الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أليوم عهدكم فأين الموعد؟ >>
قصائدالمتنبي
أليوم عهدكم فأين الموعد؟
المتنبي
- ألْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟
- هَيهاتِ ليسَ ليَوْمِ عَهدِكُمُ غَدُ
- ألمَوْتُ أقرَبُ مِخْلَباً من بَيْنِكُمْ
- وَالعَيشُ أبعَدُ منكُمُ لا تَبعُدُوا
- إنّ التي سفَكَتْ دَمي بجُفُونِها
- لم تَدْرِ أنّ دَمي الذي تَتَقَلّدُ
- قالَتْ وقَد رَأتِ اصْفِراري من بهِ
- وَتَنَهّدَتْ فأجَبْتُها المُتَنَهِّدُ
- فَمَضَتْ وقد صَبَغَ الحَياءُ بَياضَهَا
- لَوْني كَما صَبَغَ اللُّجَينَ العَسجَدُ
- فرَأيتُ قَرْنَ الشّمسِ في قمرِ الدّجى
- مُتَأوّداً غُصْنٌ بِهِ يَتَأوّدُ
- عَدَوِيّةٌ بَدَوِيّةٌ مِنْ دُونِهَا
- سَلْبُ النّفُوسِ ونارُ حرْبٍ توقَدُ
- وَهَواجِلٌ وصَواهِلٌ ومَنَاصِلٌ
- وذَوابِلٌ وتَوَعّدٌ وتَهَدُّدُ
- أبْلَتْ مَوَدّتَها اللّيالي بَعْدَنَا
- ومَشَى عَلَيها الدّهرُ وهوَ مُقَيَّدُ
- بَرّحْتَ يا مَرَضَ الجُفُونِ بِمُمرَضٍ
- مَرِضَ الطّبيبُ لهُ وَعِيدَ العُوّدُ
- فَلَهُ بَنُو عَبْدِ العَزيزِ بنِ الرّضَى
- ولكُلّ رَكْبٍ عيسُهُمْ والفَدْفَدُ
- مَن في الأنامِ مِنَ الكِرامِ ولا تَقُلْ
- مَن فيكِ شأمُ سوَى شجاعٍ يُقصَدُ
- أعطى فقُلتُ: لجودِه ما يُقْتَنَى،
- وَسَطا فقلتُ: لسَيفِهِ ما يُولَدُ
- وَتَحَيّرَتْ فيهِ الصّفاتُ لأنّهَا
- ألْفَتْ طَرائِقَهُ عَلَيها تَبْعُدُ
- في كلّ مُعْتَرَكٍ كُلًى مَفْرِيّةٌ
- يَذْمُمْنَ منهُ ما الأسِنّةُ تَحمَدُ
- نِقَمٌ عَلى نِقَمِ الزّمانِ يَصُبّها
- نِعَمٌ على النّعَمِ التي لا تُجْحَدُ
- في شَانِهِ ولِسانِهِ وبَنَانِهِ
- وَجَنانِهِ عَجَبٌ لمَنْ يَتَفَقّدُ
- أسَدٌ دَمُ الأسَدِ الهِزَبْرِ خِضابُهُ
- مَوْتٌ فَريصُ المَوْتِ منهُ يُرْعَدُ
- ما مَنْبِجٌ مُذْ غِبْتَ إلاّ مُقْلَةٌ
- سهدتْ وَوَجْهُكَ نوْمُها والإثمِدُ
- فاللّيلُ حينَ قَدِمْتَ فيها أبْيَضٌ
- والصّبْحُ مُنذُ رَحَلْتَ عنها أسوَدُ
- ما زِلْتَ تَدنو وهْيَ تَعْلُو عِزّةً
- حتى تَوَارَى في ثَراها الفَرْقَدُ
- أرْضٌ لها شَرَفٌ سِواها مِثْلُهَا
- لوْ كانَ مثْلُكَ في سِواها يُوجَدُ
- أبْدَى العُداةُ بكَ السّرورَ كأنّهُمْ
- فرِحوا وعِندَهُمُ المُقيمُ المُقْعِدُ
- قَطّعْتَهُمْ حَسَداً أراهُمْ ما بهِمْ
- فَتَقَطّعُوا حَسَداً لمنْ لا يَحسُدُ
- حتى انْثَنَوْا ولَوْ أنّ حرّ قُلوبهمْ
- في قَلْبِ هاجِرَةٍ لَذابَ الجَلْمَدُ
- نَظَرَ العُلُوجُ فلَمْ يَروْا من حَوْلهم
- لمّا رَأوْكَ وقيلَ هذا السّيّدُ
- بَقيَتْ جُمُوعُهُمُ كأنّكَ كُلّها
- وبَقيتَ بَينَهُمُ كأنّكَ مُفْرَدُ
- لهفَانَ يَستوْبي بكَ الغَضَبَ الوَرَى
- لوْ لم يُنَهْنِهْكَ الحِجى والسّؤدُدُ
- كنْ حيثُ شئتَ تَسِرْ إليكَ رِكابُنا
- فالأرْضُ واحِدَةٌ وأنتَ الأوْحَدُ
- وَصُنِ الحُسامَ ولا تُذِلْهُ فإنّهُ
- يَشكُو يَمينَكَ والجَماجمُ تَشهَدُ
- يَبِسَ النّجيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ
- مِنْ غِمْدِهِ وكأنّما هوَ مُغْمَدُ
- رَيّانُ لَوْ قَذَفَ الذي أسْقَيْتَهُ
- لجَرَى منَ المُهَجاتِ بَحْرٌ مُزْبدُ
- ما شارَكَتْهُ مَنِيّةٌ في مُهْجَةٍ
- إلاّ وشَفْرَتُهُ على يَدِها يَدُ
- إنّ العَطايا والرّزايا والقَنا
- حُلَفاءُ طَيٍّ غَوّرُوا أوْ أنجَدُوا
- صِحْ يا لَجُلْهُمَةٍ تُجِبْكَ وإنّما
- أشفَارُ عَينِكَ ذابِلٌ ومُهَنّدُ
- من كلّ أكبَرَ مِنْ جِبالِ تِهامَةٍ
- قَلْباً ومِنْ جَوْدِ الغَوَادي أجوَدُ
- يَلْقاكَ مُرْتَدِياً بأحْمَرَ مِنْ دَمٍ
- ذَهَبَتْ بخُضرَتِهِ الطُّلَى والأكْبُدُ
- حتى يُشارَ إلَيكَ: ذا مَوْلاهُمُ
- وَهُمُ المَوَالي والخَليقَةُ أعْبُدُ
- أنّى يَكُونُ أبَا البَرِيّةِ آدَمٌ
- وأبوكَ والثّقَلانِ أنْتَ مُحَمّدُ
- يَفنى الكَلامُ ولا يُحيطُ بفَضْلِكُمْ
- أيُحيطُ ما يَفْنى بمَا لا يَنْفَدُ
المزيد...
العصور الأدبيه