الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> في الخد أن عزم الخليط رحيلا >>
قصائدالمتنبي
في الخد أن عزم الخليط رحيلا
المتنبي
- في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا
- مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا
- يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ
- في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولا
- كَانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما
- أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا
- أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً
- والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا
- وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً
- وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولا
- حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي
- يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا
- حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها
- بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا
- ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها
- والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلا
- مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ
- جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلا
- نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ
- أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا
- أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ
- ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا
- وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ
- هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا
- ومَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً
- لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلا
- رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّمَا
- يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا
- أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ
- لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا
- وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ
- نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولا
- وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً
- وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا
- مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ
- في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلا
- ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا
- تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا
- في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ
- لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا
- يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ
- فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا
- ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ
- حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلا
- وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ
- عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا
- قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الخُطى فكأنّما
- رَكِبَ الكَميُّ جَوادَهُ مَشْكُولا
- ألْقَى فَريسَتَهُ وبَرْبَرَ دونَهَا
- وقَرُبْتَ قُرْباً خالَهُ تَطْفِيلا
- فتَشابَهَ الخُلُقانِ في إقْدامِهِ
- وتَخالَفَا في بَذْلِكَ المأْكُولا
- أسَدٌ يَرَى عُضْوَيهِ فيكَ كِلَيْهِما
- مَتْناً أزَلَّ وساعداً مَفْتُولا
- في سرْجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرّةٍ
- يأبَى تَفَرُّدُها لهَا التّمْثيلا
- نَيَّالةِ الطَّلِبَاتِ لَوْلا أنَّهَا
- تُعْطي مَكانَ لِجامِها مَا نِيلا
- تَنْدَى سَوالفُها إذا استَحضَرْتَها
- ويُظَنّ عَقْدُ عِنانِها مَحْلُولا
- ما زالَ يَجْمَعُ نَفْسَهُ في زَوْرِهِ
- حتى حَسِبْتَ العَرْضَ منه الطّولا
- ويَدُقّ بالصّدْرِ الحِجارَ كأنّه
- يَبْغي إلى ما في الحَضِيضِ سَبيلا
- وكأنّهُ غَرّتْهُ عَيْنٌ فادّنَى
- لا يُبْصِرُ الخَطْبَ الجَليلَ جَليلا
- أنَفُ الكَريمِ مِنَ الدّنيئَةِ تارِكٌ
- في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا
- والعارُ مَضّاضٌ ولَيسَ بخائِفٍ
- مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خافَ ممّا قِيلا
- سَبَقَ التِقاءَكَهُ بوَثْبَةِ هاجِمٍ
- لَوْ لم تُصادِمْهُ لجازَكَ مِيلا
- خَذَلَتْهُ قُوّتُهُ وقَدْ كافَحْتَهُ
- فاستَنْصَرَ التّسْليمَ والتّجْديلا
- قَبَضَتْ مَنِيّتُهُ يَدَيْهِ وعُنْقَهُ
- فَكَأنّما صادَفْتَهُ مَغْلُولا
- سَمِعَ ابنُ عَمّتِهِ بهِ وبحالِهِ
- فنَجا يُهَرْوِلُ أمسِ منكَ مَهُولا
- وأمَرُّ مِمّا فَرّ مِنْهُ فِرارُهُ
- وكَقَتْلِهِ أنْ لا يَمُوتَ قَتيلا
- تَلَفُ الذي اتّخَذَ الجراءَةَ خُلّةً
- وعَظَ الذي اتّخَذَ الفِرارَ خَليلا
- لَوْ كانَ عِلْمُكَ بالإل?هِ مُقَسَّماً
- في النّاسِ ما بَعَثَ الإل?هُ رَسُولا
- لَوْ كانَ لَفْظُكَ فيهِمُ ما أنزَلَ الـ
- ـفُرْقانَ والتّوْراةَ والإنْجيلا
- لَوْ كانَ ما تُعطيهِمُ من قبلِ أنْ
- تُعْطيهِمُ لَمْ يَعرِفُوا التّأمِيلا
- فلَقَدْ عُرِفْتَ وما عُرِفتَ حَقيقَةً
- ولقد جُهِلْتَ وما جُهِلْتَ خُمُولا
- نَطَقَتْ بسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنّياً
- وبما تُجَشّمُها الجِيادُ صَهيلا
- ما كلّ مَنْ طَلَبَ المَعالي نافِذاً
- فيها ولا كُلّ الرّجالِ فُحُولاَ
المزيد...
العصور الأدبيه