الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا >>
قصائدالمتنبي
إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا
المتنبي
- إنْ يكُنْ صَبرُ ذي الرّزيئَةِ فَضْلا
- تكُنِ الأفضَلَ الأعَزّ الأجَلاّ
- أنتَ يا فوْقَ أنْ تُعَزّى عنِ الأحـ
- ـبابِ فوْقَ الذي يُعزّيكَ عَقْلا
- وَبألفاظِكَ اهْتَدَى فإذا عَزّ
- اكَ قَالَ الذي لَهُ قُلتَ قَبْلا
- قَدْ بَلَوْتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلْواً
- وَسَلَكتَ الأيّامَ حَزْناً وَسَهْلا
- وَقَتَلْتَ الزّمانَ عِلْماً فَمَا يُغْـ
- رِبُ قَوْلاً وَلا يُجَدِّدُ فِعْلا
- أجِدُ الحُزْنَ فيكَ حِفْظاً وَعَقْلاً
- وَأرَاهُ في النّاسِ ذُعراً وجَهْلا
- لَكَ إلْفٌ يَجُرّهُ وَإذا مَا
- كرُمَ الأصْلُ كانَ للإلْفِ أصلا
- وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنْ
- لم يَزَلْ للوَفَاء أهْلُكَ أهْلا
- إنّ خَيرَ الدّمُوعِ عَوْناً لَدَمْعٌ
- بَعَثَتْهُ رِعايَةٌ فاسْتَهَلاّ
- أينَ ذي الرِّقّةُ التي لَكَ في الحَرْ
- بِ إذا استُكرِهَ الحَديدُ وَصَلاّ
- أينَ خَلّفْتَهَا غَداةَ لَقِيتَ الـ
- ـرّومَ وَالهَامُ بالصّوارِمِ تُفْلَى
- قاسَمَتْكَ المَنُونُ شَخْصَينِ جوْراً
- جَعَلَ القِسْمُ نَفْسَهُ فيهِ عَدْلا
- فإذا قِسْتَ ما أخَذْنَ بمَا غَا
- دَرْنَ سرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى
- وَتَيَقّنْتَ أنّ حَظّكَ أوْفَى
- وَتَبَيّنْتَ أنّ جَدّكَ أعْلَى
- وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا
- بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا
- وَكَمِ انتَشْتَ بالسّيُوفِ منَ الدهـ
- ـرِ أسيراً وَبالنّوَالِ مُقِلاّ
- عَدّها نُصرَةً عَلَيْهِ فَلَمّا
- صَالَ خَتْلاً رَآهُ أدرَكَ تَبْلا
- كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ، أنْتَ تُبْليـ
- ـهِ وَتَبْقى في نِعْمَةٍ لَيسَ تَبْلَى
- وَلَقَدْ رَامَكَ العُداةُ كَمَا رَا
- مَ فلَمْ يجرَحوا لشَخصِكَ ظِلاّ
- وَلَقَدْ رُمْتَ بالسّعادَةِ بَعْضاً
- من نُفُوسِ العِدى فأدركتَ كُلاّ
- قارَعَتْ رُمحَكَ الرّماحُ وَلَكِنْ
- تَرَكَ الرّامحِينَ رُمحُكَ عُزْلا
- لوْ يكونُ الذي وَرَدْتَ من الفَجْـ
- ـعَةِ طَعناً أوْرَدْتَهُ الخَيلَ قُبْلا
- وَلَكَشّفْتَ ذا الحَنينَ بضَرْبٍ
- طالمَا كَشّفَ الكُرُوبَ وجَلّى
- خِطْبَةٌ للحِمامِ لَيسَ لهَا رَدٌّ
- وَإنْ كانَتِ المُسمّاةَ ثُكْلا
- وَإذا لم تَجِدْ مِنَ النّاسِ كُفأً
- ذاتُ خِدْرٍ أرَادَتِ المَوْتَ بَعلا
- وَلَذيذُ الحَيَاةِ أنْفَسُ في النّفْـ
- ـسِ وَأشهَى من أنْ يُمَلّ وَأحْلَى
- وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ
- ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ مَلاّ
- آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ
- فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى
- أبَداً تَسْتَرِدّ مَا تَهَبُ الدّنْـ
- ـيَا فَيا لَيتَ جُودَها كانَ بُخْلا
- فكفَتْ كوْنَ فُرْحةٍ تورِثُ الغمّ
- وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجْدَ خِلاّ
- وَهيَ مَعشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْـ
- ـفَظُ عَهْداً وَلا تُتَمّمُ وَصْلا
- كُلُّ دَمْعٍ يَسيلُ مِنهَا عَلَيْها
- وَبِفَكّ اليَدَينِ عَنْها تُخَلّى
- شِيَمُ الغَانِيَاتِ فِيها فَمَا أدْ
- ري لذا أنّثَ اسْمَها النّاسُ أم لا
- يا مَليكَ الوَرَى المُفَرِّقَ مَحْياً
- وَمَمَاتاً فيهِمْ وَعِزّاً وَذُلاّ
- قَلّدَ الله دَوْلَةً سَيْفُهَا أنْـ
- ـتَ حُساماً بالمَكْرُماتِ مُحَلّى
- فَبِهِ أغْنَتِ المَوَاليَ بَذْلاً
- وَبِهِ أفْنَتِ الأعاديَ قَتْلا
- وَإذا اهْتَزّ للنّدَى كانَ بَحراً
- وَإذا اهْتَزّ للرّدَى كان نَصْلا
- وَإذا الأرْضُ أظلمتْ كانَ شَمساً
- وَإذا الأرْضُ أمحَلَتْ كانَ وَبْلا
- وَهوَ الضّارِبُ الكَتيبَةَ وَالطّعْـ
- ـنَةُ تَغْلُو وَالضّرْبُ أغلى وَأغلَى
- أيّهَا البَاهِرُ العُقُولَ فَمَا تُدْ
- رَكُ وَصْفاً أتعَبْتَ فكري فمَهْلا
- مَنْ تَعَاطَى تَشَبّهاً بِكَ أعْيَا
- هُ وَمَنْ دَلّ في طَرِيقِكَ ضَلا
- وَإذا ما اشتَهَى خُلُودَكَ داعٍ
- قالَ لا زُلتَ أوْ ترَى لكَ مِثْلا
المزيد...
العصور الأدبيه