الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> ألحزن يقلق والتجمل يردع >>
قصائدالمتنبي
ألحزن يقلق والتجمل يردع
المتنبي
- ألحُزْنُ يُقْلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَرْدَعُ
- وَالدّمْعُ بَيْنَهُمَا عَصِيٌّ طَيِّعُ
- يَتَنَازَعانِ دُمُوعَ عَينِ مُسَهَّدٍ
- هَذا يَجيءُ بهَا وَهَذَا يَرْجِعُ
- ألنّوْمُ بَعْدَ أبي شُجَاعٍ نَافِرٌ
- وَاللّيْلُ مُعْيٍ وَالكَوَاكبُ ظُلَّعُ
- إنّي لأجْبُنُ عَن فِراقِ أحِبّتي
- وَتُحِسّ نَفسِي بالحِمامِ فأشجُعُ
- وَيَزِيدُني غَضَبُ الأعادي قَسْوَةً
- وَيُلِمُّ بي عَتْبُ الصّديقِ فأجزَعُ
- تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ
- عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ
- وَلمَنْ يُغالِطُ في الحَقائِقِ نفسَهُ
- وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فتطمَعُ
- أينَ الذي الهَرَمانِ مِنْ بُنْيَانِهِ،
- ما قَوْمُهُ، ما يَوْمُهُ، ما المصرَعُ؟
- تَتَخَلّفُ الآثارُ عَنْ أصْحابِها
- حِيناً وَيُدرِكُها الفَنَاءُ فتَتْبَعُ
- لم يُرْضِ قَلْبَ أبي شُجاعٍ مَبلَغٌ
- قَبلَ المَمَاتِ وَلم يَسَعْهُ مَوْضِعُ
- كُنّا نَظُنّ دِيارَهُ مَمْلُوءَةً
- ذَهَباً فَمَاتَ وَكلُّ دارٍ بَلقَعُ
- وَإذا المَكارِمُ وَالصّوَارِمُ وَالقَنَا
- وَبَنَاتُ أعوَجَ كلُّ شيءٍ يجمَعُ
- ألمَجْدُ أخسَرُ وَالمَكارِمُ صَفْقَةً
- من أن يَعيشَ لها الهُمامُ الأرْوَعُ
- وَالنّاسُ أنزَلُ في زَمَانِكَ مَنزِلاً
- من أنْ تُعايِشَهُمْ وَقَدرُكَ أرْفَعُ
- بَرِّدْ حَشَايَ إنِ استَطعتَ بلفظَةٍ
- فَلَقَدْ تَضُرُّ إذا تَشَاءُ وَتَنْفَعُ
- مَا كانَ منكَ إلى خَليلٍ قَبْلَها
- ما يُسْتَرَابُ بهِ وَلا مَا يُوجِعُ
- وَلَقَدْ أرَاكَ وَمَا تُلِمّ مُلِمّةٌ
- إلاّ نَفَاهَا عَنكَ قَلبٌ أصْمَعُ
- وَيَدٌ كأنّ نَوَالَهَا وَقِتَالَهَا
- فَرْضٌ يحِقّ عَلَيْكَ وَهْوَ تبرُّعُ
- يا مَنْ يُبَدِّلُ كُلّ يَوْمٍ حُلّةً
- أنّى رَضِيتَ بحُلّةٍ لا تُنْزَعُ؟
- ما زِلْتَ تَخْلَعُهَا على مَنْ شاءَها
- حتى لَبِسْتَ اليَوْمَ ما لا تَخلعُ
- ما زِلْتَ تَدْفَعُ كُلّ أمْرٍ فادِحٍ
- حتى أتى الأمرُ الذي لا يُدفَعُ
- فَظَلِلْتَ تَنظُرُ لا رِماحُكَ شُرَّعٌ
- فيما عَرَاكَ وَلا سُيوفُكَ قُطَّعُ
- بأبي الوَحيدُ وَجَيشُهُ مُتَكاثِرٌ
- يَبكي وَمن شرّ السّلاحِ الأدْمُعُ
- وَإذا حصَلتَ من السّلاحِ على البكا
- فحَشاكَ رُعتَ به وَخدَّكَ تَقرَعُ
- وَصَلَتْ إليكَ يَدٌ سَوَاءٌ عِندَها الـ
- ـبازي الأُشَيْهِبُ وَالغُرابُ الأبقَعُ
- مَن للمَحافلِ وَالجَحافلِ وَالسُّرَى
- فَقَدَتْ بفَقْدِكَ نَيِّراً لا يَطْلُعُ
- وَمَنِ اتخذتَ على الضّيوفِ خَليفَةً
- ضَاعُوا وَمِثْلُكَ لا يكادُ يُضَيِّعُ
- قُبْحاً لوَجهِكَ يا زَمَانُ فإنّهُ
- وَجهٌ لَهُ من كُلّ قُبحٍ بُرْقُعُ
- أيَمُوتُ مِثْلُ أبي شُجَاعٍ فاتِكٍ
- وَيَعيشَ حاسِدُه الخصِيُّ الأوكَعُ
- أيْدٍ مُقَطَّعَةٌ حَوَالَيْ رَأسِهِ
- وَقَفاً يَصيحُ بها: ألا مَن يَصْفَعُ
- أبْقَيْتَ أكْذَبَ كاذِبٍ أبْقَيْتَهُ
- وَأخذتَ أصْدقَ من يقولُ وَيسمَعُ
- وَتَرَكْتَ أنْتَنَ رِيحَةٍ مَذْمُومَةٍ
- وَسَلَبْتَ أطيَبَ رِيحَةٍ تَتَضَوّعُ
- فَاليَوْمَ قَرّ لكُلّ وَحْشٍ نَافِرٍ
- دَمُهُ وَكانَ كأنّهُ يَتَطَلّعُ
- وَتَصَالَحتْ ثَمَرُ السّياطِ وَخَيْلُهُ
- وَأوَتْ إلَيها سُوقُها وَالأذْرُعُ
- وَعَفَا الطّرَادُ فَلا سِنَانٌ رَاعِفٌ
- فَوْقَ القَنَاةِ وَلا حُسَامٌ يَلمَعُ
- وَلّى وَكُلُّ مُخالِمٍ وَمُنَادِمٍ
- بعْدَ اللّزُومِ مُشَيِّعٌ وَمُوَدِّعُ
- مَنْ كانَ فيهِ لكُلّ قَوْم مَلجأٌ
- ولسيْفِهِ في كلّ قَوْمٍ مَرْتَعُ
- إنْ حَلّ في فُرْسٍ فَفيهَا رَبُّهَا
- كسرَى تذلّ لهُ الرّقابُ وَتخضَعُ
- أوْ حَلّ في رُومٍ فَفيها قَيصَرٌ
- أوْ حَلّ في عَرَبٍ فَفِيهَا تُبّعُ
- قد كانَ أسرَعَ فارِسٍ في طَعْنَةٍ
- فرَساً وَلَكِنّ المَنِيّةَ أسْرَعُ
- لا قَلّبَتْ أيدي الفَوَارِسِ بَعْدَهُ
- رُمحاً وَلا حَمَلَتْ جَوَاداً أرْبَعُ
المزيد...
العصور الأدبيه