الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> لقد حازني وجد بمن حازه بعد >>
قصائدالمتنبي
لقد حازني وجد بمن حازه بعد
المتنبي
- لقَد حازَني وَجْدٌ بمَنْ حازَهُ بُعْدُ
- فيَا لَيْتَني بُعدٌ ويا لَيتَهُ وَجْدُ
- أُسَرّ بتَجديدِ الهَوَى ذِكْرَ ما مضَى
- وإنْ كانَ لا يَبقَى له الحجرُ الصّلدُ
- سُهادٌ أتانا منكِ في العَينِ عِنْدَنَا
- رُقادٌ وقُلاّمٌ رَعَى سَرْبُكمْ وَرْدُ
- مُمَثَّلَةٌ حتى كأنْ لمْ تُفارِقي
- وحتى كأنّ اليأسَ من وَصْلكِ الوَعدُ
- وحتى تَكادي تَمْسَحينَ مَدامعي
- ويَعْبَقُ في ثَوْبيَّ من رِيحِكِ النَّدُّ
- إذا غَدَرَتْ حَسناءُ وفّتْ بعَهدها
- فمِنْ عَهدِها أن لا يَدومَ لها عَهدُ
- وإنْ عَشِقَتْ كانتْ أشَدّ صَبابَةً
- وإن فَرِكتْ فاذهبْ فما فِركها قَصدُ
- وإنْ حقَدَتْ لم يَبقَ في قَلبِها رِضًى
- وإنْ رَضِيَتْ لم يَبقَ في قَلبِها حِقدُ
- كذلِكَ أخلاقُ النّساءِ ورُبّمَا
- يَضِلُّ بها الهادي ويخفى بها الرّشدُ
- ولكنّ حُبّاً خامَرَ القَلْبَ في الصِّبَا
- يَزيدُ على مَرّ الزّمانِ ويَشْتَدُّ
- سَقَى ابنُ عَليٍّ كلَّ مُزنٍ سقَتكمُ
- مُكافأةً يَغْدو إلَيْها كمَا تَغدُو
- لتَرْوَى كمَا تُرْوي بلاداً سكَنْتِها
- ويَنْبُتَ فيها فَوْقَكِ الفَخرُ والمجدُ
- بمن تَشخَصُ الأبصارُ يوْمَ رُكوبِهِ
- ويُخْرَقُ من زَحْمٍ على الرّجلِ البُرْدُ
- وتُلْقي وما تَدري البَنانُ سِلاحَها
- لكَثْرَةِ إيماءٍ إلَيْهِ إذا يَبدُو
- ضَرُوبٌ لهامِ الضّارِبي الهامِ في الوَغى
- خَفيفٌ إذا ما أثقَلَ الفَرسَ اللِّبْدُ
- بَصِيرٌ بأخذِ الحَمدِ من كلّ مَوْضِعٍ
- ولَوْ خَبَأتْهُ بَينَ أنْيابِها الأُسْدُ
- بتَأميلِهِ يَغنى الفَتى قَبْلَ نَيْلِهِ
- وبالذّعْرِ من قبلِ المهنّدِ يَنْقَدُّ
- وسَيْفي لأنْتَ السّيفُ لا ما تَسُلّهُ
- لضرْبٍ وممّا السّيفُ منهُ لكَ الغِمدُ
- ورُمْحي لأنْتَ الرّمحُ لا ما تَبُلّهُ
- نجيعاً ولوْلا القَدحُ لم يُثقِبِ الزَّنْدُ
- منَ القاسِمينَ الشّكرَ بَيني وبَينَهمْ
- لأنّهُمُ يُسدَى إلَيهِمْ بأنْ يُسدُوا
- فشُكري لهم شُكرانِ: شكرٌ على النّدى
- وشكرٌ على الشّكرِ الذي وَهبوا بَعْدُ
- صِيامٌ بأبْوابِ القِبابِ جِيادُهُمْ
- وأشْخاصُها في قَلبِ خائِفِهمْ تَعدُو
- وأنْفُسُهُمْ مَبْذولَةٌ لوُفُودِهم
- وأموالهُمْ في دارِ مَنْ لم يَفِدْ وَفْدُ
- كأنّ عَطِيّاتِ الحُسَينِ عَساكِرٌ
- ففيها العِبِدَّى والمُطَهَّمَةُ الجُرْدُ
- أرَى القمرَ ابنَ الشّمسِ قد لبسَ العُلى
- رُوَيْدَكَ حتى يَلْبَسَ الشّعَرَ الخَدُّ
- وغالَ فُضُولَ الدّرْعِ مِن جَنَباتها
- على بَدَنٍ قَدُّ القَنَاةِ لَهُ قَدُّ
- وباشَرَ أبْكارَ المَكارِمِ أمْرَداً
- وكانَ كَذا آباؤهُ وهُمُ مُرْدُ
- مَدَحْتُ أباهُ قَبْلَهُ فشَفَى يَدي
- مِنَ العُدم مَنْ تُشفَى به الأعينُ الرُّمدُ
- حَبَاني بأثْمانِ السّوابِقِ دونَهَا
- مَخافةَ سَيرِي إنّها للنّوَى جُنْدُ
- وشَهْوَةَ عَوْدٍ إنَّ جُودَ يَمينِهِ
- ثُنَاءٌ ثُنَاءٌ والجَوادُ بها فَرْدُ
- فلا زِلْتُ ألقَى الحاسِدينَ بمِثْلِها
- وفي يدهم غَيضٌ وفي يديَ الرِّفْدُ
- وعِندي قَباطيّ الهُمَامِ ومَالُهُ
- وعندَهُمُ ممّا ظَفِرْتُ بهِ الجَحدُ
- يَرومُونَ شأوي في الكَلامِ وإنّمَا
- يحاكي الفتى فيما خَلا المَنطقَ القِرْدُ
- فَهُمْ في جُموعٍ لا يراها ابنُ دأيَةٍ
- وهم في ضَجيجٍ لا يُحسّ به الخلدُ
- ومني استفادَ النّاسُ كُلَّ غَريبَةٍ
- فجازوا بتَرْكِ الذّمّ إن لم يكنْ حمدُ
- وجَدْتُ عَليّاً وابنَهُ خيرَ قوْمِهِ
- وهم خيرُ قوْمٍ واستوَى الحُرُّ والعبدُ
- وأصْبَحَ شِعري منهُما في مكانِهِ
- وفي عُنُقِ الحَسْناءِ يُستَحسنُ العِقدُ
المزيد...
العصور الأدبيه