الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا >>
قصائدالمتنبي
دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا
المتنبي
- دَمْعٌ جرَى فقضَى في الرَّبْعِ ما وجَبَا
- لأهلِهِ وشَفَى أنّى ولا كَرَبَا
- عُجْنا فأذهَبَ ما أبْقَى الفِراقُ لَنا
- منَ العُقُولِ وما رَدّ الذي ذَهَبَا
- سَقَيْتُهُ عَبَراتٍ ظَنّهَا مَطَراً
- سَوائِلاً من جُفُونٍ ظَنّها سُحُبَا
- دارُ المُلِمِّ لها طَيفٌ تَهَدّدَني
- لَيلاً فَما صَدَقتْ عَيني ولا كَذَبَا
- أنْأيْتُهُ فَدَنا، أدْنَيْتُهُ فنَأى،
- جَمّشْتُهُ فَنَبَا، قَبّلْتُهُ فأبَى
- هامَ الفُؤادُ بأعرابِيّةٍ سَكَنَتْ
- بَيْتاً من القلبِ لم تَمدُدْ له طُنُبَا
- مَظْلُومَةُ القَدّ في تَشْبيهِهِ غُصُناً
- مَظلُومَةُ الرّيقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبَا
- بَيضاءُ تُطمِعُ في ما تحتَ حُلّتِها
- وعَزّ ذلكَ مَطْلُوباً إذا طُلِبَا
- كأنّها الشّمسُ يُعْيي كَفَّ قابضِهِ
- شُعاعُها ويَراهُ الطّرْفُ مُقْتَرِبَا
- مَرّتْ بنا بَينَ تِرْبَيْها فقُلتُ لَها
- من أينَ جانَسَ هذا الشّادِنُ العَرَبَا
- فکستَضْحَكَتْ ثمّ قالتْ كالمُغيثِ يُرَى
- ليثَ الشَّرَى وهوَ من عِجْلٍ إذا انتسبَا
- جاءتْ بأشجعِ مَن يُسمى وأسمحِ مَن
- أعطَى وأبلغِ مَنْ أملى ومَنْ كَتَبَا
- لوْ حَلّ خاطرُهُ في مُقْعَدٍ لمَشَى
- أو جاهلٍ لصَحا أو أخرَسٍ خَطَبَا
- إذا بَدا حَجَبَتْ عَيْنَيكَ هَيْبَتُهُ
- وليسَ يحجبُهُ سِترٌ إذا احتَجَبَا
- بَياضُ وَجْهٍ يُريكَ الشّمسَ حالكةً
- ودُرُّ لَفظٍ يُريكَ الدُّرَّ مَخْشَلَبَا
- وسَيفُ عَزْمٍ تَرُدّ السّيفَ هِبّتُهُ
- رَطْبَ الغِرارِ منَ التأمُورِ مُختَضِبَا
- عُمرُ العَدوّ إذا لاقاهُ في رَهَجٍ
- أقَلُّ مِنْ عُمْرِ ما يَحْوِي إذا وَهَبَا
- تَوَقَّهُ فَمَتى ما شِئْتَ تَبْلُوَهُ
- فكُنْ مُعادِيَهُ أوْ كُنْ له نَشَبَا
- تَحْلُو مَذاقَتُهُ حتى إذا غَضِبَا
- حالَتْ فلَوْ قطرَتْ في الماءِ ما شُرِبَا
- وتَغْبِطُ الأرْضُ منها حيثُ حَلّ بهِ
- وتَحْسُدُ الخيلُ منها أيَّها رَكِبَا
- ولا يَرُدّ بفيهِ كَفّ سائِلِهِ
- عن نَفسِهِ ويَرُدّ الجَحفَلَ اللّجِبَا
- وكُلّما لَقيَ الدّينارُ صاحِبَهُ
- في مُلكِه افترَقا من قبلِ يَصْطَحِبَا
- مالٌ كأنّ غُرابَ البَينِ يَرْقُبُهُ
- فكُلّما قيلَ هذا مُجْتَدٍ نَعَبَا
- بَحْرٌ عَجائِبُهُ لم تُبْقِ في سَمَرٍ
- ولا عَجائِبِ بحرٍ بَعدَها عَجَبَا
- لا يُقْنِعُ ابنَ عليٍّ نَيْلُ مَنزِلَةٍ
- يَشكُو مُحاوِلُها التّقصيرَ والتّعَبَا
- هَزّ اللّواءَ بَنو عِجْلٍ بهِ فَغَدا
- رأساً لهمْ وغَدا كُلٌّ لهُمْ ذَنَبَا
- التّارِكينَ منَ الأشياءِ أهْوَنَها
- والرّاكبينَ مِنَ الأشياءِ ما صَعُبَا
- مُبَرْقِعي خَيلِهمْ بالبِيضِ مُتّخذي
- هامِ الكُماةِ على أرماحِهِمْ عَذَبَا
- إنّ المَنيّةَ لَوْ لاقَتْهُمُ وَقَفَتْ
- خَرْقاءَ تَتّهِمُ الإقدامَ والهَرَبَا
- مَراتِبٌ صَعِدَتْ والفِكْرُ يَتْبَعُها
- فَجازَ وهْوَ على آثارِها الشُّهُبَا
- مَحامِدٌ نَزَفَتْ شِعْري ليَمْلأها
- فآلَ ما امتَلأتْ منْهُ ولا نَضَبَا
- مَكارِمٌ لكَ فُتَّ العالمينَ بِهَا
- مَنْ يَسْتَطيعُ لأمْرٍ فائِتٍ طَلَبَا
- لمّا أقَمْتَ بإنْطاكِيّةَ اخْتَلَفَتْ
- إليّ بالخَبرِ الرُّكْبانُ في حَلَبَا
- فَسِرْتُ نَحْوَكَ لا ألْوي على أحَدٍ
- أحُثّ راحلَتيَّ: الفَقْرَ والأدَبَا
- أذاقَني زَمَني بَلْوَى شَرِقْتُ بها
- لَوْ ذاقَها لَبَكَى ما عاشَ وانتَحَبَا
- وإنْ عَمَرْتُ جَعَلْتُ الحرْبَ والدةً
- والسّمْهَريَّ أخاً والمَشرَفيَّ أبَا
- بكلّ أشعثَ يَلقى الموْتَ مُبْتَسِماً
- حتى كأنّ لهُ في قَتْلِهِ أرَبَا
- قُحٍّ يَكادُ صَهيلُ الخَيلِ يَقذِفُهُ
- عن سرْجِهِ مَرَحاً بالعِزّ أو طَرَبَا
- فالمَوْتُ أعذَرُ لي والصّبرُ أجملُ بي
- والبَرُّ أوْسَعُ والدّنْيا لِمَنْ غَلَبَا
المزيد...
العصور الأدبيه