الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم >>
قصائدالمتنبي
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم
المتنبي
- أنا لائمي إنْ كنتُ وقتَ اللّوائِمِ
- عَلِمتُ بما بي بَينَ تلكَ المَعالِمِ
- ولَكِنّني مِمّا شُدِهْتُ مُتَيَّمٌ
- كَسالٍ وقَلبي بائحٌ مثلُ كاتِمِ
- وقَفْنا كأنّا كُلُّ وَجْدِ قُلُوبِنَا
- تَمَكّنَ مِن أذْوادنا في القَوائِمِ
- ودُسْنا بأخْفافِ المَطي تُرابَهَا
- فَما زِلْتُ أستَشفي بلَثْمِ المَناسِمِ
- دِيارُ اللّواتي دارُهُنّ عَزيزَةٌ
- بِطُولَى القَنا يُحفَظنَ لا بالتّمائِمِ
- حِسانُ التّثَنَّي يَنقُشُ الوَشْيُ مثلَهُ
- إذا مِسْنَ في أجسامِهِنّ النّواعِمِ
- ويَبسِمْنَ عَن دُرٍّ تَقَلَّدْنَ مثلَهُ
- كأنّ التّراقي وُشّحَتْ بالمَباسِمِ
- فما لي وللدّنْيا! طِلابي نُجومُها
- ومَسعايَ منها في شُدوقِ الأراقِمِ
- من الحِلمِ أنْ تَستَعمِلَ الجهلَ دونَه
- إذا اتّسعتْ في الحِلمِ طُرْقُ المظالِمِ
- وأنْ تَرِدَ الماءَ الذي شَطْرُهُ دَمٌ
- فتُسقَى إذا لم يُسْقَ مَن لم يُزاحِمِ
- ومَنْ عَرَفَ الأيّامَ مَعرِفتي بها
- وبالنّاسِ رَوّى رُمحَهُ غيرَ راحِمِ
- فَلَيسَ بمَرْحُومٍ إذا ظَفِروا بهِ
- ولا في الرّدى الجاري عَلَيهم بآثِمِ
- إذا صُلْتُ لم أترُكْ مَصالاً لفاتِكٍ
- وإنْ قُلتُ لم أترُكْ مَقالاً لعالِمِ
- وإلاّ فخانَتْني القَوافي وعاقَني
- عنِ ابنِ عُبيدِالله ضُعْفُ العَزائِمِ
- عَنِ المُقْتَني بَذْلَ التِّلادِ تِلادَهُ
- ومُجْتَنِبِ البُخلِ اجتِنابَ المَحارِمِ
- تَمَنّى أعاديهِ مَحَلَّ عُفاتِهِ
- وتَحْسُدُ كَفّيْهِ ثِقالُ الغَمائِمِ
- ولا يَتَلَقّى الحرْبَ إلاّ بمُهْجَةٍ
- مُعَظَّمَةٍ مَذْخُورَةٍ للعَظائِمِ
- وذي لجَبٍ لا ذو الجَناحِ أمَامَهُ
- بنَاجٍ ولا الوَحشُ المُثارُ بسالِمِ
- تَمُرّ عَلَيْهِ الشّمسُ وهْيَ ضَعيفَةٌ
- تُطالِعُهُ من بَينِ رِيش القَشاعِمِ
- إذا ضَوْؤُها لاقَى منَ الطّيرِ فُرْجَةً
- تَدَوّرَ فَوْقَ البَيضِ مثلَ الدراهِمِ
- ويَخْفى عَلَيكَ الرّعدُ والبرْقُ فوْقَهُ
- منَ اللّمعِ في حافاتِهِ والهَماهِمِ
- أرَى دونَ ما بَينَ الفُراتِ وبَرْقَةٍ
- ضِراباً يُمِشّي الخَيلَ فوْقَ الجماجمِ
- وطَعنَ غَطارِيفٍ كأنّ أكُفّهُمْ
- عَرَفنَ الرُّدَيْنِيّاتِ قبلَ المَعاصِمِ
- حَمَتْهُ على الأعداءِ من كلّ جانبٍ
- سُيوفُ بني طُغجَ بن جُفّ القَماقِمِ
- هُمُ المُحسنونَ الكرَّ في حومةِ الوَغى
- وأحْسَنُ منهُ كَرُّهُمْ في المَكارِمِ
- وهم يحسنُونَ العَفْوَ عن كلّ مُذنبٍ
- ويحتَمِلونَ الغُرْمَ عن كلّ غارِمِ
- حَيِيّونَ إلاّ أنّهُمْ في نِزالِهِمْ
- أقَلُّ حَيَاءً مِنْ شِفارِ الصّوارِمِ
- ولَوْلا احتِقارُ الأُسدِ شَبّهتُهمْ بها
- ولكِنّها مَعدودَةٌ في البَهائِمِ
- سرَى النّوْمُ عني في سُرايَ إلى الذي
- صَنائِعُهُ تَسرِي إلى كلّ نائِمِ
- إلى مُطلِقِ الأسرَى ومُختَرِمِ العِدى
- ومُشكي ذوي الشّكوَى ورَغمِ المُراغمِ
- كريمٌ لَفَظتُ النّاسَ لمّا بَلَغْتُهُ
- كأنّهُمُ ما جَفّ مِنْ زادِ قادِمِ
- وكادَ سروري لا يَفي بنَدامَتي
- على تَرْكِهِ في عُمْرِيَ المُتَقَادِمِ
- وفارَقْتُ شرّ الأرْضِ أهْلاً وتُرْبَةً
- بها عَلَوِيٌّ جَدُّهُ غيرُ هاشِمِ
- بَلا الله حُسّادَ الأميرِ بحِلْمِهِ
- وأجْلَسَهُ مِنهُمْ مكانَ العَمائِمِ
- فإنّ لهمْ في سُرْعَةِ المَوْتِ راحَةً
- وإنّ لهُمْ في العَيشِ حَزَّ الغَلاصِمِ
- كأنّكَ ما جاوَدْتَ مَن بانَ جودُهُ
- عَلَيكَ ولا قاوَمْتَ مَنْ لم تُقاوِمِ
المزيد...
العصور الأدبيه