الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> دروع لملك الروم هذي الرسائل >>
قصائدالمتنبي
دروع لملك الروم هذي الرسائل
المتنبي
- دُرُوعٌ لمَلْكِ الرّومِ هذي الرّسائِلُ
- يَرُدّ بهَا عَنْ نَفْسِهِ وَيُشَاغِلُ
- هيَ الزّرَدُ الضّافي علَيْهِ وَلَفْظُها
- عَلَيْكَ ثَنَاءٌ سَابِغٌ وَفَضائِلُ
- وَأنّى اهْتَدَى هذا الرّسُولُ بأرْضِهِ
- وَما سكَنَتْ مذْ سرْتَ فيها القساطِلُ
- وَمن أيّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ
- وَلم تَصْفُ مِن مَزْجِ الدّماءِ المَناهِلُ
- أتَاكَ يكادُ الرّأسُ يَجْحَدُ عُنقَهُ
- وَتَنْقَدّ تحتَ الدّرْعِ منهُ المَفَاصِلُ
- يُقَوِّمُ تَقْوِيمُ السِّماطَينِ مَشْيَهُ
- إلَيكَ إذا ما عَوّجَتْهُ الأفَاكِلُ
- فَقَاسَمَكَ العَينَينِ منهُ وَلَحْظَهُ
- سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الذي لا تُزَايِلُ
- وَأبصَرَ منكَ الرّزْقَ وَالرّزْقُ مُطمِعٌ
- وَأبصَرَ منهُ المَوْتَ وَالمَوْتُ هَائِلُ
- وَقَبّلَ كُمّاً قَبّلَ التُّرْبَ قَبْلَهُ
- وَكُلُّ كَميٍّ وَاقِفٌ مُتَضائِلُ
- وَأسْعَدُ مُشتاقٍ وَأظْفَرُ طَالِبٍ
- هُمَامٌ إلى تَقبيلِ كُمّكَ وَاصِلُ
- مَكانٌ تَمنّاهُ الشّفَاهُ وَدونَهُ
- صُدورُ المَذاكي وَالرّماحُ الذّوَابِلُ
- فَما بَلّغَتْهُ ما أرَادَ كَرامَةٌ
- عَلَيْكَ وَلَكِنْ لم يخِبْ لكَ سائِلُ
- وَأكْبَرَ مِنْهُ هِمّةً بَعَثَتْ بِهِ
- إلَيْكَ العِدى وَاستَنظَرَته الجَحافِلُ
- فأقْبَلَ مِنْ أصْحابِهِ وَهوَ مُرْسَلٌ
- وَعادَ إلى أصْحابِهِ وَهْوَ عاذِلُ
- تَحَيّرَ في سَيْفٍ رَبيعَةُ أصْلُهُ
- وَطابِعُهُ الرّحْم?نُ وَالمَجدُ صاقِلُ
- وَمَا لَوْنُهُ مِمّا تُحَصّلُ مُقْلَةٌ
- وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأنامِلُ
- إذا عايَنَتْكَ الرُّسْلُ هانَتْ نُفُوسُها
- عَلَيْها وَما جاءَتْ بهِ وَالمُرَاسِلُ
- رَجَا الرّومُ مَنْ تُرْجى النّوَافلُ كلّها
- لَدَيهِ وَلا تُرْجى لدَيهِ الطّوَائِلُ
- فإنْ كانَ خوْفُ القَتلِ وَالأسرِ ساقَهم
- فقَد فعَلوا ما القَتلُ وَالأسرُ فاعِلُ
- فخافُوكَ حتى ما لقَتلٍ زِيادَةٌ
- وَجاؤوكَ حتى ما تُرَادُ السّلاسِلُ
- أرَى كُلَّ ذي مُلْكٍ إلَيكَ مَصِيرُهُ
- كأنّكَ بَحْرٌ وَالمُلُوكُ جَداوِلُ
- إذا مَطَرَتْ مِنهُمْ ومنكَ سَحائِبٌ
- فَوَابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وَابِلُ
- كريمٌ متى اسْتُوهِبْتَ ما أنتَ رَاكبٌ
- وَقد لَقِحتْ حَرْبٌ فإنّكَ نازِلُ
- أذا الجُودِ أعْطِ النّاسَ ما أنتَ مالكٌ
- وَلا تُعْطِيَنّ النّاسَ ما أنَا قائِلُ
- أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ
- ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ
- لِساني بنُطْقي صامِتٌ عنهُ عادِلٌ
- وَقَلبي بصَمتي ضاحِكٌ منهُ هازِلُ
- وَأتْعَبُ مَنْ ناداكَ مَنْ لا تُجيبُهُ
- وَأغيَظُ مَنْ عاداكَ مَن لا تُشاكلُ
- وَما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني
- بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ
- وَأكْبَرُ تيهي أنّني بكَ وَاثِقٌ
- وَأكْثَرُ مالي أنّني لَكَ آمِلُ
- لَعَلّ لسَيْفِ الدّوْلَةِ القَرْمِ هَبّةً
- يَعيشُ بها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ
- رَمَيْتُ عِداهُ بالقَوافي وَفَضْلِهِ
- وَهُنّ الغَوَازي السّالماتُ القَوَاتِلُ
- وقَدْ زَعَمُوا أنّ النّجومَ خَوالِدٌ
- وَلَوْ حارَبَتْهُ نَاحَ فيها الثّواكِلُ
- وَمَا كانَ أدْناها لَهُ لَوْ أرَادَهَا
- وَألْطَفَهَا لَوْ أنّهُ المُتَنَاوِلُ
- قَريبٌ عَلَيْهِ كُلُّ ناءٍ على الوَرَى
- إذا لَثّمَتْهُ بالغُبَارِ القَنَابِلُ
- تُدَبّرُ شرْقَ الأرْض وَالغرْبَ كَفُّهُ
- وَلَيسَ لها وَقْتاً عنِ الجُودِ شَاغِلُ
- يُتَبِّعُ هُرّابَ الرّجالِ مُرَادَهُ
- فَمَنْ فَرّ حَرْباً عارَضَتْهُ الغَوَائِلُ
- وَمَنْ فَرّ مِنْ إحْسَانِهِ حَسَداً لَهُ
- تَلَقّاهُ منْهُ حَيثُما سارَ نَائِلُ
- فَتًى لا يَرَى إحْسانَهُ وَهْوَ كامِلٌ
- لهُ كامِلاً حتى يُرَى وهوَ شَامِلُ
- إذا العَرَبُ العَرْباءُ رَازَتْ نُفُوسَها
- فأنْتَ فَتَاهَا وَالمَليكُ الحُلاحِلُ
- أطاعَتْكَ في أرْوَاحِهَا وَتَصَرّفَتْ
- بأمرِكَ وَالتَفّتْ عَلَيْكَ القَبَائِلُ
- وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَا مَدَدٌ لَهُ
- وَما يَنكُتُ الفُرْسانَ إلاّ العَوَامِلُ
- رَأيتُك لوْ لم يَقتَضِ الطّعنُ في الوَغى
- إلَيكَ انقِياداً لاقتَضَتْهُ الشّمائِلُ
- وَمَنْ لم تُعَلّمْهُ لكَ الذّلَّ نَفْسُهُ
- منَ النّاسِ طُرّاً عَلّمَتْهُ المَناصِلُ
المزيد...
العصور الأدبيه