الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> أقل فعالي بله أكثره مجد >>
قصائدالمتنبي
أقل فعالي بله أكثره مجد
المتنبي
- أقَلُّ فَعَالي بَلْهَ أكْثَرَهُ مَجْدُ
- وذا الجِدُّ فيهِ نِلْتُ أم لم أنَلْ جَدُّ
- سأطْلُبُ حَقّي بالقَنَا ومَشايخٍ
- كأنّهُمُ من طولِ ما التَثَموا مُرْدُ
- ثِقالٍ إذا لاقَوْا خِفافٍ إذا دُعُوا
- كَثيرٍ إذا اشتَدّوا قَليلٍ إذا عُدّوا
- وطعْنٍ كأنّ الطّعنَ لا طَعنَ عندَهُ
- وضرْبٍ كأنّ النّارَ من حرّهِ بَرْدُ
- إذا شِئتُ حَفّتْ بي على كلّ سابحٍ
- رِجالٌ كأنّ المَوْتَ في فَمِها شَهْدُ
- أذُمّ إلى هذا الزّمانِ أُهَيْلَهُ
- فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحزَمُهمْ وَغْدُ
- وأكرَمُهُمْ كَلْبٌ وأبصرُهُمْ عمٍ
- وأسهَدُهُمْ فَهدٌ وأشجَعُهم قِرْدُ
- ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى
- عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ
- بِقَلْبِي وإنْ لم أرْوَ منها مَلالَةٌ
- وبي عن غَوانيها وإن وَصَلتْ صَدُّ
- خَليلايَ دونَ النّاسِ حُزْنٌ وعَبرةٌ
- على فَقْدِ مَن أحبَبتُ ما لهُما فَقْدُ
- تَلَجُّ دُمُوعي بالجُفونِ كأنّما
- جُفُوني لعَيْنيْ كلِّ باكِيَةٍ خَدُّ
- وإنّي لتُغْنيني مِنَ الماءِ نُغْبَةٌ
- وأصبرُ عَنْهُ مثلَما تَصبرُ الرُّبْدُ
- وأمضي كما يَمضي السّنانُ لِطِيّتي
- وأطوَى كما تَطوَى المُجَلِّحةُ العُقدُ
- وأُكْبِرُ نَفسي عَن جَزاءٍ بغِيبَةٍ
- وكلُّ اغتِيابٍ جُهدُ مَن ما لَه جُهدُ
- وأرْحَمُ أقواماً منَ العِيّ والغَبَى
- وأعْذِرُ في بُغضِي لأنّهُمُ ضدُّ
- ويَمْنَعُني ممّن سوَى ابنِ محمّدٍ
- أيادٍ لهُ عندي تَضيقُ بهَا عِنْدُ
- تَوالى بلا وَعْدٍ ولَكِنّ قَبْلَها
- شَمائِلَهُ من غَيرِ وَعْدٍ بها وَعْدُ
- سرَى السّيفُ ممّا تَطبعُ الهندُ صاحبي
- إلى السّيفِ ممّا يطبَعُ الله لا الهِنْدُ
- فَلَمّا رآني مُقْبِلاً هَزّ نَفْسَهُ
- إليّ حُسامٌ كلُّ صَفْحٍ لهُ حَدُّ
- فلم أرَ قَبلي مَن مَشَى البحرُ نحوَهُ
- ولا رَجُلاً قامَتْ تُعانِقُهُ الأُسْدُ
- كأنّ القِسِيّ العاصِياتِ تُطيعُهُ
- هَوًى أو بها في غيرِ أُنْمُلِهِ زُهْدُ
- يكادُ يُصيبُ الشيءَ من قَبلِ رَمْيِهِ
- ويُمْكِنُهُ في سَهْمِهِ المُرْسَلِ الرّدُّ
- ويُنْفِذُهُ في العَقْدِ وهْوَ مُضَيَّقٌ
- من الشّعرَةِ السّوداءِ واللّيلُ مُسوَدُّ
- بنَفسي الذي لا يُزْدَهَى بخَديعَةٍ
- وإنْ كَثُرَتْ فيها الذّرائعُ والقَصْدُ
- ومَنْ بُعدُهُ فَقْرٌ ومَن قُرْبُهُ غنًى
- ومَنْ عِرْضُهُ حُرٌّ ومَن مالُهُ عَبْدُ
- ويَصْطَنِعُ المَعْرُوفَ مُبْتَدِئاً بهِ
- ويَمْنَعُهُ من كلّ مَن ذمُّهُ حَمدُ
- ويَحْتَقِرُ الحُسّادَ عن ذِكْرِهِ لهُمْ
- كأنّهُمُ في الخَلقِ ما خُلِقوا بَعدُ
- وتأمَنُهُ الأعداءُ منْ غيرِ ذِلّةٍ
- ولكن على قَدْرِ الذي يُذنبُ الحِقدُ
- فإنْ يَكُ سيّارُ بنُ مُكرَمٍ انقَضَى
- فإنّكَ ماءُ الوَرْدِ إنْ ذهبَ الوَرْدُ
- مَضَى وبَنُوهُ وانْفَرَدْتَ بفَضْلِهِمْ
- وألفٌ إذا ما جُمّعَتْ واحِدٌ فَرْدُ
- لَهُمْ أوْجُهٌ غُرٌّ وأيْدٍ كريمَةٌ
- ومَعْرِفَةٌ عِدٌّ وألْسِنَةٌ لُدُّ
- وأرْدِيَةٌ خُضْرٌ ومُلْكٌ مُطاعَةٌ
- ومَركوزَةٌ سُمْرٌ ومُقرَبَةٌ جُرْدُ
- وما عِشْتَ ما ماتُوا ولا أبَواهُمُ
- تَميمُ بنُ مُرٍّ وابنُ طابخَةٍ أُدُّ
- فبَعضُ الذي يَبدو الذي أنا ذاكِرٌ
- وبعضُ الذي يخفَى عليّ الذي يَبدو
- ألُومُ بهِ مَنْ لامَني في وِدادِهِ
- وحُقَّ لخَيرِ الخَلْقِ من خَيرِهِ الوُدُّ
- كَذا فَتَنَحّوْا عَن عَليٍّ وطُرْقِهِ
- بني اللّؤمِ حتى يَعبُرَ المَلِكُ الجَعدُ
- فَما في سَجاياكُمْ مُنازَعَةُ العُلَى
- ولا في طِباعِ التُّربَةِ المِسكُ وَالنَّدُّ
المزيد...
العصور الأدبيه