الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> كدعواك كل يدعي صحة العقل >>
قصائدالمتنبي
كدعواك كل يدعي صحة العقل
المتنبي
- كدَعْواكِ كُلٌّ يَدّعي صِحّةَ العقلِ
- وَمَن ذا الذي يدري بما فيه من جَهْلِ
- لَهِنّكِ أوْلَى لائِمٍ بِمَلامَةٍ
- وَأحْوَجُ ممّنْ تَعذُلِينَ إلى العَذلِ
- تَقُولِينَ ما في النّاسِ مِثلَكَ عاشِقٌ
- جِدي مثلَ مَن أحبَبْتُهُ تجدي مِثلي
- مُحِبٌّ كَنى بالبِيضِ عن مُرْهَفَاتِهِ
- وَبالحُسنِ في أجسامِهِنّ عن الصّقلِ
- وَبالسُّمْرِ عن سُمرِ القَنَا غَيرَ أنّني
- جَنَاهَا أحِبّائي وَأطْرَافُها رُسْلي
- عَدِمْتُ فُؤاداً لم تَبِتْ فيهِ فَضْلَةٌ
- لغَيرِ الثّنَايَا الغُرّ وَالحَدَقِ النُّجلِ
- فَمَا حَرَمَتْ حَسْناءُ بالهَجرِ غِبْطةً
- وَلا بَلّغَتْها مَن شكا الهَجرَ بالوَصْلِ
- ذَرِيني أنَلْ ما لا يُنَالُ مِنَ العُلَى
- فصَعْبُ العلى في الصّعب وَالسهلُ في السهلِ
- تُريدينَ لُقيانَ المَعَالي رَخيصَةً
- وَلا بُدّ دونَ الشّهدِ من إبَرِ النّحلِ
- حَذِرْتِ عَلَينَا المَوْتَ وَالخَيلُ تدَّعي
- وَلم تَعلَمي عن أيّ عاقِبَةٍ تُجْلي
- وَلَسْتُ غَبِيناً لَوْ شَرِبْتُ مَنِيّتي
- بإكْرَامِ دِلّيرَ بنِ لَشْكَرَوَزٍّ لي
- تَمَرُّ الأنَابِيبُ الخَوَاطِرُ بَيْنَنَا
- وَنَذْكُرُ إقْبالَ الأمِيرِ فَتَحْلَوْلي
- وَلَوْ كُنتُ أدرِي أنّهَا سَبَبٌ لَهُ
- لَزَادَ سُرُوري بالزّيادَةِ في القَتْلِ
- فَلا عَدِمَتْ أرْضُ العِراقَينِ فِتْنَةً
- دعَتكَ إليها كاشفَ البأس وَالمَحلِ
- ظَلِلْنَا إذا أنْبَى الحَديدُ نِصَالَنَا
- نجرّدُ ذكراً منك أمضَى من النّصْلِ
- وَنَرْمي نَوَاصِيها منِ اسمكَ في الوَغى
- بأنْفَذَ مِن نُشّابِنا وَمِنَ النَّبْلِ
- فإنْ تَكُ منْ بَعدِ القِتالِ أتَيْتَنَا
- فَقَدْ هَزَمَ الأعْداءَ ذِكرُك من قَبلِ
- وَما زِلْتُ أطوي القلبَ قبل اجتِماعِنا
- على حاجَةٍ بَينَ السّنابِكِ وَالسُّبْلِ
- وَلَوْ لم تَسِرْ سِرْنَا إلَيكَ بأنْفُسٍ
- غَرَائِبَ يُؤثِرْنَ الجِيادَ على الأهلِ
- وَخَيْلٍ إذا مَرّتْ بوَحْشٍ وَرَوْضَةٍ
- أبَتْ رَعْيَها إلاّ وَمِرْجَلُنَا يَغلي
- وَلكنْ رأيتَ القَصْدَ في الفضْلِ شِركةً
- فكانَ لكَ الفضْلانِ بالقصْدِ وَالفضْلِ
- وَلَيسَ الذي يَتّبَّعُ الوَبْلَ رَائِداً
- كمَنْ جاءَهُ في دارِهِ رَائِدُ الوَبْلِ
- وَمَا أنَا مِمّنْ يَدّعي الشّوْقَ قَلبُهُ
- وَيَحْتَجّ في تَرْكِ الزّيارَةِ بالشّغلِ
- أرَادَتْ كِلابٌ أنْ تَفُوزَ بدَوْلَةٍ
- لمن ترَكتْ رَعْيَ الشُّوَيهاتِ وَالإبْلِ
- أبَى رَبُّها أنْ يترُكَ الوَحشَ وَحْدَها
- وَأن يُؤمِنَ الضّبَّ الخبيثَ من الأكلِ
- وَقَادَ لهَا دِلّيرُ كُلَّ طِمِرّةٍ
- تُنيفُ بخَدّيهَا سَحُوقٌ من النّخلِ
- وَكلَّ جَوَادٍ تَلْطِمُ الأرْضَ كَفُّهُ
- بأغنى عنِ النّعْلِ الحَديد من النّعلِ
- فَوَلّتْ تُريغُ الغَيثَ والغَيْثَ خَلّفَتْ
- وَتَطلُبُ ما قَد كانَ في اليَدِ بِالرِّجْلِ
- تُحاذِرُ هُزْلَ المَالِ وَهْيَ ذَليلَةٌ
- وَأشْهَدُ أنّ الذّلّ شرٌّ من الهُزْلِ
- وَأهْدَتْ إلَيْنَا غَيرَ قاصِدَةٍ بِهِ
- كَريمَ السّجايَا يَسبِقُ القوْلَ بالفعلِ
- تَتَبَّعَ آثَارَ الرّزَايَا بجُودِهِ
- تَتَبُّعَ آثَارِ الأسِنّةِ بالفُتْلِ
- شَفَى كُلَّ شَاكٍ سَيْفُهُ وَنَوَالُهُ
- منَ الدّاءِ حتى الثّاكِلاتِ من الثكلِ
- عفيفٌ تَروقُ الشمسَ صُورَةُ وَجهِه
- فَلَوْ نَزَلَتْ شَوْقاً لحَادَ إلى الظّلِّ
- شُجاعٌ كأنّ الحَرْبَ عاشِقَةٌ لَهُ
- إذا زَارَهَا فَدّتْهُ بالخَيْلِ وَالرَّجْلِ
- وَرَيّانُ لا تَصْدَى إلى الخمرِ نَفْسُهُ
- وَصَدْيانُ لا تَرْوَي يَداهُ من البَذلِ
- فتَمْليكُ دِلّيرٍ وَتَعْظيمُ قَدْرِهِ
- شَهيدٌ بوَحْدانِيّةِ الله وَالعَدْلِ
- وَمَا دامَ دِلّيرٌ يَهُزّ حُسَامَهُ
- فَلا نَابَ في الدّنْيَا للَيثٍ وَلا شِبلِ
- وَمَا دامَ دِلّيرٌ يُقَلّبُ كَفَّهُ
- فَلا خلقَ من دعوَى المكارِم في حِلِّ
- فَتًى لا يُرَجّي أنْ تَتِمّ طَهَارَةٌ
- لمَنْ لم يُطَهّرْ رَاحَتَيْهِ من البُخلِ
- فَلا قَطَعَ الرّحْم?نُ أصْلاً أتَى بهِ
- فإنّي رَأيتُ الطّيّبَ الطّيّبَ الأصْلِ
المزيد...
العصور الأدبيه