الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> حتام نحن نساري النجم في الظلم >>
قصائدالمتنبي
حتام نحن نساري النجم في الظلم
المتنبي
- حَتّامَ نحنُ نُساري النّجمَ في الظُّلَمِ
- ومَا سُرَاهُ على خُفٍّ وَلا قَدَمِ
- وَلا يُحِسّ بأجْفانٍ يُحِسّ بهَا
- فقْدَ الرّقادِ غَريبٌ باتَ لم يَنَمِ
- تُسَوِّدُ الشّمسُ منّا بيضَ أوْجُهِنَا
- ولا تُسَوِّدُ بِيضَ العُذرِ وَاللِّمَمِ
- وَكانَ حالهُمَا في الحُكْمِ وَاحِدَةً
- لوِ احتَكَمْنَا منَ الدّنْيا إلى حكَمِ
- وَنَترُكُ المَاءَ لا يَنْفَكّ من سَفَرٍ
- ما سارَ في الغَيمِ منهُ سارَ في الأدَمِ
- لا أُبْغِضُ العِيسَ لكِني وَقَيْتُ بهَا
- قلبي من الحزْنِ أوْ جسمي من السّقمِ
- طَرَدتُ من مصرَ أيديهَا بأرْجُلِهَا
- حتى مَرَقْنَ بهَا من جَوْشَ وَالعَلَمِ
- تَبرِي لَهُنّ نَعَامُ الدّوّ مُسْرَجَةً
- تعارِضُ الجُدُلَ المُرْخاةَ باللُّجُمِ
- في غِلْمَةٍ أخطَرُوا أرْوَاحَهُم وَرَضُوا
- بمَا لَقِينَ رِضَى الأيسارِ بالزَّلَمِ
- تَبدو لَنَا كُلّمَا ألْقَوْا عَمَائِمَهمْ
- عَمَائِمٌ خُلِقَتْ سُوداً بلا لُثُمِ
- بِيضُ العَوَارِضِ طَعّانُونَ من لحقوا
- مِنَ الفَوَارِسِ شَلاّلُونَ للنَّعَمِ
- قد بَلَغُوا بقَنَاهُمْ فَوْقَ طاقَتِهِ
- وَلَيسَ يَبلُغُ ما فيهِمْ منَ الهِمَمِ
- في الجاهِلِيّةِ إلاّ أنّ أنْفُسَهُمْ
- من طيبِهِنّ به في الأشْهُرِ الحُرُمِ
- نَاشُوا الرّماحَ وَكانتْ غيرَ ناطِقَةٍ
- فَعَلّمُوها صِياحَ الطّيرِ في البُهَمِ
- تَخدي الرّكابُ بنَا بِيضاً مَشافِرُهَا
- خُضراً فَرَاسِنُهَا في الرُّغلِ وَاليَنمِ
- مَكْعُومَةً بسِياطِ القَوْمِ نَضْرِبُها
- عن منبِتِ العشبِ نبغي منبتَ الكرَمِ
- وَأينَ مَنْبِتُهُ مِنْ بَعدِ مَنْبِتِهِ
- أبي شُجاعٍ قريعِ العُرْبِ وَالعَجَمِ
- لا فَاتِكٌ آخَرٌ في مِصرَ نَقْصِدُهُ
- وَلا لَهُ خَلَفٌ في النّاسِ كُلّهِمِ
- مَنْ لا تُشابِهُهَ الأحيْاءُ في شِيَمٍ
- أمسَى تُشابِهُهُ الأمواتُ في الرِّمَمِ
- عَدِمْتُهُ وَكَأنّي سِرْتُ أطْلُبُهُ
- فَمَا تَزِيدُني الدّنيا على العَدَمِ
- ما زِلْتُ أُضْحِكُ إبْلي كُلّمَا نظرَتْ
- إلى مَنِ اختَضَبَتْ أخفافُها بدَمِ
- أُسيرُهَا بَينَ أصْنامٍ أُشَاهِدُهَا
- وَلا أُشَاهِدُ فيها عِفّةَ الصّنَمِ
- حتى رَجَعْتُ وَأقْلامي قَوَائِلُ لي
- ألمَجْدُ للسّيفِ لَيسَ المَجدُ للقَلَمِ
- أُكْتُبْ بِنَا أبَداً بَعدَ الكِتابِ بِهِ
- فإنّمَا نحنُ للأسْيَافِ كالخَدَمِ
- أسْمَعْتِني وَدَوَائي ما أشَرْتِ بِهِ
- فإنْ غَفَلْتُ فَدائي قِلّةُ الفَهَمِ
- مَنِ اقتَضَى بسِوَى الهِنديّ حاجَتَهُ
- أجابَ كلَّ سُؤالٍ عَن هَلٍ بلَمِ
- تَوَهّمَ القَوْمُ أنّ العَجزَ قَرّبَنَا
- وَفي التّقَرّبِ ما يَدْعُو إلى التُّهَمِ
- وَلمْ تَزَلْ قِلّةُ الإنصَافِ قاطِعَةً
- بَين الرّجالِ وَلَوْ كانوا ذوي رَحِمِ
- فَلا زِيارَةَ إلاّ أنْ تَزُورَهُمُ
- أيدٍ نَشَأنَ مَعَ المَصْقُولَةِ الخُذُمِ
- من كُلّ قاضِيَةٍ بالمَوْتِ شَفْرَتُهُ
- مَا بَينَ مُنْتَقَمٍ مِنْهُ وَمُنْتَقِمِ
- صُنّا قَوَائِمَهَا عَنهُمْ فَما وَقَعَتْ
- مَوَاقِعَ اللّؤمِ في الأيْدي وَلا الكَزَمِ
- هَوّنْ عَلى بَصَرٍ ما شَقّ مَنظَرُهُ
- فإنّمَا يَقَظَاتُ العَينِ كالحُلُمِ
- وَلا تَشَكَّ إلى خَلْقٍ فَتُشْمِتَهُ
- شكوَى الجريحِ إلى الغِرْبانِ وَالرَّخَمِ
- وَكُنْ عَلى حَذَرٍ للنّاسِ تَسْتُرُهُ
- وَلا يَغُرَّكَ مِنهُمْ ثَغْرُ مُبتَسِمِ
- غَاضَ الوَفَاءُ فَما تَلقاهُ في عِدَةٍ
- وَأعوَزَ الصّدْقُ في الإخْبارِ وَالقَسَمِ
- سُبحانَ خالِقِ نَفسي كيفَ لذّتُها
- فيما النّفُوسُ تَراهُ غايَةَ الألَمِ
- ألدّهْرُ يَعْجَبُ من حَمْلي نَوَائِبَهُ
- وَصَبرِ نَفْسِي على أحْداثِهِ الحُطُمِ
- وَقْتٌ يَضيعُ وَعُمرٌ لَيتَ مُدّتَهُ
- في غَيرِ أُمّتِهِ مِنْ سالِفِ الأُمَمِ
- أتَى الزّمَانَ بَنُوهُ في شَبيبَتِهِ
- فَسَرّهُمْ وَأتَينَاهُ عَلى الهَرَمِ
المزيد...
العصور الأدبيه