الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> لا الحلم جاد به ولا بمثاله >>
قصائدالمتنبي
لا الحلم جاد به ولا بمثاله
المتنبي
- لا الحُلْمُ جادَ بِهِ وَلا بمِثالِهِ
- لَوْلا اذّكارُ وَدَاعِهِ وزِيَالِهِ
- إنّ المُعِيدَ لَنَا المَنَامُ خَيَالَهُ
- كانَتْ إعادَتُهُ خَيَالَ خَيَالِهِ
- بِتْنَا يُناوِلُنَا المُدامَ بكَفّهِ
- مَنْ لَيسَ يخطُرُ أنْ نَراهُ ببالِهِ
- نجني الكَواكِبَ من قَلائِدِ جيدِهِ
- ونَنالُ عينَ الشمس من خَلخالِهِ
- بِنْتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ
- وَسَكَنْتُمُ طَيَّ الفُؤادِ الوَالِهِ
- فَدَنَوْتُمُ ودُنُوّكُمْ من عِنْدِهِ
- وَسَمَحتُمُ وسمَاحُكمْ من مالِهِ
- إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ
- إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ
- مِثْلُ الصّبابَةِ والكآبَةِ وَالأسَى
- فارَقْتُهُ فَحَدَثْنَ من تَرْحالِهِ
- وقَدِ استَقدتُ من الهوَى وأذَقْتُهُ
- من عِفّتي ما ذُقتُ مِنْ بَلبالِهِ
- وَلقد ذَخرْتُ لكُلّ أرْضٍ ساعَةً
- تَستَجفِلُ الضّرْغامَ عن أشبالِهِ
- تَلقَى الوُجوهُ بها الوُجوهَ وبَيْنَها
- ضَرْبٌ يَجولُ الموْتُ في أجْوَالِهِ
- ولقد خَبأتُ مِنَ الكَلامِ سُلافَهُ
- وسَقيتُ مَنْ نادَمتُ من جِرْيالِهِ
- وإذا تَعَثّرَتِ الجِيادُ بسَهْلِهِ
- بَرّزْتُ غَيرَ مُعَثَّرٍ بِحبَالِهِ
- وحَكَمتُ في البَلدِ العَرَاءِ بناعجٍ
- مُعتادِهِ مُجْتابِهِ مُغتالِهِ
- يَمشي كَما عَدَتِ المَطيّ وَرَاءَهُ
- ويَزيدُ وَقْتَ جَمَامِها وكَلالِهِ
- وتُراعُ غَيرَ مُعَقَّلاتٍ حَوْلَهُ
- فَيَفُوتُهَا مُتَجَفّلاً بعِقالِهِ
- فَغَدا النّجاحُ وراحَ في أخفَافِهِ
- وَغَدَا المِراحُ وراحَ في إرْقالِهِ
- وَشرِكْتُ دوْلَةَ هاشِمٍ في سَيفِها
- وشققتُ خِيس المُلكِ عن رِئبالِهِ
- عن ذا الذي حُرِمَ اللّيوثُ كَمالَه
- يُنسِي الفريسَةَ خَوْفَهُ بجمالِهِ
- وَتَواضَعُ الأمَراءُ حَوْلَ سَريرِهِ
- وتُري المَحَبّةَ وَهيَ من آكالِهِ
- ويُميتُ قَبلَ قِتالِهِ ويَبَشُّ قَبْـ
- ـلَ نَوالِهِ ويُنيلُ قَبلَ سُؤالِهِ
- إنّ الرّياحَ إذا عَمَدْنَ لناظِرٍ
- أغناهُ مُقبِلُها عَنِ اسْتِعجالِهِ
- أعطَى ومَنّ على المُلُوكِ بعَفْوِهِ
- حتى تَسَاوَى النّاسُ في إفضالِهِ
- وإذا غَنُوا بعَطائِهِ عَنْ هَزّهِ
- وَالَى فأغنَى أنْ يَقُولوا وَالِهِ
- وكأنّما جَدْواهُ مِنْ إكْثارِهِ
- حَسَدٌ لسائِلِهِ على إقْلالِهِ
- غرَبَ النّجومُ فغُرْنَ دونَ همومه
- وطَلَعنَ حينَ طَلَعنَ دونَ مَنالِهِ
- والله يُسْعِدُ كلّ يوْمٍ جَدَّهُ
- ويزيدُ مِنْ أعدائِهِ في آلِهِ
- لَوْ لم تَكُنْ تَجري على أسيافِهِ
- مُهَجاتُهُمْ لجَرَتْ على إقْبالِهِ
- لم يَتْرُكوا أثَراً عَلَيهِ من الوَغَى
- إلاّ دِماءَهُمُ على سِرْبالِهِ
- فَلِمِثْلِهِ جَمَعَ العَرَمْرَمُ نَفْسَهُ
- وبمثْلِهِ انفصَمَتْ عُرَى أقتالِهِ
- يا أيّها القَمَرُ المُباهي وَجهَهُ
- لا تُكذَبَنّ فلستَ من أشكالِهِ
- وإذا طَمَى البحرُ المُحيطُ فقُلْ لَهُ
- دَعْ ذا فإنّكَ عاجِزٌ عَنْ حالِهِ
- وَهبَ الذي وَرِثَ الجدودَ وما رَأى
- أفعالَهُمْ لاِبنٍ بِلا أفْعَالِهِ
- حتى إذا فَنِيَ التُّرَاثُ سِوَى العُلى
- قَصَدَ العُداةَ من القَنا بِطِوَالِهِ
- وَبأرْعَنٍ لَبسَ العَجاجَ إلَيهِمِ
- فَوْقَ الحَديدِ وَجَرّ مِن أذيالِهِ
- فكَأنّمَا قَذِيَ النّهَارُ بنَقْعِهِ
- أوْ غَضّ عَنهُ الطّرْفَ من إجلالِهِ
- الجَيشُ جيشُكَ غيرَ أنّكَ جيشهُ
- في قَلْبِهِ وَيَمِينِهِ وشِمالِهِ
- تَرِدُ الطّعانَ المُرّ عَنْ فُرْسَانِهِ
- وتُنازِلُ الأبطالَ عَن أبْطالِهِ
- كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لحَيَاتِهِ
- يا مَنْ يُريدُ حَيَاتَهُ لرِجَالِهِ
- دونَ الحَلاوَةِ في الزّمانِ مَرارَةٌ
- لا تُخْتَطَى إلاّ على أهْوالِهِ
- فَلِذاكَ جاوَزَها عَليٌّ وَحْدَهُ
- وَسَعَى بمُنْصُلِهِ إلى آمَالِهِ
المزيد...
العصور الأدبيه