الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> بقائي شاء ليس هم ارتحالا >>
قصائدالمتنبي
بقائي شاء ليس هم ارتحالا
المتنبي
- بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ ارْتِحالا
- وحُسْنَ الصّبرِ زَمّوا لا الجِمالا
- تَوَلّوْا بَغْتَةً فَكَأنّ بَيْناً
- تَهَيّبَني فَفاجأني اغْتِيالا
- فكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً
- وسَيْرُ الدّمْعِ إثْرَهُمُ انهِمالا
- كأنّ العِيسَ كانَتْ فَوْقَ جفني
- مُناخاتٍ فَلَمّا ثُرْنَ سَالا
- وحَجّبَتِ النّوَى الظّبَيَاتِ عني
- فَساعَدَتِ البراقِعَ والحِجالا
- لَبِسْنَ الوَشْيَ لا مُتَجَمّلاتٍ
- ولكِنْ كَيْ يصنّ بهِ الجَمَالا
- وضَفّرْنَ الغَدائِرَ لا لحُسْنٍ
- ولكنْ خِفنَ في الشّعَرِ الضّلالا
- بِجِسْمي مَنْ بَرَتْه فلَوْ أصارَتْ
- وِشاحي ثَقْبَ لُؤلُؤةٍ لجَالا
- ولَوْلا أنّني في غَيرِ نَوْمٍ
- لَكُنْتُ أظُنّني مني خَيَالا
- بَدَتْ قَمَراً ومالَتْ خُوطَ بانٍ
- وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَت غَزالا
- وجارَتْ في الحُكومَةِ ثمّ أبْدَتْ
- لَنا من حُسنِ قامَتِها اعتِدالا
- كأنّ الحُزْنَ مَشْغُوفٌ بقَلبي
- فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا
- كَذا الدّنْيا على مَن كانَ قَبْلي
- صُروفٌ لم يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالا
- أشَدُّ الغَمّ عِنْدي في سُرورٍ
- تَيَقّنَ عَنهُ صاحِبُهُ انْتِقالا
- ألِفْتُ تَرَحّلي وجَعَلْتُ أرضي
- قُتُودي والغُرَيْرِيَّ الجُلالا
- فَما حاوَلْتُ في أرْضٍ مُقاماً
- ولا أزْمَعْتُ عَن أرْضٍ زَوالا
- على قَلَقٍ كأنّ الرّيحَ تَحْتِي
- أُوَجّهُها جَنُوباً أوْ شَمَالاً
- إلى البَدْرِ بنِ عَمّارَ الذي لَمْ
- يكُنْ في غُرّةِ الشّهْرِ الهِلالا
- ولم يَعْظُمْ لنَقْصٍ كانَ فيهِ
- ولم يَزَلِ الأميرَ ولَنْ يَزالا
- بلا مِثْلٍ وإنْ أبْصَرْتَ فيهِ
- لكُلّ مُغَيَّبٍ حَسَنٍ مِثَالا
- حُسَامٌ لابنِ رائِقٍ المُرَجّى
- حُسامِ المُتّقي أيّامَ صالا
- سِنانٌ في قَناةِ بَني مَعَدٍّ
- بَني أسَدٍ إذا دَعَوا النّزالا
- أعَزُّ مُغالِبٍ كَفّاً وسَيْفاً
- ومَقْدِرَةً ومَحْمِيَّةً وآلا
- وأشرَفُ فاخِرٍ نَفْساً وقَوْماً
- وأكْرَمُ مُنْتَمٍ عَمّاً وخالا
- يكونُ أخَفُّ إثْنَاءٍ عَلَيْهِ
- على الدّنْيا وأهْليها مُحَالا
- ويَبْقَى ضِعْفُ ما قَد قيلَ فيهِ
- إذا لم يَتَّرِكْ أحَدٌ مَقَالا
- فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ
- مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا
- ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ
- منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا
- أرَى المُتَشاعِرينَ غَرُوا بذَمّي
- ومَن ذا يَحمَدُ الدّاءَ العُضالا
- ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ
- يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا
- وقالوا هَلْ يُبَلّغُكَ الثّرَيّا؟
- فقُلت نَعَمْ إذا شئتُ استِفالا
- هوَ المُفني المَذاكي والأعادي
- وبِيضَ الهِنْدِ والسُّمْرَ الطّوالا
- وقائِدُها مُسَوَّمَةً خِفافاً
- على حَيٍّ تُصَبّحُهُ ثِقَالا
- جَوائِلَ بالقُنيّ مُثَقَّفاتٍ
- كأنّ على عَوامِلِها ذُبَالا
- إذا وَطِئَتْ بأيْديها صُخُوراً
- يَفِئْنَ لوَطْءِ أرْجُلِها رِمَالا
- جَوابُ مُسائِلي ألَهُ نَظِيرٌ؟
- ولا لكَ في سُؤالكَ لا ألاَ لا
- لَقَد أمِنَتْ بكَ الإعدامَ نَفْسٌ
- تَعُدّ رَجاءَها إيّاكَ مَالا
- وقد وَجِلَتْ قُلُوبٌ منكَ حتى
- غَدَتْ أوجالُها فيها وِجَالا
- سُرورُكَ أنْ تَسُرَّ النّاسَ طُرّاً
- تُعَلّمُهُمْ عَلَيْكَ بهِ الدّلالا
- إذا سألُوا شكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ
- وإنْ سكَتُوا سألْتَهُمُ السّؤالا
- وأسعَدُ مَنْ رأيْنا مُسْتَميحٌ
- يُنيلُ المُسْتَمَاحَ بأنْ يُنَالا
- يُفارِقُ سَهمُكَ الرّجلَ المُلاقَى
- فِراقَ القَوْسِ ما لاقَى الرّجالا
- فَما تَقِفُ السّهامُ على قَرارٍ
- كأنّ الرّيشَ يَطّلِبُ النِّصالا
- سَبَقْتَ السّابقينَ فَما تُجارَى
- وجاوَزْتَ العُلُوّ فَما تُعَالَى
- وأُقْسِمُ لوْ صَلَحْتَ يَمينَ شيءٍ
- لمَا صَلَحَ العِبَادُ لَه شِمَالا
- أُقَلّبُ مِنكَ طَرْفي في سَمَاءٍ
- وإنْ طَلَعَتْ كَواكِبُها خِصالا
- وأعجبُ منكَ كيفَ قدَرْتَ تنشا
- وقد أُعطِيتَ في المَهدِ الكَمالا
المزيد...
العصور الأدبيه