاشِ
- سَقَى الدّمُ كلَّ نَصْلٍ غيرِ نابٍ
- ورَوّى كلَّ رُمحٍ غيرِ راشِ
- فإنّ الفارِسَ المَنعوتَ خَفّتْ
- لمُنصُلِهِ الفَوارِسُ كالرّياشِ
- فقد أضحَى أبا الغَمراتِ يُكنى
- كأنّ أبا العَشائِرِ غيرُ فَاشِ
- وقد نُسِيَ الحُسينُ بما يُسَمّى
- رَدى الأبطالِ أوْ غَيثَ العِطاشِ
- لَقُوهُ حاسِراً في دِرْعِ ضَرْبٍ
- دَقيقِ النّسجِ مُلتَهِبِ الحواشي
- كأنّ على الجَماجمِ منهُ ناراً
- وأيدي القَوْمِ أجنحَةُ الفَراشِ
- كأنّ جَواريَ المُهَجاتِ ماءٌ
- يُعاوِدُها المُهَنّدُ مِنْ عُطاشِ
- فَوَلّوْا بَينَ ذي رُوحٍ مُفاتٍ
- وذي رَمَقٍ وذي عَقلٍ مُطاشِ
- ومُنعَفِرٍ لنَصلِ السّيفِ فيهِ
- تَواري الضّبّ خافَ من احتراشِ
- يُدمّي بعضُ أيدي الخيلِ بَعضاً
- وما بِعُجايَةٍ أثَرُ ارْتِهاشِ
- ورائِعُها وحيدٌ لم يَرُعْهُ
- تَباعُدُ جَيْشِهِ والمُستَجاشِ
- كأنّ تَلَوّيَ النُّشّابِ فيهِ
- تلوّي الخوصِ في سَعَفِ العِشاشِ
- ونَهبُ نُفوسِ أهلِ النّهبِ أوْلى
- بأهلِ المجدِ من نَهبِ القُماشِ
- تُشارِكُ في النِّدامِ إذا نَزَلْنَا
- بِطانٌ لا تُشارِكُ في الجِحاشِ
- ومن قَبلِ النّطاحِ وقَبلِ يأني
- تَبينُ لكَ النّعاجُ منَ الكِباشِ
- فَيا بَحرَ البُحورِ ولا أُوَرّي
- ويا مَلِكَ المُلوكِ ولا أُحاشي
- كأنّكَ ناظِرٌ في كلّ قَلْبٍ
- فما يخفَى عَلَيكَ مَحلُّ غاشِ
- أأصْبِرُ عنَكَ لم تَبخُلْ بشيءٍ
- ولم تَقبَلْ عليّ كَلامَ واشِ
- وكيفَ وأنتَ في الرّؤساءِ عِندي
- عَتيقُ الطّيرِ ما بينَ الخِشاشِ
- فَما خاشيكَ للتّكذيبِ راجٍ
- ولا راجيكَ للتّخييبِ خاشِ
- تُطاعِنُ كلُّ خيلٍ كُنْتَ فيها
- ولوْ كانوا النّبيطَ على الجِحاشِ
- أرَى النّاسَ الظّلامَ وأنتَ نُورٌ
- وإنّي مِنهُمُ لإلَيكَ عاشِ
- بُليتُ بهِمْ بَلاءَ الوَرْدِ يَلْقَى
- أُنُوفاً هُنّ أولى بالخِشاشِ
- عَلَيكَ إذا هُزِلْتَ معَ اللّيالي
- وحَوْلك حينَ تَسمنُ في هراشِ
- أتَى خَبَرُ الأميرِ فَقيلَ كَرّوا
- فقلتُ نَعَمْ ولوْ لحقُوا بشاشِ
- يَقودُهُمُ إلى الهَيجَا لَجُوجٌ
- يَسِنُّ قِتالُهُ والكَرُّ نَاشِي
- وأسرَجْتُ الكُمَيتَ فناقَلَتْ بي
- على إعقاقِها وعلى غِشاشِي
- مِنَ المُتَمَرّداتِ تُذَبُّ عَنها
- برُمحي كُلُّ طائرةِ الرَّشاشِ
- ولَوْ عُقِرَتْ لَبَلّغَني إلَيْهِ
- حَديثٌ عَنهُ يحمِلُ كلَّ ماشِ
- إذا ذُكِرَتْ مَواقِفُهُ لِحَافٍ
- وَشيكَ فَما يُنكِّسُ لانتِقاشِ
- تُزيلُ مَخافَةَ المَصْبورِ عَنهُ
- وتُلْهي ذا الفِياشِ عنِ الفِياشِ
- وما وُجدَ اشتِياقٌ كاشْتِياقي
- ولا عُرِفَ انكِماشٌ كانكماشِي
- فسِرْتُ إليكَ في طَلَبِ المَعالي
- وسارَ سِوايَ في طَلَبِ المَعاشِ
المزيد...
العصور الأدبيه